يستقبل المصريون لموجة تضخمية جديدة، في ظل ارتفاع مختلف السلع والخدمات الأساسية. ورسمياً ارتفع تضخم أسعار المستهلكين، بعد تراجع نسبي استمر أربعة أشهر، ليصل إلى 26.2% في شهر أغسطس 2024، على أساس سنوي، مرتفعا من 25.7% المسجلة في يوليو 2024.

وأعلن جهاز الإحصاء الحكومي في بيانه، صباح أول من أمس، عن قفزة جديدة في معدل التضخم بلغت 2.1% على أساس شهري مقابل 0.4%.

وفي جولة لـ"العربي الجديد"، رصدت قفزة كبيرة في سعر بيض المائدة من 155 جنيها لطبق البيض إلى 185 جنيها في الأسواق الشعبية، ليصل إلى 210 جنيهات في المحلات التجارية . جاءت الزيادة الكبيرة مع بداية العام الدراسي الذي يشهد إقبالا من الأسر على شراء البيض لإعداد وجبات الإفطار للتلاميذ.

 قفزة في سعر البيض

وارتفعت المبيعات بنظام بيع البيض بالواحدة التي زاد متوسط سعرها من 6 إلى 7 جنيهات، في ظاهرة يعتبرها أحد الموزعين، أحمد عطية، جديدة على مجتمع اعتاد شراء بيض المائدة بالطبق الذي يحتوي على 30 بيضة.

يشير عطية إلى ارتفاع سعر توريد البيض من كبار الموزعين من 155 إلى 170 جنيها للطبق، بمعدل جنيه يوميا على مدار الأسبوعين الماضيين، مؤكدا رفض كبار المنتجين والموزعين تسليم البيض للصغار الموزعين وفقا للطلب، في حرص على شح وجوده في الأسواق، مع إجبار الموزعين على دفع قيمة المبيعات بالكامل، وبدون أية خصومات أو ائتمان، بما يرفع مخاطر البيع، الأمر الذي يدفع الموزعين إلى زيادة سعر البيع للمستهلك.

كما يرجع كبار الموزعين الزيادة في سعر البيض إلى انخفاض المعروض من المزارع، وتأثره بتوقف عدد كبير من المنشآت عن العمل، بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل، جراء زيادة سعر النقل والغاز والكهرباء والمحروقات وتأجير عنابر الإنتاج.

تجاوزت أسعار الدواجن الحية 110 جنيهات للكيلو جرام تصل إلى 135 جنيها للبلدي، تصل إلى 180جنيها في المحلات التجارية، وبمتوسط 210 جنيهات للقطع.

وفي محاولة للحد من قفزات سعر البيض، قرر مجلس إدارة جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في مصر، منتصف الأسبوع الجاري، تحريك دعوى جنائية والإحالة إلى النيابة العامة عن 3 اتفاقات أفقية ضد 21 من كبار منتجي بيض المائدة العاملين في السوق، من أعضاء شعبة بيض المائدة التابعة للاتحاد العام لمنتجي الدواجن، وذلك لاتفاقهم على أسعار بيع طبق المائدة (الأبيض الأحمر) بالمخالفة لأحكام القانون.

غلاء الخضروات والأسماك

من جانب ثانٍ، شهدت أسعار البطاطس قفزات هائلة، من متوسط 15 جنيها إلى ما بين 35 و40 جنيها للكيلو، واكبها زيادة كبيرة في سعر الخيار من 20 إلى 30 جنيها، والطماطم من 10 جنيهات إلى 32 جنيها في الأسواق الشعبية، تصل إلى 40 جنيها في المراكز التجارية، وأسواق الجملة ما بين 23 إلى 25 جنيها للكيلو.

وبرغم تراجع سعر السكر في الأسواق من متوسط 60 جنيها خلال نفس الفترة العام الماضي إلى 35 جنيها زادت أسعار الحلوى بنحو 20%، في كافة المناطق الشعبية التي تقبل على شرائها بمناسبة احتفالات المولد النبوي. ارتفع متوسط سعر المنتجات الشعبية من حلوى المولد، من 90 جنيها للكيلو إلى 145 جنيها، وكيلو الحلوى المشكل من 160 إلى 190 جنيها.

وتأثرت أسعار الأسماك بالزيادة الهائلة في سعر أعلاف الأسماك وتمسّك تجار الأعلاف بأعلى سعر بلغه طن العلف منذ مارس الماضي، عند 40 ألف جنيه للطن.

تسبب غلاء الأسماك بنسبة ما بين 120% إلى 150% بنهاية موسم الصيف الحالي، عن الأسعار السائدة في العام الماضي، في تراجع المبيعات، رغم قلة المعروض في الأسواق.

يحذّر خبراء من خطورة صعود أسعار الغذاء والسلع والخدمات، المدفوعة بانهيار قيمة الجنيه مقابل الدولار، وسوء الأداء الحكومي، بوتيرة مستمرة للعام الثالث على التوالي، تدفع إلى زيادة معدلات الفقر وتآكل الطبقة الوسطى، التي تسبب تراجعها في انخفاض الطلب على السلع المحركة للأسواق، وانخفاض جودة الحياة، بما يبقي الطلب على المنتجات في مرحلة الركود، ويهدد بزيادة معدلات البطالة، وفقدان الاقتصاد القدرة على توليد فرص عمل جديدة.

الكهرباء والوقود

يؤكد خبير التمويل والاستثمار وائل النحاس أن الزيادة الهائلة في أسعار الكهرباء والمحروقات أدت إلى ارتفاع تكلفة كافة السلع والخدمات، حيث يضطر المنتجون إلى تحميل جزء من هذه التكلفة على المستهلك النهائي، بينما يتراجع صافي العوائد من التشغيل، لتبقى المؤسسات على حافة الهاوية، وسط أخطار زيادة مستمرة في معدلات التضخم.

في اتصال مع "العربي الجديد"، يحذّر النحاس من خطورة تراجع استهلاك المواطنين للسلع والخدمات، للحد من زيادة أعباء المعيشة، وتوجيه النفقات للأولويات القصوى، كالتعليم والعلاج والطعام، بما يدفع إلى تباطؤ النمو، وشح الإيرادات العامة.

توقع خبراء زيادة معدلات التضخم، عن 31% بنهاية العام الجاري، متأثرة بزيادة أسعار المحروقات والكهرباء والنقل والمياه، والسلع الأساسية.

تتأثر الأسواق بشدة بحالة التضخم المحلي، المدفوع بشح الدولار وعدم الوفاء بتوفير الدولار لكافة احتياجات الموردين من السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج. وكان معدل التضخم سجل مستوى قياسيا عام 2023، بلغ 41% في أسعار السلع على أساس سنوي، أدى إلى تضاعف أسعار السلع لتبقى عند مستوياتها المرتفعة.