أكد د. طلعت فهمي المتحدث الإعلامي باسم جماعة "الإخوان المسلمون" أن الجماعة لم تطلب من السلطة المنقلبة في مصر ولم تعرض عليها أي مبادرة ، كما لم يعرض أحد على جماعة الإخوان أي مبادرة، وأن موقف الجماعة من الانقلاب واضح منذ حدوثه عام 2013 ولم يتغير.

وشدد في حوار أجراه معه موقع "BBC تركي" على أنه ليس من المنطق أن تتخلى جماعة الإخوان المسلمين عن الشعب المصري في محنته وتقوم بتسوية مع سلطة ارتكبت وترتكب جرائم بحق الشعب.

وأكد  أن "جماعة الإخوان" حريصة كل الحرص على تنمية العلاقة بين الشعوب الإسلامية وتوطيدها وأن وحدة الأمة الإسلامية هي أحد الركائز التي قامت عليها دعوة "الإخوان المسلمون"

وحول عودة العلاقات بين الدولتين المصرية والتركية أوضح د. طلعت فهمي ضرورة التمييز بين علاقة تركيا مع مصر كدولة وبين شخص المنقلب على إرادة الشعب المصري، حيث إن العلاقة بين الشعبين المصري والتركي علاقة تاريخية وتتميز بالخصوصية ، وجماعة "الإخوان المسلمون" ترى أن مصر وتركيا من الدول المحورية في الإقليم والتعاون بينهما يصب في مصلحة الشعبين، مشيرا إلى أن الأحداث في غزة والعداون الواقع عليها، يؤثر على المنطقة كلها بل وعلى العالم وليس على مصر وتركيا فقط.

وفيما يلي ترجمة نص الحوار:

  •  تركيا انتقدت حكومة الانقلاب في مصر بلهجة شديدة لمدة 10 سنوات، وو قفت إلى جانب الرئيس مرسي، ووقفت إلى جانب الإخوان المسلمين، لكنها بدأت مؤخرا في التقارب والتطبيع مع السيسي،  كيف تفسرون ذلك؟
  • بغض النظر عمن كان يحكم مصر تم الانقلاب عليه، ومن هو الرئيس المنتخب الذي وقع ضده الانقلاب ، فإننا نرى أن  الموقف التركي الرافض للانقلاب كان متوافقا  مع مواقفها السياسية في الانحياز للعملية الديمقراطية والحريات وحقوق الشعوب في اختيار حكامهم بطريقة ديمقراطية، إضافة إلى رفضها المبدئي للانقلابات العسكرية التي عانت منها الدولة التركية كثيرا بداية من انقلاب 1960 و انقلاب 1980 و انقلاب 1997 ثم المحاوله الانقلابيه الفاشله في 2016 ، ولذلك فإن تركيا تعاملت مع الرئيس مرسي كرئيس منتخب من الشعب المصري.

وأحب هنا أن أؤكد على حقيقة واضحة أن مصر الدولة ليست هي السيسي الذي انقلب على الرئيس المنتخب ، ولكن مصر دولة كبيرة لها ثقلها في المنطقة وترتبط مع تركيا الكبيرة بمصالح كثيرة وعلاقات تاريخية وجيوسياسية.

  • هل ترون أن أحداث غزة خاصة بعد السابع من أكتوبر كان لها تأثير على التقارب بين مصر وتركيا ؟
  • لا شك أن تفاعل الأحداث في غزة والعداون الواقع عليها فرض مزيدا من التقارب بين الدولتين، خاصة أنه حدث يؤثر على المنطقة كلها، بل على العالم، وليس على مصر وتركيا فقط، إضافة إلى المصالح المشتركة بين الدولتين والأدوار الإقليمية المشتركة مثل غاز البحر المتوسط والأزمة الليبية.
  • هل معنى ذلك أنكم ترون هذا التقارب إيجابيا ؟
  • كما قلت لك السيسي منقلب على إرادة الشعب المصري ، ولكن لابد أن نميز بين العلاقة مع مصر كدولة وبين شخص منقلب، أما العلاقة بين الشعبين المصري والتركي فهي علاقة تاريخية، نحن أول الحريصين على تنميتها وتطورها ونرى أن مصر وتركيا من الدول المحورية في الإقليم والتعاون بينهما يصب في مصلحة الشعبين ، ونحن في جماعة "الإخوان المسلمون" حريصون كل الحرص على تنمية العلاقة بين الشعوب الإسلامية وتوطيدها، بل دعني أقول لك إن وحدة الأمة الإسلامية هي أحد الركائز التي قامت عليها دعوة "الإخوان المسلمون"، ناهيك بأننا نرى أن العلاقة بين الشعب المصري والشعب التركي علاقة تتميز بالخصوصية.
  • ولكن دعني أسأل مرة أخرى: هل ترون التطور في العلاقة بين مصر وتركيا هو إيجابي بالنسبة لـ "لإخوان المسلمون" ؟
  • نحن حريصون على كل ما يعود على الشعبين المصري والتركي بالخير، ونرى أن ذلك يصب في أهدافنا من تحقيق الوحدة بين مكونات الأمة الإسلامية ما نسعى إلى تحقيقه من سعادة الشعوب.
  • إذا التقارب بين السيسي والرئيس أردوغان لا يقلقكم كجماعة "الاخوان المسلمون" ؟
  • قلت لكم أن السيسي منقلب على إرادة الشعب المصري، والتقارب الحادث الآن هو تقارب بين الشعبين المصري والتركي، ونحن نرحب بهذا التقارب، ونراه يصب في مصلحة الدولتين والشعبين الكبيرين.
  • بعد عملية التقارب ظهرت أخبار في وسائل الإعلام، أن الإدارة المصرية طلبت من تركيا وقف أنشطة "الإخوان المسلمون" في تركيا، هل مثل هذه الادعاءات التي تقول أوقفوا  تلفزيوناتكم، ولاتقوموا بالنشر من هنا بعد الآن، ولا تقوموا بأي أنشطة، اذهبوا من هنا و غادروا تركيا، ما مدى صحة هذه الضغوط عليكم من الجانب التركي ؟
  • تركيا دولة كبيرة بكل ما تعني الكلمة من معان، وهي في ذات الوقت دولة تحترم القانون، وجميع المقيمين على أرض تركيا يعلمون ذلك، وحريصون على العمل وفقا لقواعد القانون التركي وهو محل احترام الجميع.

وفي هذا السياق أؤكد أن تركيا رحبت بكل المظلومين ليس فقط من مصر وحدها، ولكن من معظم الدول العربية والإسلامية، بل غير الإسلامية، وهذه حقيقة يعلمها الجميع وأتصور أنها أحد المواقف الواضحة للسياسة التركية التي لا تحيد عنها في توفير الحماية لكل مظلوم.

وأؤكد لكم أن المصريين الذين خرجوا بسبب ما وقع عليهم من ظلم سواء من "الإخوان المسلمون" أو غيرهم ليسوا هم الحالة الوحيدة في تركيا؛ فهناك منذ أكثر من 35 سنة جمعيات ومراكز رسميه تعمل تحت مظلة القانون التركي تحمل قضايا تركستان الشرقيه والمظلومين في العراق وسوريا وفلسطين والروهينجا وجمهوريات وسط اسيا ، فتركيا هي ملتقى للعالم كله وهذا أهم ما يميز تركيا ويجعلها محط أنظار كل الشعوب المظلومة.

  • هناك مزاعم بأنه يوجد حوار لدى "الإخوان المسلمون" من أجل التطبيع مع السلطة المصرية، فما صحة هذه المزاعم ؟
  • جماعة "الإخوان المسلمو"ن لم تطلب من السلطة المنقلبة في مصر ولم تعرض عليها أي مبادرة ، ولم تعرض على الإخوان أي مبادرة ، فموقفنا من الانقلاب واضح منذ حدوثه عام 2013 م ولم يتغير.

ودعني أؤكد لك أن المشكله في مصر ليست بين "الإخوان المسلمون" وسلطه الانقلاب، ولكن المشكله بين الانقلاب والشعب المصري الذي اختار رئيسه بنسبه 52% ،فمن الخطأ أن نقول إن المشكلة بين الانقلاب و"الإخوان المسلمون"، المشكلة أن الانقلاب استهدف حرية الشعب المصري، وسحب منه صلاحية اختيار رئيسه، وفرض واقعا بقوة السلاح ، واعتقل أكثر من 100 ألف مواطن على مدار عشر سنوات، وأعدم أكثر من 100 شخص على المشانق بأحكام مسيسة، ويمارس القتل بحق المعتقلين بالإهمال الطبي المتعمد، وطرد عشرات الآلاف من وظائفهم، وصادر أموال آلاف المواطنين، وحرمهم من حرية السفر والتنقل، وليس من المنطق أن تتخلى جماعة "الإخوان المسلمون" عن الشعب المصري في محنته وتقوم بتسوية مع سلطة ترتكب كل هذه الجرائم بحق الشعب.

  • لقد بدأ عصر جديد من التطبيع والتقارب ليس فقط بين مصر وتركيا، بل التطبيع عموما، هناك تطبيع بين الدول المختلفة، خاصة بعد الأحداث التي تجري في غزة، فهل بدأ عصر جديد لـ لإخوان المسلمون"؟ هل هناك تغيير ما في  سياساتهم ؟
  • سياسة "الإخوان المسلمون" قائمة على التقارب والوحدة بين الأقطار الإسلامية، وكما قلت لك هذا هو أحد الأسباب التي قامت من أجلها جماعة "الإخوان المسلمون" وتأسست بسببه؛ فنحن حريصون على أي تقارب بين الشعوب والدول الإسلامية، وهذا من أبرز مبادئنا، وأؤكد لك أن أي تقارب سيصب في مصلحة الشعوب، أما تلك الأنظمة العسكرية والمستبدة التي تحكم عددا من الدول العربية اليوم فهي إلى زوال وستبقى الشعوب وتبقى مكتسباتها في التقارب.
  • ولكن هل هناك أي تغيير ولو بسيط في سياسه "الاخوان المسلمون" ورؤيتكم السياسية ؟
  • نحن في هذا الصدد لا نتكلم عن السياسات التي يمكن أن تتغير بطبيعة الحال، ولكننا نتكلم عن مبادئ وثوابت ، حيث نعتبر أن حرية الشعب في اختيار من يحكمه أحد مرتكزات عملنا في جماعة "الإخوان المسلمون" ، ولا نستطيع أن نتخلى عن شعوبنا التي تتطلع إلى الحرية، وتسعى لأن تكون مثل دولة تركيا وغيرها من الدول الديمقراطية التي يتم فيها تداول السلطة وفقا لإرادة الشعب، فهل ترانا نخذل شعوبنا، ونتخلى عنها ونتركها لتقع ضحية لأنظمة مستبدة ترفض الحكم الديمقراطي وترفض تداول السلطة ؟ وهل نكون بذلك إن فعلنا هذا قد أحدثنا مرونة في سياساتنا؟

أؤكد لكم مرة أخرى أن السياسة الحقيقية هي الانحياز للشعوب والانحياز لإرادتها وتطلعاتها إلى الحرية.

  • من قبل صرح المتحدث الإعلامي للجماعة الأستاذ علي حمد وقال إن التقارب التركي المصري إيجابي ؟
  • وأنا أقول لك الشيء نفسه إننا مع التقارب بين الشعوب العربية والإسلامية، أما السلطة المستبدة والانقلابية في مصر فهي إلى زوال، وستبقى المكتسبات التي يحصل عليها الشعبان المصري والتركي من مثل هذا التقارب.
  • افهم من ذلك أن هذا التقارب لا يقلقكم كجماعة "الإخوان المسلمون"، ولا تفكرون في هذه الادعاءات التي تقول إنهم سيوقفون أنشطتنا، وسنضطر إلى الذهاب إلى قطر وما إلى ذلك مثل هذه الادعاءات لا تقلقكم أليس كذلك ؟
  • قلت لكم إننا حريصون على وحدة شعوبنا وعلى المصالح المشتركة بينها، وما يصب في مصلحة الدولة المصرية والدولة التركية، وإن أي تقارب سيكون أثره إيجابيا على الشعبين فنحن حريصون عليه، أما السلطة التي جاءت بالانقلاب فهي مرحلة مؤقتة وعابرة في تاريخ مصر، ولن تستمر، وستبقى المكاسب التي يحصل عليها الشعبان المصري والتركي.
  • حتى لا أكون فهمت خطأ وأريد بعض التوضيح في هذه النقطة عندما نقول كلمه "الإخوان المسلمون" ، كيف نعبر عن هذا المصطلح ؟ كيف نفسره للناس؟" هل هو حزب سياسي هل هي مجموعه دينية ؟
  • "الاخوان المسلمون" حركة إسلامية تفهم الإسلام فهما شاملا، وتستهدف تحقيق التعاون والتكامل والوحدة بين الدول والشعوب الإسلامية، وتسعى لتحرير الشعوب الإسلامية من الاحتلال الأجنبي، وترى أيضا أن الاستبداد وفرض الحكام بقوة السلاح وبالانقلابات العسكرية بعيدا عن إرادة الشعوب هو عقبة كبيرة تمنع الشعوب من مواجهة التحديات الإقليمية والدولية التي تواجهها، وترى أن حرية الشعوب ووحدة الدول الإسلامية وقوتها هي البداية الحقيقية لنهضتها.

نحن نؤمن أن الأمة الإسلامية جاءت برسالة سلام لشعوب العالم، وتحمل الخير للبشرية كلها، ولذا فنحن حريصون على أن يفهم العالم حقيقة الإسلام كدين يدعو للرحمة والعدل والحرية والتعارف بين البشر جميعا، وندرك في جماعة "الإخوان المسلمون" أن كل هذه الأمور بإمكانها أن تتحقق إذا التزمت وتمسكت الأمة الإسلامية بدينها خلقا وعبادة وعقيدة.

  • معنى ذلك أن "الإخوان المسلمون" لا تقوم  في تركيا بأي أعمال غير قانونية وأن كل شيء تنتجونه وتصرحونه تقومون به علنا. ؟
  • من ثوابت جماعة الإخوان المسلمون أنها تحترم القوانين في البلد التي يوجد فيه أفرادها سواء في تركيا أو خارج تركيا.
  • هناك دائما تحليلات في الإعلام عن "الإخوان المسلمون" وحديث عن الانقسامات الداخلية داخل الجماعة ، هناك من يقول مكتب لندن ومكتب تركيا ، فعندما نتكلم عن جماعة "الإخوان المسلمون" فعن أي طرف نتكلم ؟
  • الإعلام قد يصك مصطلحات ويصدر أحكاما على غير الحقيقة، ولكن الحقيقة أن جماعة "الاخوان المسلمون" تأسست في مصر، والجسم العام والأكبر للجماعة كان ومازال في مصر، ومرشدها العام هو الدكتور محمد بديع، ولها مجلس شورى عام يعد مرجعية للجماعة عند تباين وجهات النظر.
  • هل هذا المجلس في مصر ؟
  • كما قلت لكم إن الجسم الأساس والأكبر لجماعة "الإخوان المسلمون" ، أكثر من 95 % من أفرادها هم داخل مصر، ولها هياكلها، ومجلس الشورى العام يقيم أغلبه في مصر، وهو مخول باختيار المرشد العام، ويحدد السياسات والقرارات في الجماعة، وهذا المجلس اتخذ قرارا باختيار الأستاذ الدكتور محمود حسين قائما بأعمال المرشد العام لجماعة "الإخوان  المسلمون".

أما الأعداد المحدودة من الإخوان التي خرجت خارج مصر فتوزعت على عدد من الأقطار في العالم كله ومن بين هذه الأقطار دولة تركيا التي عرف عنها أنها تفتح قلبها للمظلومين من كل مكان بالعالم.

  •  حسب ما تقول فأنتم تابعون لمجلس الشورى العام والمرشد العام لجماعة الاخوان المسلمون اليس كذلك؟
  •  بالطبع بكل تاكيد.. نحن جزء من جماعة "الإخوان المسلمون" في مصر.
  • بعد ما قام الانقلاب في مصر، كانت هناك فعاليات هنا في تركيا من أجل رابعة، ولكن الآن جاء السيسي إلى تركيا، ولم تكن هناك أي فعاليات أو مظاهرات ضد السيسي من جانب الحركات الإسلامية الموجوده في تركيا، هل مثل هذه الأمور تحزن جماعة "الإخوان المسلمون" وهل كانت "الإخوان المسلمون" تنتظر أي ردة فعل من الحركات الإسلامية والجماعات الإسلامية الموجودة في تركيا ؟
  • أكرر لكم أن النسبة الغالبة من جماعة "الإخوان المسلمون" هم داخل مصر، والأعداد القليلة منها تعيش في عدد من الأقطار بالخارج، ومنها دولة تركيا التي ترحب بكل مظلوم في بلده ، وأفرادنا الذين يعيشون بالخارج لا يتدخلون في سياسات الدول التي يقيمون فيها، ويلتزمون بقوانينها، وهذا من المستقر لدى الجماعة.