قال نائب رئيس هيئة الأركان الأردنية الأسبق، الخبير الاستراتيجي العسكري الفريق قاصد محمود، إن جيش الاحتلال الصهيوني وصل إلى مرحلة "ضعف القوة" بعد فشله في تحقيق أهداف الحرب التي مر عليها خمسة عشر شهرًا.

وأضاف محمود في تصريحات صحفية، أن التفوق العسكري الصهيوني برغم حجمه الكبير وإمكاناته الرهيبة، وبرغم توفر كل أشكال الدعم والإسناد، بالإضافة إلى مشاركة سبع فرق قتالية كاملة في العمليات القتالية الدائرة داخل قطاع غزة، لم يُمكن جيش الاحتلال من تحقيق أهدافه المعلنة لهذه الحرب. وأشار إلى أن هذا الفشل الواضح يعكس تحوّل القوة الكبيرة التي كان يُعتقد أنها تتمتع بها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية إلى ضعف ملموس.

وأوضح  أن الميزان العسكري، برغم الفارق الكبير فيه بين الكيان الصهيوني وقوى المقاومة في قطاع غزة، لم يمنع الأخيرة من استثمار هذا الضعف لصالحها، بل إنها تمكنت خلال خمسة عشر شهرًا من القتال المستمر، من تحويل هذا الضعف الصهيوني إلى قوة قتالية حقيقية على الأرض، وفقًا لـ "وكالة شهاب".

وتابع محمود حديثه بالإشارة إلى مفهوم "قوة الضعف مقابل ضعف القوة"، مؤكدًا أن هذه النظرية تُعد من المفاهيم الراسخة في الفكر الاستراتيجي العسكري، وهي تُبرز أن الزمن، مهما طال، لن يمنح الجيش الإسرائيلي القدرة على تحقيق نتائج ميدانية حاسمة.

وفي ظل هذه المعطيات الميدانية، أشار الفريق محمود إلى وجود مفاوضات حالية تسعى القيادة السياسية للاحتلال من خلالها إلى فرض ضغوط ميدانية على المقاومة الفلسطينية. لكن في المقابل، أظهرت المقاومة، عبر أدائها القتالي المتميز والمستمر، أنها في أعلى درجات الجاهزية القتالية، الأمر الذي يشكل ضغطًا كبيرًا على الطرف الصهيوني. مؤكدا أن جيش الاحتلال هو الذي يشعر بالضغط الأكبر، لأن المقاومة الفلسطينية أصبحت في وضع لم يعد أمامها فيه ما تخسره.

وأوضح أن القيادة السياسية للاحتلال بالتوازي مع جيشها، تواجه انسدادًا تامًا في الأفق السياسي والعسكري، حيث لم يعد هناك أي بدائل متاحة سوى اتخاذ قرار بوقف الحرب. وأعرب عن قناعته بأن الأداء القتالي المميز للمقاومة سيكون له الدور الأساسي في دفع إسرائيل نحو اتخاذ هذا القرار.

 

وأكد أن المشهد القتالي الذي تصوغه المقاومة الفلسطينية للشهر الخامس عشر على التوالي، من خلال اعتماد أساليب قتالية متنوعة مثل تفجير الدبابات والجرافات العسكرية الإسرائيلية، ونصب الكمائن المحكمة، كما حدث هذا الأسبوع عدة مرات في بلدة بيت حانون، يعكس صورة مقاومة مسلحة بعقيدة قتالية راسخة، وإرادة صلبة، وروح استشهادية عالية، مؤمنة بعدالة قضيتها، ومستعدة لبذل التضحيات إلى أبعد الحدود الممكنة.

 

وأشار إلى أن العمليات النوعية التي تنفذها المقاومة الفلسطينية، والتي يشارك فيها مقاومون تم تجنيدهم خلال فترة العدوان المستمر على غزة، تُعد ذات قيمة كبيرة جدًا لسكان القطاع. موضحا أن تجدد هذه العمليات واعتماد المقاومة لأساليب وأدوات قتال متنوعة، يُترجم في النهاية إلى خسائر فادحة في صفوف جنود الاحتلال من قتلى وجرحى.

 

تطورات ميدانية

 

وأكدت مصادر الاحتلال، مساء أمس الأربعاء، مقتل ثلاثة جنود صهاينة وإصابة سبعة آخرين، بينهم حالات وُصفت بالحرجة، وذلك إثر وقوع حادثين ميدانيين في شمالي قطاع غزة.

 

وأفادت المصادر أن عبوة ناسفة شديدة الانفجار استهدفت دبابة صهيونية ما أدى إلى انقلابها، وأسفر عن مقتل وجرح الجنود الذين كانوا داخلها في شمالي قطاع غزة. وتم نقل الجنود المصابين بواسطة مروحية إجلاء عسكرية إلى مستشفى "تشعاري تسيديك" داخل الكيان، ووصفت المصادر الحدث بأنه "صعب جدًا".

 

وأشارت المصادر إلى أن هذا الحدث يأتي بعد أقل من ثمانٍ وأربعين ساعة على وقوع كمين محكم نصبه مقاتلو المقاومة الفلسطينية في بلدة بيت حانون شمالي القطاع، والذي أدى إلى مقتل ضابطين وجندي من جنود الاحتلال، بالإضافة إلى إصابة عدد آخر من الجنود.

 

معركة "طوفان الأقصى"

 

وتواصل كتائب القسام تصديها لقوات وآليات الاحتلال الصهيوني المتوغلة داخل قطاع غزة ضمن معركة "طوفان الأقصى"، التي تخوضها المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدوان الصهيوني المستمر منذ أربعمائة وستين يومًا.

 

ومنذ الخامس من أكتوبر الماضي، يشن جيش الاحتلال الصهيوني عدوانا واسع النطاق شمالي قطاع غزة، أسفر عن استشهاد نحو خمسة آلاف مواطن فلسطيني، وإصابة آلاف آخرين بجروح متفاوتة.