دعوة الحق والقوة والحرية، دعوة إسلامية النهج، ربانية القصد، محفوظة بحفظ الله، لأنها دعوته سبحانه، هي في حنايا القلوب، لأنها روح تسرى فى جسد الأمة، وبقاؤها ليس فى الأوراق الرسمية أو المقرات والأبنية، إنما هي باقية ببقاء منهج الله لأنها دعوته سبحانه. (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32)) (التوبة).

هي دعوة تسكن في حنايا القلوب والصدور قبل المقرات والدور، دعوة نعيش بها ولها، ونقدم الغالى من أجلها، لأن الله غاية من يسيرون على دربها.

وقلوب الصادقين تنبض بحب دعوتهم، يعيشون لها وبها، تجري في عروقهم، لا تفارقهم، فهي معهم في حلهم وترحالهم في غناهم وفقرهم، في قولهم وفعلهم، في ضيقهم وسعتهم، في أفراحهم وأتراحهم، في استضعافهم وتمكينهم، فلا عجب في ذلك فهي دعوة ربهم ونهج نبيهم. لذلك من تكلموا عن الإمام حسن البنا قالوا: «كان الرجل يفيض قلبه حباً وإخلاصاً لدعوته، فقد عاش بها ومات في سبيلها».

شرف الانتساب لدعوة الحق

يا رفاق الدرب، ويا أصحاب دعوة الحق: إنكم تنتسبون لدعوة الاسلام العظيم، دعوة خير رسول أُرسل، وخير كتاب أُنزل، دعوة أدق وأصدق ما تُوصف به أنها (ربانية -قرآنية- محمدية، إسلامية شاملة – عالمية عاملة)؛ فهنيئًا لمن انتسب لها وحمل لواءها وجاهد فى سبيلها. (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)) (فصلت)، فيا لها من رفعة ومنزلة أن يحيا المرء في كنف دعوة الحق مخلصًا لربه عاملًا لدينه.

ومن ينتسبون لدعوة الحق رسمياً وعملياً، قولياً وفعلياً، في شَرَفٍ مَرُومِ، لماذا؟ لأنهم أصحاب دعوة تملأ الأرض خيراً ورشداً، بمبادئها وجهاد أبنائها، دعوة لا تعرف الحدود، ولا تقف أمامها الحواجز والتخوم، دعوة لا يحول دونها جنس ووطن أو لغة ولون، وبالتالي وجب الاعتزاز بها، والفخار بالانتساب لها، والتمسك بمبادئها والتزام طريقها، ليس فخر عصبية و مباهاة، ولكنه فخر عزة وعمل وجهاد مع ركب الصالحين وزُمرة الدعاة المُصلحين.

(1) نعتز بدعوتنا: لأننا أبناء دعوة إسلامية أصيلة، تضرب بجذورها في عمق التاريخ، دعوة محمد بن عبد الله، ﷺ. دعوة امتدت طولاً حتى شملت آباد الزمن، وامتدت عرضاً حتى شملت آفاق الأمم، وامتدت عمقًا حتى انتظمت واستوعبت شئون الدنيا والآخرة.

(2) نعتز بدعوتنا: لأننا نرى أن الإنتماء لها شرف ورفعة، وبالتالي لا نخجل في عرض أنفسنا على الناس بصراحة ووضوح، فليس الانتماء لها والعمل لدين الله من خلالها سُبَةُ أو نَقيصَة، لأننا بأخلاق نبينا وتعاليم ديننا نتحرك بين الناس، والناس يعرفوننا جيدًا في القرى والمدن والشوارع والأحياء، بما نحمل من خير لقومنا ووطننا وأمتنا.

(3) نعتز بدعوتنا: لأنها دعوة الحق والقوة والحرية، وأن الانتماء لها انتماء رجولة ونخوة وإباء، فلا نشعر بالذل أو الانكسار أو الدنية ونحن نحمل أعظم راية، ونقوم بأشرف مهمة، ونؤدي أقدس واجب، ونسير فى أفضل ركب تحت لواء القرآن، ولواء قدوتنا محمد العدنان.

(4) نعتز بدعوتنا: لأنها دعوة لها تاريخ أصيل وجهاد طويل، دعوة اسلامية صميمة كما وصفها الإمام البنا: «إسلامية صميمة، على الإسلام تعتمد، ومنه تستمد»، كما أنها دعوة مبادئ وقيم، كما وضح الإمام في موضع آخر: «إن دعوة الإخوان المسلمين دعوة مبدأ»، من هنا كان شرف الإنتماء لها.

(5) نعتز بدعوتنا: لأنها دعوة التضحية والرباط والجهاد، دعوة الذود عن شرف الأمة واستعادة مجدها، دعوة تحرير الاوطان من نير الظلم والطغيان، دعوة حماية مقدسات الأمة وتحرير أرضها من كل سلطان أجنبي بغيض، دعوة الخلاص من ذُل العبودية الى عز الحرية تحت راية القرآن ولواء النبي العدنان ﷺ.

(6) نعتز بدعوتنا: لأن أعمق ما في دعوتنا الإيمان، وأرسخ ما فيها الثقة، وأعظم ما فيها التضحية، وأجمل ما فيها الحب، وأرقى ما فيها الفهم، وأبقى ما فيها العطاء، وأندى ما فيها الوفاء، وأتم ما فيها البناء، وأوسع ما فيها الأمل، وأثمر ما فيها العمل.

(7) نعتز بدعوتنا: لأنها نقلتنا من دائرة السكون والعجز الى ميدان الحركة والبذل، ومن حالة اليأس والسلبية الى آفاق الأمل والإيجابية، ومن ساحة الخمول والهمل الى ميدان العطاء والعمل، ومن دياجير الأثرة والانعزال إلى أنوار الفداء وجميل الفِعَال.

فما أعظمها من نعمة، وما أشرفها من رسالة، فقد بارك الله بها الأعمال والأوقات، ورفع بها الشأن والدرجات، كما أعطى بها الأجر وأحسن بها الذكر، من هنا وجب الاعتزاز بها، ودوام العمل على دربها.

إلى الذين آمنوا بسمو دعوتهم:

إن الذين آمنوا بسمو دعوتهم وقدسية فكرتهم يجب عليهم أن ينطلقوا من هذا الإيمان إلى كل ميدان؛ يبذلون ويُضحون من أجل دعوتهم، بالنفس والمال والوقت والحياة وكل شيء فى سبيل عزها ورفعتها، فلا تضيع فى سبيل دعوة الحق تضحية.

أما من ينتسبون لها ويبخلون عليها، أو يُعطُونها ما بَقِيَ من أوقاتهم، أو يُؤخرونها فى مراتب أولوياتهم، فلابد أن يُراجعوا أنفسهم ويتفقدوا قلوبهم، لأنها دعوة خالصة لا تقبل الشراكة، ولا يليق بها أن تكون آخر الهم أو تنال فضل الوقت.