بقلم: فتحي السيد 

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله الحمد لله على نعمة الإسلام، وكفى بها نعمة، وما أعظمها من نعمة، ثم الحمد لله الذي اصطفانا من خلقه وجعلنا من حملة لواء الحق وناشرين لدعوة الحق على نهج سيد الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، نقتدي به، ونقتفي أثره، ونسير على دربه متبعين غير مبدلين، متمسكين غير مبتدعين، عاملين غير متكاسلين ؛فاللهم ثبتنا على ذلك إلى يوم الدين .

فالطريق إلى الله طريق واحد، أرشد إلى معالمه الحق سبحانه وتعالى، ووضح دروبه النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الطريق لا يصلح فيه التباطؤ والتماوت والكسل، بل الواجب فيه المسارعة للخيرات، واغتنام الأوقات، والمنافسة في الطاعات، وإرشاد الضالين، وإيقاظ الغافلين، وتنبيه الساهين، والاجتهاد مع المجتهدين، والتشمير عن ساعد الجد مع العاملين النشطين.

يقول الشهيد سيد قطب رحمه الله: [إن الطريقَ شاقة، إن الطريقَ ليست مفروشةً بالزهور والورود، إن الطريق مليئةً بالأشواك.. لا.. بل إنها مفروشة بالأشلاء والجماجم، مزينةً بالدماء، غير مزينةٍ بالورودِ والرياحين.. إن سالكه لن يفوته المنصب وحده، ولن يفوته الجاه وحده، ولن تفوته السيادة وحدها في هذه الأرض، ولكن سيتحمل قولاً ثقيلاً، وسيتحمل جهدًا ثقيلاً، وسيجتاز طريقًا ثقيلاً.]

 ويقول الإمام ابن القيم - رحمه الله - في كتابه الفوائد: [يا مُخنث العزم: أين أنت؟! والطريق طريق تعب فيه آدم، وناح لأجله نوح، ورُمي في النار الخليل، وأُضجع للذبح إسماعيل وبيع يوسف بثمن بَخْس ولبث في السجن بضع سنين، ونُشِرَ بالمِنشار زكريا وذُبح السيد الحَصُور يحيى، وقاسى الضرَّ أيوب، زاد في المقدار بكاء داود وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد صلى الله عليه وسلم]

ويقول الأستاذ مصطفى مشهور- رحمه الله : "الطريق الصحيح لأداء واجباته ومتطلبات الإسلام منه ولكي ينطلق في عمله وحركته وجهاده وإنتاجه في حقل الدعوة بكل طاقاته دون تردد ولا كسل ودون تأثر بتشكيك أو تثبيط ". 

وتزداد حاجة من يسلك طريق الدعوة إلى الاطمئنان والتثبت إذا علم أن الشيطان يقعد له على الطريق محاوًلاً صرفه دون يأس وقد ألزم نفسه بهذه المهمة :{ قال فبما أغويتنى لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم  وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين } ، واﷲ يحذرنا من ذلك ويدعونا إلى التزام صراطه فيقول :{ وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون } . 

وليس بالضرورة أن يكون الانحراف عن الصراط إلى لهو أو فسق ، ولكن يمكن أن يأتيه من قبل الإسلام نفسه بانحراف فكرى أو رأي يزينه له ويصرفه بذلك عن الطريق الصحيح .

لذلك كان لزامًاً علينا - ونحن على طريق الدعوة - أن نتواصى بالحق ونتواصى بالصبر ، وأن يأخذ بعضنا  بأيدي بعض ويرشد السابقون منا على الطريق إخوانهم اللاحقين بهم ويحذرونهم من العقبات و المنعطفات كى يتخطوا العقبات ويتحرزوا من المنعطفات ، وهذا من أوجب واجبات الأخوة ، خاصة إذا علمنا أن الذى ينحرف لا يشعر أنه انحرف ويلبس عليه إبليس أنه على الطريق الصحيح وغيره هو الذى انحرف . 

ولابد مع هذا الإرشاد و التحذير من التزود بزاد الإيمان و التقوى فبنور الإيمان يُبصِّر الطريق ويحمى من الزيغ عنه : 

(أومن كان ميتًاً فأحييناه وجعلنا له نورًاً يمشي به فى الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها )

(إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون وإخوانهم يمدونهم فى الغي ثم لا يقصرون).  من كتاب تساؤلات على الطريق.

ولقد رغّب المصطفى صلى الله عليه وسلم أمته بدعوة غيرهم إلى الله ببيان عظيم ثواب وجزيل أجر من يكون سببا في هداية رجل واحد، ففي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه حين دفع له الراية يوم خيبر: (..... فوالله لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من أن يكون لك حمر النعم) متفق عليه.

وفي صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا) .

اللهم ثبتنا على الحق واستعملنا ولا تستبدلنا.