خرجت مظاهرات شعبية، اليوم الجمعة، في أكثر من 15 مدينة وبلدة سورية في أرياف محافظتي حلب وإدلب، الواقعة ضمن "درع الفرات وغصن الزيتون وخفض التصعيد الرابعة"، التي تُسيطر عليها المعارضة، شمال غربي البلاد، تحت شعار "استعادة القرار الوطني"، وذلك استجابة لدعوة وجهتها "تنسيقيات الثورة السورية للحراك" الشعبي.

وطالب المتظاهرون بتفعيل الحراك الشعبي للضغط على التشكيلات السياسية التابعة للمعارضة السورية، وطالبوا بمحاسبة النظام السوري على جرائمه التي ارتكبها بحق الشعب السوري.

وخلال مشاركتهم بمظاهرات اليوم، أكد المشاركون عدم اعترافهم بـ"الائتلاف الوطني السوري" و"هيئة التفاوض السورية"، مجددين رفضهم المُطلق الصلحَ مع رئيس النظام بشار الأسد أو التطبيع معه بأي شكلٍ من الأشكال.

كما شددوا على استمرارية الثورة السورية بمطالبها المُحقة والمشروعة حتى نيل الحرية والعدالة للشعب السوري.

وعن المظاهرات الشعبية، قال الناشط عمر الأخرس العضو في "تنسيقيات الثورة السورية للحراك الشعبي"، في حديث لـ"العربي الجديد"، إننا "اليوم نتظاهر في بلدة الأبزمو بريف حلب الغربي تحت مُسمى استعادة القرار الوطني، لنقول للعالم أجمع وكل من سولت لهم أنفسهم وباعوا الثورة السورية، أننا سنستعيد القرار للثوار الحقيقيين الذين هم من يمثلون هذه الثورة العظيمة".

وتابع أن "هذه الثورة ليست لمن يخرج ويسكن في الخارج ويمثّل الثورة ويكون عبئاً عليها"، مخاطباً إياهم: "تباً لكم ولما صنعته أيديكم من تخاذل واستسلام في هذه الثورة العظيمة التي قدمت مليون شهيد".

 وأكد أن "هذه الثورة لن تتراجع حتى إسقاط النظام وتحقيق مطالبها بالكامل"، لافتاً إلى أنه "في كل جمعة، ستكون هناك تظاهرات حتى تحقيق أهداف الثوار في استعادة القرار الوطني".

من جهته، أوضح نزار حمادي، وهو عضو في أمانة السر لدى "تنسيقيات الثورة السورية للحراك الشعبي"، أن "النظام المجرم راهن على كسر إرادة الشعب السوري عبر القتل والتهجير، ولم يكتف بذلك، بل استجلب قوى الاحتلال والإجرام المتمثلة بروسيا وإيران والعصابات والمليشيات والمرتزقة".

وأضاف أن "النظام لا يعلم أنه كلما زاد حجم الألم والمعاناة، ازدادت عزيمة الثوار على المضي قدماً في تحقيق أهداف الثورة"، وتابع: "ها هو الشعب السوري اليوم بعد 11 عاماً يثبت أنه ما زال متمسكاً بثوابته ومبادئ ثورته عبر المظاهرات في ساحات الحرية والكرامة".

 ولفت إلى أن "الثوار والنشطاء عنونوا هذه الجمعة باسم استعادة القرار الوطني"، مشدداً على أنه "لن نصالح ولن نساوم على دماء شهداء الثورة السورية، ولن ننسى معتقلينا أبداً".

 وأكد أن "المعتقلين السوريين قضية فوق التفاوض، وأنها ثورة حتى النصر وإسقاط النظام".

بدوره، قال أحمد حجازي، وهو أحد الذين شاركوا في مظاهرة بلدة الأبزمو بريف حلب الغربي: "اليوم خرجنا في هذه التظاهرة لاستعادة القرار الوطني، وإسقاط الائتلاف وهيئة المفاوضات التي تفاوض على دماء الأبرياء".

وأكد: "لا نعترف بهيئة المفاوضات التي لا تمثلنا وهي خارج البلاد"، مطالباً بأن "تكون هناك هيئة مفاوضات داخلية أو استعادة القرار الوطني للثوار الحقيقيين الذين هم بالداخل وليسوا بالخارج".

وفي وقت سابق اليوم، دعت "تنسيقيات الثورة السورية للحراك الشعبي" إلى التظاهر في جميع المدن والبلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب البلاد، تحت شعار "استعادة القرار الوطني".

وقالت التنسيقيات، في بيانها، إن "الثورة السورية تبحث منذ سنوات، وما زالت، عن هويتها الوطنية عبر ممثلية سياسية تليق بتضحيات شعبنا العظيم وما يتطلع إليه في الحرية والعدالة والكرامة".

وأشارت إلى أن الهدف من المظاهرة تحت شعار "استعادة القرار الوطني" جاء لـ"استكمال ما بدأناه في عودة الشرعية لأبناء الثورة السورية، والخلاص من الممثليات الافتراضية للثورة السورية، كالائتلاف وهيئة التفاوض وآخرها اللجنة الدستورية، التي ساهمت بشكلٍ كبير في مصادرة قرار الثورة والثوار في التغيير، وجعلته مرتهناً لمصالح إقليمية ودولية سببت المزيد من الغربة والخسران في حق الشعب السوري".

وكانت أكثر من 35 مدينة وبلدة قد شهدت مظاهرات شعبية غاضبة خلال الأسبوعين الماضيين ضمن مناطق سيطرة المعارضة السورية، رداً على تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو حول سعي بلاده للمصالحة بين النظام والمعارضة، وإعادة العلاقات مع النظام السوري، معبرين عن رفضهم الصلح مع النظام، مطالبين بإسقاطه ومحاسبته.

توازياً، ألغى نشطاء في مدينة الباب بريف حلب الشرقي المظاهرة التي كان من المقرر أن تكون بعد صلاة الجمعة اليوم، عقب المجزرة التي راح ضحيتها 14 مدنياً بينهم أربعة أطفال وامرأة، بالإضافة إلى 42 جريحاً بعضهم في حالة حرجة، نتيجة قصف مصدره نقطة عسكرية تتمركز فيها قوات النظام السوري و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) استهدف سوقاً شعبياً في المدينة.

ونفى المتحدث الإعلامي باسم "قسد" مسؤوليتها عن استهداف مدينة الباب، قائلاً: "لا علاقة لقواتنا بشكلٍ مباشر أو غير مباشر بالقصف الذي تعرضت له مدينة الباب".

بدورها، أكدت "إدارة التوجيه المعنوي"، التابعة لوزارة الدفاع في "الحكومة السورية المؤقتة"، مسؤولية نظام الأسد عن مجزرة مدينة الباب.

وقالت في بيانٍ لها إن "عصابة الأسد المجرم استهدفت الأحياء المدنية في مدينة الباب، ما أدى إلى ارتقاء 14 شهيداً في حصيلة أولية مرشحة للارتفاع".

وأوضح بيان إدارة التوجيه أنه "مرة جديدة يثبت هذا النظام المجرم للعالم أنه لا يفهم إلا لغة القتل والدم والتدمير، وأن أحداً لن يستطيع ثنيه عن إجرامه وجره إلى عملية سياسية تُفضي إلى انتقال سياسي سلمي للسلطة".

في غضون ذلك، أكد "المجلس الإسلامي السوري"، في بيانٍ له حول مجزرة مدينة الباب، أن "عدوان نظام الأسد على المدينة يؤكد أن هذه العصابة الحاكمة مجرمة وإرهابية لا يمكن التصالح معها بحال من الأحوال"، لافتاً في بيانه إلى أن "توقيت هذا العدوان هو رد على كل من يروج للتفاوض أو التصالح معها".

وأوضح المجلس أن "عدوان اليوم يؤكد الحقيقة القاطعة أن هذا النظام لا يمكن اجتثاثه ولا ردعه إلا بالقوة والإرغام، والرد القوي من فصائل الثوار على النيران ومصادرها"، مُشيراً إلى أن "من يروج لإعادة اللاجئين بحجة أمان المناطق المحررة واهم"، مؤكداً أن "هذه المناطق ليست آمنة وأن الصور البشعة لجريمة اليوم أكبر دليل وشاهد على ذلك".

وكان نشطاء قد عبّروا عن استيائهم، أمس الخميس، بعد طمس وسم "لن نصالح" الذي كُتب على بعض الجدران من قبل المتظاهرين في منطقتي "درع الفرات وغصن الزيتون" شمالي محافظة حلب، شمالي سورية، رفضاً للتطبيع مع النظام.

وقالت "شبكة شام الإخبارية" إن "مؤسسات تابعة للجيش الوطني قامت بطمس عبارات خاصة بحملة "لن نصالح" على جدران الأبنية في مدينتي أعزاز وعفرين".