عودة الروح لمشروع يناير الوطني
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وعلي آله وصحبه ومن والاه.
وبعد....
قال تعالي:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (آل عمران: 103).
لم تكن ثورة يناير - ولن تكون - مجرد ذكرى يتم الاحتفال بها كل عام، أو حدثاً عابراً يقف أمامه الناس للتأمل ثم ينصرف كل منهم إلى حال سبيله، ولكن يناير كانت - وما زالت - مشروعاً وطنياً اجتمعت عليه إرادة الشعب المصري بكل مكوناته، فكانت بمثابة الأمل الذي بعث فيه روحاً جديدة.
لقد جمع مشروع يناير حوله قلوب المصريين ،وتكاتفت معه كل الجهود المخلصة لمحاولة إنجاحه وتحقيق أهدافه، وفي مقدمتها إقرار حق الشعب في اختيار من يحكمه، ومقاومة دولة الفساد والاستبداد بما يضمن تحقيق شعارات وأهداف الثورة المباركة في الحرية والعيش الكريم والعدالة الاجتماعية.
وكان من ثمار هذه الثورة، التوافق الوطني بين كافة مكونات الشعب وعدم إقصاء أي تيار سياسي أو فكري والتأكيد على أن الجميع شركاء لا أجراء، وهو ما عبر عنه فضيلة المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمون" الأستاذ الدكتور محمد بديع - فك الله أسره وإخوانه وكل من معهم - بأن مصر تحولت مع يناير إلى اتحاد ملاك يشعر فيه الجميع بأنه شريك في ملكية البلد وليس غريباً عنها ".
ثم توجت ثورة يناير نجاحاتها بانتخاب الرئيس الشهيد محمد مرسي- يرحمه الله- كأول رئيس مدني من خلال انتخابات تعددية شهد العالم بنزاهتها، وما سبقها من انتخابات أفرزت برلماناً شعبياً حراً، ثم الاستفتاء على دستور معبر عن إرادة الشعب المصري .
والآن وبعد تسع سنوات من الانقلاب العسكري، قد يتصور البعض أن مشروع يناير قد انتهى أو كاد، إلا أن حقائق الواقع تؤكد أن هذا المشروع ما زال مستمراً ولم ينحسر، قائماً ولم ينكسر، بل ما زال يصارع مشروع الاستبداد ويقاومه بكل قوة ويحاصره في ساحة الفشل ويرفع عنه غطاء الشرعية ويأبى أن يبعث فيه روح الحياة.
وفي هذه المرحلة المصيرية من تاريخ مصر تؤكد جماعة "الإخوان المسلمون" أن العودة إلى مشروع يناير الوطني، هي الحل الوحيد للخروج من الأزمة التي خلفها الانقلاب العسكري، وهي البداية الحقيقية للعودة إلى مطالب يناير التي يتطلع شعب مصر العظيم إلى تحقيقها.
وتؤكد الجماعة للكافة أنها تبسط أيديها لكل محبٍ لهذا الوطن، وكل حريص على إحياء مشروع يناير وعودته إلى مساره الصحيح، ليكون بمثابة القاعدة التي يتوافق عليها الجميع ويتعاونوا عليها لمواجهة آثار هذا الانقلاب وما نجم عنه من كوارث، وحينها ستلوح معالم انتصار إرادة الشعب كل الشعب: {... وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيباً} [الإسراء: 51].
والله أكبر ولله الحمد
أ.د محمود حسين
القائم بأعمال المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمون"
 الثلاثاء 2 رجب 1444هـ الموافق 24 يناير 2023م