قالت منظمة العفو الدولية، الجمعة، إنه يجب على السلطات الهندية والمصرية معالجة أزمات حقوق الإنسان والإفلات من العقاب المستمرة في البلدين، حيث تستضيف الهند قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي ضيف شرف في احتفالاتها بيوم الجمهورية.

وخلال السنوات الأخيرة، قمعت السلطات بشدة، في كلا البلدين، الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والتجمع السلمي، وتقاعست عن التصدي لقضية التمييز المجحف المتجذر ضد الأقليات الدينية، حسب المنظمة الحقوقية.

وقال "فيليب لوثر"، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة: "تتسم أزمات حقوق الإنسان الحالية في الهند ومصر بالإفلات المستحكم من العقاب، وإساءة استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب لتضييق الخناق على الحيز المدني، والمعارضة السلمية".

وتابع: "يظهر كلا البلدين أوجه تشابه بارزة في محاولاتهما لمضايقة وترهيب جميع منتقدي ومعارضي الحكومة الفعليين أو المفترضين لإسكات أصواتهم. يجب وضع حد لهذا الاعتداء بلا هوادة على حقوق الإنسان".

قمع الأصوات المعارضة

وحسب "لوثر" يتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان، والمحامون، والمعارضون السياسيون، والمتظاهرون السلميون، والأكاديميون، والطلاب، للاعتقال والاحتجاز التعسفيين، والملاحقات القضائية الجائرة، وأشكال أخرى من المضايقة والترهيب، لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية، في كل من الهند ومصر.

ولفت إلى أن "الآلاف يقبعون ظلمًا في السجون المصرية، ومن بينهم الناشط المصري البريطاني البارز علاء عبدالفتاح، الذي قضى معظم العقد الماضي خلف القضبان".

وفي 20 ديسمبر 2021، حُكم على "عبدالفتاح" بالسجن لمدة 5 سنوات بتهم زائفة "نشر أخبار كاذبة" لنشره تعليقًا على وسائل التواصل الاجتماعي انتقد فيه معاملة السلطات للسجناء.

أما في الهند، فقد اعتُقل 16 ناشطًا من جماعة بهيما كوريجاون (بھیما کوریگاؤں Bhima Koregaon) منذ عام 2018 بتهم ملفقة بموجب قانون (منع) الأنشطة غير المشروعة (UAPA)، وهو قانون صارم لمكافحة الإرهاب. كما واجهوا حملة قمع مكثفة من قبل السلطات بسبب عملهم من أجل المجتمعات المهمشة، حسب المنظمة الحقوقية .

ومازال 11 منهم يقبعون في السجن دون محاكمة، بينما توفي في الحجز واحد منهم، وهو الكاهن والناشط في مجال الحقوق القبلية "ستان سوامي"، 84 عامًا، في 5 يوليو/تموز 2021، إثر حرمانه من تلقي العلاج الطبي في الوقت المناسب.

الاعتداء على حرية الصحافة

تستهدف السلطات في كلا البلدين بشكل متزايد الصحفيين، وغيرهم من العاملين في مجال الإعلام، ووسائل الإعلام المستقلة، بما في ذلك من خلال مقاضاتهم بتهم إرهابية زائفة، واستخدام المداهمات، وإغلاق المكاتب لمضايقتهم لمجرد قيامهم بأداء وظائفهم. ففي الهند، دهمت سلطات حكومية مختلفة مباني وسائل الإعلام المستقلة التي تنتقد الحكومة.

منذ عام 2019، وثقت منظمة العفو الدولية حالات 5 صحفيين على الأقل، من بينهم: "جوهر جيلاني"، و"بلال بهات"، و"رنا أيوب"، و"سانا ماتو"، و"أكاش حسن"، الذين مُنعوا من السفر خارج الهند دون أي مبرر قانوني.

ولا تزال مصر من بين الدول التي تسجن أكبر عدد من الصحفيين في العالم، حيث يوجد فيها حاليًا 26 صحفيًا، على الأقل، محتجزون تعسفيًا، بعد إدانتهم أو على ذمة التحقيقات في تهم من قبيل "نشر أخبار كاذبة" و/أو "إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي" و/أو "الإرهاب".

ويشمل ذلك اعتقال 11 شخصًا في عام 2022 وحده. ولا يزال ما لا يقل عن 600 موقع إخباري وحقوقي، ومواقع أخرى، محجوبًا في مصر، وفقًا لمجموعات حقوق الإنسان.

قمع المجتمع المدني

استندت السلطات المصرية على التشريعات القمعية، والأساليب الأخرى للسيطرة على الحيز المدني، وحركة حقوق الإنسان، بما في ذلك من خلال تحقيق جنائي استمر 10 سنوات في العمل المشروع لمنظمات المجتمع المدني، والمعروف باسم القضية 173/2011 أو "قضية التمويل الأجنبي". 

ويستمر هذا التحقيق ذو الدوافع السياسية مع ما لا يقل عن 15 من المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين ما زالوا يخضعون أيضًا لحظر السفر، وتجميد الأموال. 

واتُخذت إجراءات مماثلة في الهند، حيث استخدمت السلطات قانون تنظيم المساهمة الخارجية (FCRA) الفضفاض ضد المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية البارزة، بما في ذلك جرينبيس الهند Greenpeace India، والفرع الهندي لمنظمة العفو الدولية. 

وبموجب نفس التشريع، تم إلغاء التراخيص بموجب قانون تنظيم المساهمة الخارجية لـ6683 منظمة غير حكومية، بما في ذلك أوكسفام الهندOXFAM India، أو لم يتم تجديدها.

وقال "آكار باتيل"، رئيس مجلس الإدارة في الفرع الهندي لمنظمة العفو الدولية: "يبدو أن الهند ومصر أوصلتا تعاونهما الثنائي الطويل الأمد إلى مستوى أكثر تقدّمًا حيث تتشاركان الأساليب لقمع الحقوق والحريات بشكل متزايد في بلديهما".

بينما تتركز الأضواء على قادة البلدين، لا ينبغي أن تحجب الاحتفالات بتبني دستور الهند قبل 74 عامًا وتلقي بظلالها على الحقيقة القاتمة المتمثلة في أن أوضاع حقوق الإنسان في كلا البلدين في انحدار مستمر.

ويجب عليهما عكس مسارهما، بدءًا بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين تعسفيًا لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية. يجب عليهما أيضًا ضمان توفير بيئة آمنة للأقليات الدينية، وبيئة خالية من الأعمال الانتقامية لوسائل الإعلام والمجتمع المدني.