بسم الله الرحمن الرحيم

 

في الوقت الذي ينتظر فيه المصريون جميعًا موقفًا موحّدًا مشرِّفًا على المستوى الشعبي والحكومي تجاه ما يحدث من انتهاكات للمسجد الأقصى على يد العدو الصهيوني..

 

وفي الوقت الذي تطلِق فيه أبواقُ الدعاية الحكومية والرسمية الآمالَ حول ما سيتحقَّق من إصلاحاتٍ سياسيةٍ نتيجةَ التعديلات الدستورية..

 

وفي الوقت الذي تغلي فيه مصر كلها- خاصةً عمالها الشرفاء- بسبب الفساد وسوء الإدارة وخنق الحريات..

 

في هذا الوقت العصيب يقرِّر رئيس الجمهورية إحالةَ مجموعة جديدة من مواطني مصر من الإخوان المسلمين- وعلى رأسهم المهندس محمد خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام- إلى القضاء العسكري؛ تمهيدًا لمحاكمتهم أمام محكمة عسكرية لا تتوافر فيها أبسط ضمانات القضاء الطبيعي، من استقلال القضاء، والحق في التقاضي على درجتَين، وذلك بعد أن قرَّرت محكمة الجنايات إطلاق سراحهم من سراي المحكمة وإلغاء كافة قرارات النائب العام بحبسهم احتياطيًّا.

 

وقد سبق أن مثُل أكثر من مائة وخمسين من قيادات الإخوان المسلمين أمام محاكم عسكرية، وقضى معظمُهم من 3 إلى 5 سنوات خلفَ الأسوار ظلمًا وعدوانًا، في انتهاكٍ صريحٍ للدستور والقانون وحقوق الإنسان، فما وهَنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعُفوا وما استكانوا.

 

إننا نستنكر وندين هذا القرار الظالم الجائر، الذي لا يحترم أبسطَ قواعد المواطنة، والذي يستخدم كل الأدوات غير الدستورية في الخصومة السياسية، والذي ينتهك الحقَّ الدستوريَّ الثابت للمواطنين في المحاكمة أمام القاضي الطبيعي، الذي يمثل حصنَه الحصينَ في تحقيق العدل والمساواة أمام القانون.

 

إن العودة إلى محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية انتكاسةٌ خطيرةٌ تهدد حقوق الإنسان وحقوق المواطنة وتُثبت للجميع أن مصرَ تمر بحالة من عدم الاستقرار.

 

إن محاكمة رجال أعمال ومستثمرين أمام محاكم عسكرية بتُهَمٍ اقتصادية، والتحفُّظ على الشركات والأموال سينعكس بالسلب- بلا شك- على مناخ الاستثمار والتنمية في الوقت الذي تحتاج مصر فيه كلَّ جهدٍ مخلصٍ؛ لإخراجها من الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يشعر بها كافةُ المواطنين من بطالة وغلاء وفقر.

 

إن إحداث التوتُّر بين النظام والأمة لا يصبُّ إلا في صالح أعداء الوطن من الصهاينة والأمريكيين، ويمكِّن لهؤلاء الأعداء في الاستمرار في سياستهم العدوانية ضد العرب والمسلمين وإشعال الحرائق في كل مكان من الوطن العربي والإسلامي.

 

إن العالمَ الحرَّ كله، والقوى السياسية في مصر، وكافة منظمات حقوق الإنسان.. مطالَبةٌ بالوقوف ضد هذه الانتهاكات الصارخة المستمرَّة ضد الإخوان المسلمين.

 

ويؤكد الإخوان أنهم سيستمرون مع كلِّ المخلصين من أبناء مصر في العمل من أجل تحقيق الإصلاح السياسي والدستوري، بكل الطرق السلمية، وفي إطار القانون؛ لتحقيق الحرية والعدل والمساواة لكل شعب مصر.

 

وسيظل الإخوان دائمًا حريصِين على استقرار الوطن، وحماية مؤسساته، وتحقيق أمنه ورخائه، صابرين على ما يصيبهم من ظلم، صبرَ العاملين المجاهدين في سبيل الله تعالى، محتسبِين عند الله تعالى ما يقعُ عليهم من ضُرٍّ، ولن نتراجَعَ عن أداء الواجب تجاه ديننا وأمتنا، ولن تلينَ لنا قناةٌ، ولن يهدأَ لنا بالٌ.. حتى تعودَ للأمة حقوقُها، وحتى يظهرَ الأمنُ والاستقرارُ والعدلُ والحقُّ.

 

وسيظل شعارنا قول الحق تبارك وتعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ (آل عمران: من الآية 173) صدق الله العظيم.

 

محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين

القاهرة في: 19 من المحرم 1428هـ 7 من فبراير 2007م.