فتحي السيد 

في ذكرى رحيل فضيلة الأستاذ مصطفى مشهور المرشد الخامس لجماعة الإخوان المسلمين نسأل الله عز وجل أن يغفر له ويرحمه ويتقبله في الصالحين .

لقد كان رحمه الله علماََ من أعلام الدعوة الإسلامية في العصر الحديث ورمزاً من رموز الحركة الإسلامية في مصر والعالم العربي والإسلامي .

ذلك الجبل الأشم الذي علمنا الدعوة والتربية والعمل والسياسة، ولم تشغله السياسة عن الدعوة والتربية ، كما لم تبعده الدعوة و التربية عن العمل السياسي ، فقد كان يكتب في هذه المجالات كلها، ويصول ويجول في ميادينها بحنكة تدل على تجاربه العميقة في هذه المجالات التي كان يوازن بينها، بحيث لا تغطي إحداها على الأخريات. - اهتمَّ بالصف المسلم وبترسيخ مفاهيم العمل الجماعي والتحذير من الخروج على الجماعة أو محاولة إيجاد تكتلات داخلية حول أشخاص أو أفكار وآراء.

- كان يرفض إقامة تحالفات مع الغير أثناء الحركة بالدعوة، إذا كانت هذه التحالفات يترتب عليها تنازلات أو انتقاص من مبادئ الإسلام الذي نعمل على التمكين له.

- قعَّد لمشروع الدعوة الفردية ووضع له تصورًا يعكس اهتمامه بقضية الفرد التي هي البنيان الأساس والشريان الحيوي في جسد الجماعة المسلمة .

 وإن كان العمل التربوي هو المقدم عنده، لأنه أمضى سنوات مديدة مع طلبة الجامعات، يربيهم ويغرس غراس الإيمان والتضحية والبذل في نفوسهم؛ ليكونوا مؤهلين لتسلم العمل المناسب لكل منهم؛ وليكونوا قادة المستقبل وحملة الراية، وكان يعتبر تغليب العمل السياسي على العمل الدعوي والتربوي انحرافاً عن مسار الجماعة .

وقد تناول الأستاذ- رحمه الله- بالشرح والتحليل المقومات العشرة اللازم توفرها في الفرد المسلم في رسالةٍ له بعنوان: "مقومات رجل العقيدة على طريق الدعوة"، فكان من أوائل من شرح كلام الإمام الشهيد في أسلوبٍ سهلٍ بسيط؛ يجمع فيه بين المعاني الروحية، والصفات التربوية، والقيم الحركية.

يقول الأستاذ مصطفى الطحان :

الشارح الأول  لمبادئ الدعوة لقد كان الشيخ مصطفى مشهور صاحب مدرسة فكرية وسياسية ودعوية تحتاج إلى دراسة دقيقة لاستخلاص عناصرها ومقوماتها وما فيها من دروس وعبر.

إن من يقرأ كتب ومقالات الأستاذ مصطفى مشهور، يتوقف أمام فكرة أساسية هي: المضي في طريق الدعوة مهما كانت العقبات، وامتزاج شخصية الداعية بها، وتغلغلها في أعماقه، حتى لقبه البعض بالشارح الأول لمبادئ دعوة الإخوان المسلمين،

 ولقد احتلت فكرة  ضبط الدعوة بأصولها، ووزنها بميزان مبادئها حيزاً  كبيراً في فكره وكتاباته، وكان أبرز ما شغله في حياته، التوازن بين الدعوة في حركتها العامة، وخاصة على صعيد العمل السياسي، وبين ميدانها الأصيل وهو ميدان العمل التربوي.

ربى أجيالا وغرس فيها الايمان والتضحيه وعلمهم البذل والعطاء حتى أصبحوا من بعده قاده يحملون الراية التي سلمها لمن بعده ووضح لنا في كثير من مؤلفاته التي تركها لنا .

عمل الأستاذ مصطفى مشهور على نشر فكر جماعه الاخوان المسلمين بين طلاب الجامعة وبين إخوانه، وكان حريصا رحمه الله على إرساء المبادئ التي تعلمها وعلى الدعوة التي اعتنق فكرها .

يقول عنه أحد تلاميذه :

رجل سار على الطريق الصحيح ...
يلقاك بابتسامة ودود ...
ويصافحك بحرارة ...
ويذكرك بالله ...
ويوصيك بالدعوة إليه...
ويدعوك إلى العمل لدينه ...
والبذل والتضحية فى سبيله ...
والصبر والثبات على هذا الطريق
ويبشرك بمستقبل مشرق لهذا الدين ...
بصوت حنون يحمل خبرة العمر وتجربة السنين وصدق ما له مثيل يجعلك رغما عنك تنحني لتقبل يديه ...
عاش مجاهدا وظل صابرا محتسبا ولقى ربه صائما...
أكرمنى الله عز وجل بلقائه مرتين
كانا لقائين سريعين ولكنهما تركا فيّ أثرا عميقا لصدق الرجل وإخلاصه؛ فالرجل كان يتنفس هذه الدعوة ويحياها

لا زلت أذكر كلماته التى رددها على مسامعنا يومئذ :
(الإيمان أهم سلاح نتسلح به، يصبرنا، ويثبتنا، ويطمئننا أن المستقبل للإسلام، فعلينا أن نصبر، ونثابر، حتى يتحقق وعد الله بالنصر – إن شاء الله ).

عاش متواضعا بسيطا بين إخوانه فكان كل من حوله يكنون له كثيرا من الاحترام والتقدير، وكان، رحمه الله، قلبه معلق بالمساجد حتى في آخر حياته كان لا يترك الصلاة في جماعة حتى مع ما في جسده من المرض .

لقد تعلمنا منه الكثير والكثير فقد كان قدوة لإخوانه في صموده وجهاده، وفهمه وعطائه، ونشره للدعوة، واقتداء بمن سبقوه حتى توفاه الله في يوم الخميس التاسع عشر من رمضان 1423هـ  الرابع عشر من شهر نوفمبر في عام 2002.

الأستاذ مصطفى مشهور تاريخ حافل وجهاد مستمر لم ينقطع حتى آخر أنفاسه فهو من المربين القدوات الذين كان لهم عظيم الأثر في هذه الدعوة المباركه دعوة الإخوان المسلمين نسأل الله ان يتغمده برحمته وأن يثبتنا ويلحقنا به في الصالحين .