د. أحمد ناجي

إذا كان علماء الإسلام قد أجمعوا قديماً على أن الخمر هي «أم الخبائث» انطلاقاً من الرواية التي رواها الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه: «اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث»(1)، فإننا نستطيع أن نقول اليوم: «الصهيونية أم الخبائث».

اليهود في القرآن الكريم  

من الثوابت في الفكر الإسلامي أن اليهود هم أشد الناس عداوة للمؤمنين، قال تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) (المائدة: 82)؛ وذلك لما قاموا به من مؤامرات ودسائس منذ ظهور النبي صلى الله عليه وسلم، ومحاولاتهم المتكررة لقتله صلى الله عليه وسلم.

والمتتبع لآيات القرآن الكريم يجد النهي الجازم عن موالاة اليهود واتخاذهم أولياء، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة: 51)، وأوضح لنا الله تعالى في كتابه أن اليهود لن يرضوا بالتعايش معنا إلا إذا اتبعنا منهجهم في الضلال والإضلال، قال تعالى: (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) (البقرة: 120).

اليهود في السُّنة

امتلأت كتب السُّنة بالكثير من مخازي هؤلاء المجرمين، من ذلك:

سوء الأدب: روى البخاري بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مر يهودي برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: السام عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وعليك»، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تدرون ما يقول؟»، قال: «السام عليك»، قالوا: يا رسول الله، ألا نقتله؟ قال: «لا»، قال: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب، فقولوا: وعليكم».

المكر والخداع: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال كعب بن أسد وابن صوريا وشاس بن قيس بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى محمد، لعلنا نفتنه عن دينه، فأتوه فقالوا: يا محمد إنك قد عرفت أنا أحبار يهود وأشرافهم، وسادتهم، وإنا إن اتبعناك اتبعنا يهود ولم يخالفونا، وإن بيننا وبين قومنا خصومة فنحاكمهم إليك، فتقضي لنا عليهم، ونؤمن لك ونصدقك، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله فيهم: (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ. أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة: 49-50).

الحقد والكراهية: روى الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزل تحريم الخمر قالت اليهود أليس إخوانكم الذين ماتوا كانوا يشربونها؟ فأنزل الله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوا وَّآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوا وَّآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوا وَّأَحْسَنُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (المائدة: 93).

الحسد: روى ابن ماجة بسنده عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين)(2).

انعدام الحياء: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى بعض وكان موسى يغتسل وحده، فقالوا: والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر ففر الحجر بثوبه فخرج موسى في إثره يقول ثوبي يا حجر حتى نظرت بنو إسرائيل إلى موسى فقالوا: والله ما بموسى من بأس وأخذ ثوبه فطفق بالحجر ضربا»(3).

الصهيونية وفساد العالم

وبالرغم من هذا الإجرام الذي اتصف به اليهود قديماً فإنه لا يقاس بإجرام الصهيونية -اليهود الجدد- فالمتتبع لكل حركات ومذاهب الهدم في العالم يجد أن وراءها يد صهيونية تحركها، وقد قال أحدهم: «نحن اليهود لسنا إلا سادة العالم ومفسديه، ومحركي الفتن فيه وجلاديه»(4).

لقد انعقد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل عام 1817م، ومنذ ذلك التاريخ والعالم كله يعاني من دسائسهم وخياناتهم.

إن عبث اليهود بالأديان ليس بخاف على أحد، فقد تنصَّر بعضهم للعبث في المسيحية، وأسلم بعضهم كما حدث في إسلام يهود الدونمة في تركيا، وما من قضية فيها استخفاف بالأخلاق والقيم إلا ووراءها إصبع من أصابع الصهيونية، فاليهودي كارل ماركس وراء الشيوعية التي هدمت الأخلاق والأديان ونشرت الإلحاد والظلم في العالم، واليهودي دوركايم وراء علم الاجتماع، واليهودي سارتر وراء الوجودية، واليهودي فرويد وراء النظريات المنحلة في علم النفس، واليهود وراء حركة الاستشراق، وما من حركة تخريبية في العالم أجمع إلا وورائها يهودي صهيوني، ومن يحقق يرى تشابك المصالح الصهيونية مع مصالح الدول الكبرى والصغرى منفردة بكل دولة وهو سر نفوذهم، وتشابك هذه المصالح مع مصالح الدول مجتمعة.

ولا يخفى علينا دور الصهيونية العالمية في إسقاط الخلافة الإسلامية، حيث إنها نجحت في بث الدعايات والأكاذيب على السلطان عبد الحميد، ووصفته بأنه سكير فاسق ظالم متوحش، ونجحت كذلك في إضفاء جميع صور البطولة على اليهودي مصطفى كمال الذي مثَّل رأس الأفعى اليهودية، ونفَّذ لدغتها القاتلة التي أدت إلى هدم الخلافة الإسلامية، وتمزيق الوجود السياسي للمسلمين.

وقد كان هذا الخبيث يتظاهر بالتدين، ويصلي في مقدمة الجنود، ويتملق العلماء، وعموم المسلمين، وعندما تمكَّن نفَّذ خطته اللئيمة التي قامت على:

إلغاء الخلافة الإسلامية، وفصل تركيا عن باقي أجزاء الدولة العثمانية؛ فحطم الدولة الإسلامية العظيمة، وأعلن العلمانية الإلحادية، واضطهد العلماء، وقتل العشرات منهم، وأغلق المساجد، وجرَّم الأذان باللغة العربية(5).

أوروبا لم تتحمل الإجرام الصهيوني

وكان من الطبيعي أن ينتج عن هذا الإجرام الصهيوني أن تتخلص منهم الدول التي يعيشون فيها، ومن العجيب أن أوروبا التي تدافع عنهم الآن هي التي قامت بطردهم، فلقد أثبتت الوثائق التاريخية أن اليهود تعرضوا للطرد والنفي أكثر من مرة على النحو التالي:

– في سنة 1080 تم طرهم من فرنسا، وفي 1098 تم طردهم من جمهورية التشيك، وفي 1113 تم طردهم من كييف روسيا، وفي 1171 تم طردهم من إيطاليا، وفي 1188 تم طردهم من إنجلترا، وفي 1198 تم طردهم من إنجلترا للمرة الثانية، وفي 1290 تم طردهم من إنجلترا للمرة الثالثة، وفي 1298 تم طردهم من سويسرا، وفي 1360 تم طردهم من المجر، وفي 1391 تم طردهم من إسبانيا، وفي 1407 تم طردهم من بولندا، وفي 1492 تم طردهم من إسبانيا للأبد بمنع دخولهم، وفي 1492 تم نفيهم في صقلية، وفي 1495 تم طردهم من ليتوانيا وكييف، وفي 1496 تم طردهم من البرتغال، 1510 تم طرد من إنجلترا، وفي 1516 تم طردهم من البرتغال مرة أخرى، وفي 1516 صدر قانون في صقلية يسمح لليهود بالعيش في الحي اليهودي فقط، وفي 1541 تم نفيهم في النمسا، وفي 1555 تم طردهم من البرتغال للمرة الأخيرة، وفي 1555 صدر قانون في روما يسمح لليهود العيش في الحي اليهودي فقط، وفي 1567 تم طردهم من إيطاليا، وفي 1570 تم طردهم من ألمانيا (براندنبورغ)، وفي 1592 تم طردهم من فرنسا، وفي 1616 تم طردهم من سويسرا، وفي 1629 تم طردهم من إسبانيا والبرتغال، وفي 1634 تم طردهم من سويسرا، وفي 1655 تم طردهم من سويسرا، وفي 1660 تم نفيهم من كييف، وفي 1701 تم طردهم بالكامل من سويسرا (مرسوم فيليب الخامس)، وفي 1806 صدر إنذار نابليون النهائي. وفي 1828 تم نفيهم من كييف، وفي 1933 تم الطرد من ألمانيا مع الإبادة الجماعية.

الإجرام الصهيوني في فلسطين

وكان لأهل فلسطين النصيب الأكبر من الإجرام الصهيوني فارتكبت العصابات الصهيونية المُسلّحة خلال أحداث النكبة الفلسطينية عام 1948، عشرات المجازر التي راح ضحيتها آلاف المدنيين الفلسطينيين “العُزّل” في مختلف القُرى والمُدن، ورغم المحاولات الصهيونية الحثيثة لإخفاء وطمس حقيقية تلك المجازر، فإن شواهد تاريخية كـ«المقابر الجماعية» وشهادات بعض الجنود الصهيونيين الذين شاركوا في ارتكاب هذه المجازر، ظلّت دليلًا دامغًا على وقوعها، والعالم يشاهد الآن ما يرتكبه الكيان الصهيوني من مجازر للأطفال والشيوخ والنساء في أرض غزة.

إجرام الصهيونية يرجع إلى التلمود  

وقد يتساءل البعض: ما سبب هذا الإجرام الذي تقوم به الصهيونية ضد البشر جميعاً؟!

وللإجابة عن هذا التساؤل نقول: إن السبب الرئيس في هذا الإجرام أنهم ينطلقون على المستوى الفكري من «بروتوكولات حكماء صهيون»، التي أثبتت الوثائق أن هذه (بروتوكولات) وراء كل فساد في عالم البشر، وعلى المستوى العقدي ينطلقون من التلمود وهو: تعليم ديانة وآداب اليهود، وهو يتكون من جزئين: متن: ويسمى المشناة: بمعنى المعرفة أو الشريعة المكررة، وشرح: ويسمى جمارا: ومعناه الإكمال.

ولبيان خطورة هذا الكتاب على البشرية نذكر بعض ما ورد فيه:

– يعتقد اليهود أن أرواحهم جزء من الله، وأنهم عند الله أرفع من الملائكة، وأن من يضرب يهوديًّا فكأنما ضرب العزة الإلهية، وأنهم مسلطون على أموال باقي الأمم ونفوسهم؛ لأنها في الواقع أموال اليهود، فإذا استرد الإنسان ماله فلا لوم عليه، وأن الناس إنما خُلِقُوا لأجلهم ولخدمتهم، ولليهودي إذا عجز عن مقاومة الشهوات أن يسلم نفسه إليها، وأن الجنة لا يدخلها إلاَّ اليهود.

– يعتقدون أن أرواح غير اليهود أرواح شيطانية، وشبيهة بأرواح الحيوانات، وأنهم مثل الكلاب والحمير، وإنما خُلِقُوا على هيئة الإنسان حتى يكونوا لائقين بخدمة اليهود.

– لا يجوز لليهودي أن يشفق على غير اليهودي، ولا أن يرحمه ولا يعينه، بل إذا وجده واقعاً في حفرة سدها عليه، ويحرم على اليهودي أن يرد لغير اليهود ما فقد منهم، ويحرم على اليهودي أن يقرض غير اليهودي إلاَّ بالربا، وزعموا أن الله أمرهم بذلك، والزنى بغير اليهودي ذكوراً أو إناثاً جائز ولا عقاب عليه، وعلى اليهودي أن يسعى إلى قتل الصالحين من غير اليهود.

– إن الجحيم مأوى جميع الناس غير اليهود، وأنه أوسع من الجنة بستين مرة(6).

هذه بعض مبادئ التلمود، وإذا لم ينتبه العالم الحر وفي القلب منهم المسلمون، ويعي هذه الحقائق ويتعرف على هذه النفسيات المنحرفة، ويعتصم بما تبقى لديه من مبادئ العدل والإنسانية، فسيفيق على سيطرة هذا الإجرام الصهيوني عليه وتحكمه به وحرفه عما تبقى له من قيم أخلاقية ودينية.

____________________________

(1) أخرجه ابن أبي الدنيا في (ذم المسكر) (1)، وابن حبان (5348)، والبيهقي في (شعب الإيمان) (5586).

(2) أخرجه ابن ماجه (856).

(3) أخرجه البخاري (278)، ومسلم (339).

(4) د. أوسكار ليفي، كتاب «الخطر اليهودي – بروتوكولات حكماي صهيوني»، محمد خليفة التونسي، (1/ 3).

(5) رسائل في الأديان والفرق والمذاهب، محمد الحمد، ص94–97، بتصرف.

(6) دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية، سعود بن عبدالعزيز الخلف، (1/ 122)، بتصرف.