الأسرة هي المسئولة عن تربية الأجيال الجديدة وصلاحهم وتنشئتهم على الأخلاق والعلم والإيمان ونصرة الدين والجهاد في سبيل الله وكذلك تعلمهم مبادئ حماية البلاد ومقاومة المحتل.
وقد اعترف الغرب بعد احتلاله دول المسلمين بأن لاستقرار الأسرة وصلاح الأم دورا كبيرا في تنشئة الأبطال والمجاهدين الذين قاوموا الاحتلال، كما أن فساد المرأة وتفكك الأسر يعد أحد عوامل انهيارالمجتمع واستعداده لقبول فكرة الاحتلال والاستبداد والتعايش معها؛ لذلك فالغرب يحارب مبدأ الأسرة في البلاد الإسلامية ويعمل على هدمها في وسائل الإعلام والتعليم وبطرق أخرى.
وهذا الأمر موجود في فلسطين بشكل واضح؛ فالأم الصالحة تربي أبناءها على الإيمان والاهتمام بالقضية منذ الصغر، وتورثهم مفتاح بيتهم الموجود في فلسطين حتى تبقى القضية حية في نفوس الأجيال حتى يتم تحرير بلادهم وعودتهم إليها.
وبينما تنمو الأسر والعائلات في البلاد الإسلامية بشكل ملحوظ، فإن المجتمع الغربي أصبح مجمتعاعجوزا، وأطلقت على أوروبا وصف القارة العجوز، حيث زاد عندهم عدد المسنين، ونقص عددالشباب، وفي المقابل نرى زيادة عدد المسلمين، ويدرك الغرب أنه إذا استمر هذا الحال فسوفتتغير بنية المجتمع الغربي بمرور السنين، ولذلك يعمل الغرب على محاربة الأسرة ومحاربة فكرةالإنجاب في الدول الإسلامية.
لذلك على المرأة أن تدرك أهمية دورها في بيتها، وخطورة المهمة التي تقوم بها، ولا بد لها أنتعظم دورها ولا تحتقر أمومهتا، ولت خدمتها لبيتها وزوهجا، ولتربيتها أبنائها، بل تستشعرالأم أنها تقف على ثغر عظيم جدا وتجاهد مخططات أعداء الدين، وتحتسب أجرها عند الله.
دور الأم
إن دور الأم بات لا يقل أهمية عن دور الأب في الحفاظ على تماسك واستقرار الأسرة وتربية الأبناء فيزمن يسعى السفهاء ومرضى القلوب لتفكيك الأسر، ويدعون المرأة للتمرد على الرجل، وباتوا يبغضون الحلال في النفوس، وفي نفس الوقت يسهلون طريق الحرام ويزينونه ويدعون إليه ويصورونه بأنه تحضر وحرية مزعومة، لا تنتج في النهاية سوى انهيار الأسر وتفكك روابط المجتمع.
إن من يدعون إلى هدم الأسرة وتفكيك روابط المجتمع هم الأعداء الحقيقيون للمجتمع.
ولكي يتضح دور المرأة في هذا الموضوع، تعالوا نلقي نظرة سريعة على حياة آبائنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا، الذين عاشوا معا في السراء والضراء، وعاشوا على الحلوة والمرة كما يقال، وماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة أن نجحوا في تأسيس أسر فاضلة وعائلات كريمة وبيوت عريقة ومجتمعافاضلا، تخرج منها الرجال الأفاضل والنساء الفضليات، والعلماء والناجحين والمتخصصين في كلالمجالات.
والآن تجد أبواقا تدعو المرأة للتمرد على الحياة الزوجية بحجج واهية، ويعدونها بجنة موهومة حارجإطار الزواج، وإذا استمعت امرأة لهذه الأبواق لا تجد في النهاية إلا جحيما لا يطاق، والعياذ بالله.
العناية بالأسرة
لذلك اعتنى الإسلام بالأسرة عنايةً كبيرة، وشدد على أهمية دور الأم وتربيتها لأبنائها ورعايتها لزوجها وبيتها، ولذلك الاهتمام حِكَمٌ عديدة.
لأن الاعتناء بالأسرة هو اعتناء بالمجتمع بأكمله، إذ إن المجتمع مُكوَّن في أساسه من عدة أُسر، ولأن الأسرة نواة المجتمع والخلية الأولى فيه، فإن في صلاحها صلاح للمجتمع بأكلمه، وفي فسادها وانهيارها انهيار المجتمع بأكمله.
كما أن للأسرة دور عظيم؛ إذ إن نجاح الأسرة وقوّتها وتَماسكها يُخرج للمجتمع أفراداً صالحينأسوياء، يكون منهم الأبطال والمجاهدون، ويؤدون واجبهم بأمانة وشرف، وبهم تستقيم الحياة.
الأسرة هي المكان الأول الذي يتلقى منه الفرد كافة معتقداته وقِيمه وعاداته وأخلاقه وتصوراته للحياة؛ لتنعكس بعدها على سُلوكه الدِّيني والدُّنيوي، كما أنها المكان الأول الذي يتشرب منه الطفل العاطفة والاحتواء، ليَخرج فيما بعد طفلاً سويا متزناً، أو طفلاً غير متزن يشعر بالنقص، وهذا لهتأثير كبير على أفعاله ومستقبله بشكلٍ عام، فإن أثر التَّربية على الطفل يستمر معه إلى سنوات عمرهكلها.
ومن أجل هذه الحِكم البالغة، حرص الإسلام على الأسرة وعلى دور الأم واعتنى بها عنايةً بالغةً،وشرَّع لها كثيرا من التشريعات التي تضمن قيامها بدورها على أساسٍ سليم، وركَّز على حسنالاختيار الذي يقوم في أساسه على الخُلق والدين، كي تستقيم الحياة على ظهر هذه الأرض.
نماذج للمرأة الصالحة
إن آمالنا في المرأة المسلمة أن تكون أقوى من كل التحديات، وأن تعتز بدينها، وتتمسك بعقيدتها ومبادئها وأخلاقها، بل وتدعو إليها؛ فذلك من دينها، وحينئذٍ يكون أجرها وثوابها كبير عظيم.
السيدة خديجة بنت خويلد
السيدة خديجة رضي الله عنها، تلك المؤمنة صاحبة الثراء، وصاحبة الجاه، وصاحبة المال، التي تزوجت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وكانت أول مؤمنة به، وقامت معه حين أنزل عليه الوحي، وجاء إليها بعدما رأى الأمين جبريل لأول مرة وهو يقول له: اقرأ، وهو يقول لها: زملوني ، دثِّروني، فيقول لها: والله يا خديجة لقد خشيت على نفسي، قالت: كلا والله لا يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتحمل الكلَّ، وتُقْرِي الضَّيف، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق.
وقفت معه –صلى الله عليه وسلم- فقاسمته شدَّته ومحنته، وما تراجعت عن ذلك مع أنها صاحبة الجاه والسؤدد والمال، فزادت بذلك سؤددًا ومالاً وجاهًا يوم ناصرت النبي وآمنت بدعوته واهتمت بشؤون بيته وأسرته.
أم الإمام أحمد بن حنبل
مات أبوه وهو طفل، فكفلته أمه الزاهدة العابدة الصائمة القائمة، وقال أحمد رحمه الله: فحفظتني أمي القرآن، وعمري 10 سنوات، فحفظ كتاب الله، واستوعبه في صدره، ففرت الوساوس والشياطين منصدره، فأصبح عابداً لله.
وقال أحمد رحمه الله: كانت أمي تلبسني اللباس، وتوقظني وتحمي لي الماء قبل صلاة الفجر، وأنا ابن10 سنوات، ثم كانت تتخمر وتتغطى بحجابها، وتذهب معه إلى المسجد؛ لأن المسجد بعيد، ولأن الطريق مظلمة.
أم سفيان الثوري
هو الفقيه ، والمحدث، وأمير المؤمنين في الحديث. روى الإمام أحمد بسنده عن وكيع قال: "قالت أم سفيان لسفيان: يا بني: اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي". فكانت- رحمها الله- تعمل وتقدم له؛ليتفرغ للعلم، وكانت تتخوله بالموعظة والنصيحة؛ قالت له ذات مرة، فيما يرويه الإمام أحمد: "يا بني إنكتبت عشرة أحرف فانظر هل ترى في نفسك زيادة في خشيتك وحلمك ووقارك، فإن لم تر ذلك فاعلم أنها تضرك ولا تنفعك، فهل ترى من غرابة بعد هذا أن نرى سفيان يتبوأ منصب الإمامة في الدين،كيف وهو قد ترعرع في كنف مثل هذه الأم الرحيمة، وتغذى بلبان تلك الأم الناصحة التقية.
أم الإمام الشافعي
وهذا الإمام الحبر، الفقيه البحر، الذي دنت له قطوف الحكمة، ودانت له نواصي البلاغة، إنه محمد بن إدريس الشافعي الذي ملأ أقطار الأرض علما وفقها وفضلاً- كان ثمرة الأم العظيمة، فقد مات والده وهو جنين أو رضيع، فتولته أمه بعنايتها، وأشرقت عليه بحكمتها، وكانت امرأة من فضليات عقائل الأزد، سافرت به من غزة إلى مكة والمدينة ليتلقى العلم في سن صغيرة.
أم الإمام مالك
عن ابن أبي أويس قال: سمعت خالي مالك بن أنس يقول: كانت أمي تلبسني الثياب، وتعممني وأنا صبي، وتوجهني إلى ربيعةَ بن أبي عبد الرحمن، وتقول: "يَا بُنَيَّ، ائْتِ مَجْلِسَ رَبِيعَةَ، فَتَعَلَّمْ مِنْ سَمْتِهِ وَأَدَبِهِ قَبْلَ أَنْ تَتَعَلَّمَ مِنْ حَدِيثِهِ وَفِقْهِهِ".
فواجب المرأة المسلمة اليوم أن تحافظ على مكانتها التى أعطاها إياها الإسلام، وتصون عرضها،وتقوم بدورها فى تربية أبنائها ونصرة الدين وبناء بلاد المسلمين بأفراد صالحين مصلحين.