https://ikhwanonline.com/article/266140
الخميس ٢٤ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ - 22 مايو 2025 م - الساعة 11:28 م
إخوان أونلاين - الموقع الرسمي لجماعة الإخوان المسلمون
استشارات أسرية

الوحدة تحاصرني في الغربة.. وأريد الزواج!

الوحدة تحاصرني في الغربة.. وأريد الزواج!
الأربعاء 16 أبريل 2025 01:26 م
مغترب- مصر:

أنا شاب خريج حقوق أعمل بالخارج في غير مجالي القانوني وغير مستقر، فهل أكمل العمل بالخارج أم أنزل للعمل بمصر كمحامي أو بمشروع إنتاجي، ولا أعلم ما المصير في مصر مع العلم حالتنا ميسرة والحمد لله والوالد يعمل بالخارج أيضًا؛ ولكن لا يساعدنا في مصر فهو لديه مقوله: "لازم تبني نفسك".

 

فهل أنزل أم استكمل الغربة في الخارج، وقبل نزولي في آخر إجازة سألت والدتي ما أخبار العرائس فقالت لي انزل وهم كثرة، وعندما نزلت فعلاً لمدة ثلاثة أشهر إجازة، لكي أتزوج وأعف نفسي، كنت أرى الحياة وردية وسهلة للزواج؛ ولكن حدث غير ذلك، فحتى نصل إلى عروس قمنا بالبحث نحن الثلاثة أمي وأبي وأنا، فكان من شروطهم في البحث أن تكون طبيبة!

 

فكان لهم ذلك: الأولى كانت شقيقة صديقي طبيبة وتمت الموافقة من الطرفين إلا إنها اشترطت أن تكون فترة خطوبة فقط دون زواج، ووالدي صمم على الزواج إلا أن الرد جاءني من أخيها بالرفض لأنني لا أتكلم ويعلم الله أنني ليس لي سابق عهد في أمور الزواج أو مخاطبة النساء فهل ذلك يعيبني؟!

 

وأرادتها خطبة وأرادوها نكاح، وكوني لا أتكلم هل هذا يعيبني؟ وتقدمت لأخرى مهندسة فرفضوها لصعوبة أهلها، وتقدمت لثالثة قريبة لي مهندسة تم رفضي بحجة أنها تريد عمل الماجستير مع العلم أنها تكبرني بعام؟!

 

لماذا الرفض وهل أتزوج بمن هي أكبر مني؟، الرابعة طبيبة ورفضتني لعدم اشتغالي بمصر، الخامسة طبيبة رفضها والدي لسوء سمعة أبيها، لم تعجبني وهناك من رفضني لأنني محامي ولا يحبون المحاماة ولا أخفى عليكم أنني كنت يضيق صدري وأشعر بالأسى والحزن بعد كل مقابلة، ومرت الثلاثة أشهر وسافرت وأنني أشعر الآن بالفراغ والوحدة والضيق والحزن والألم لعدم الزواج ولما حدث لي في فترة الإجازة

 

فماذا أفعل في هذا الشعور مع العلم أن الأجازة القادمة بعد سنة برجاء الرد التفصيلي لأنني أتألم

 

يجيب عنها: الدكتور أسامة يحيى الاستشاري الاجتماعي في (إخوان أون لاين)

 

حمدًا لله الرازق الوهاب وصلاة وسلامًا على خاتم النبيين وإمام المرسلين وبعد.

يعاني العديد من الشباب المغترب غير المتزوج ما تعاني منه أنت، فالذي يعمل بالخارج يعاني الوحدة وما تجلبه من شعور بالضيق والحزن، وما يحصل عليه من إجازة قصيرة المدة قد لا تكفي ما ينبغي أن يتم خلالها من بحث عن عروس تحظى بقلبه وعقله وإتمام الخطوبة وما بعدها أو قبلها من اتفاقيات وما يتلو ذلك من كتب الكتاب وإعداد بيت وزفاف، كل ذلك في وقت وجيز خاطف، يوقع الشاب تحت ضغط قاس قد يدفعه إلى التعجل أو التوتر، مما يتسبب في ضيق الصدر والشعور بالأسى والحزن بعد كل مقابلة فاشلة كما حدث معك.

 

إنني أحترم رغبة الشاب إن أراد الزواج من طبيبة أو من خريجة كلية "مرموقة".. ولكن ليس من مقومات الزواج الناجح أن تكون الزوجة خريجة كلية "مرموقة".. فلمقومات الزواج الناجح عوامل أخرى كثيرة غير ذلك، إن معاييرنا يجب أن تتبدل، فقد يريد الشاب من زواجه بعروس طبيبة أو مهندسة أن تزيد من وجاهته الاجتماعية أو تعينه على النفقات المادية أو غير ذلك، إن هذه نظرة بها خلل واضح.. نظرة تخالف ما أوصانا به الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- بالظفر بذات الدين.. نظرة بها توظيف الزواج في غير وظيفته.. فعلى الشباب مراجعة مقومات الزواج الناجح المبارك وتصغير كل الشروط التي لها أهداف غير أن يكون الزواج ناجحًا يسيرًا مباركًا.

 

يا بني.. في أقل من ثلاثة أشهر دخلت عدد من البيوت فاق الستة بيوت من طبيبة إلى مهندسة، رفضت ورُفضت وانقضت الإجازة وعدت إلى عملك بالخارج متألمًا، إن ما حدث أمر غير مستغرب، فأسباب رفضك وأهلك لبعضهن وجيهة إن كانت هي الواقع بالفعل، فصعوبة أهل الفتاة أو سوء سمعة والدها أو رفضك لها هي بحق أسباب تدعو لعدم إتمام الخطوبة.

 

كما أن أسباب رفضهن وأهلهن لك عديدة مختلفة، فتعجلك بالزواج السريع قبل التعارف المريح مخيف للعروس وأهلها، إن السرعة التي يتم بها الزواج من أول بدء الارتباط حتى دخول عش الزوجية قد تلائم الشاب خاصة إن كان مستعدًا من الناحية المادية، أما الفتاة فلا تستريح البتة لمثل هذه السرعة خاصة لو لم يكن هناك سابق معرفة بالمتقدم للزواج بها، فليس الذكر كالأنثى، إن الرجل يستطيع أن يعاشر ويعايش من يحب ومن يكره، أما المرأة فلا تمنح قلبها ونفسها إلا لمن أحبته ولا تقوى على معاشرة ومعايشة من تكره، ولذلك تحتاج الفتاة وقتًا أطول- في العادة- من ذات الوقت الذي يحتاجه الشاب حتى تألف وتأمن لمن يتقدم لها خاطبًا إياها وإلا شعرت أنها سُرقت وأخذت بليل بغتة، وهذا ما ظهر من الأولى الطبيبة أخت صديقك التي اشترطت خطوبة فقط دون زواج حتى تتاح لها الفرصة كاملة للتعرف عليك والارتياح إليك.. وهذا طلب طبيعي للغاية.

 

وصمتك متعب للعروس، فالتي رفضتك لصمتك لها كل العذر، فالفتيات يحببن أن يتحدث من يتقدم إليهن لهن حتى يتم التعارف وتقع الألفة، فالعريس الصامت نكبة على عروسه.. نكبة تجعل العريس غامضًا في عين عروسه.. والفتاة لا ترضى بعريس غامض مبهم، وإن رضيت به وعاشت معه على غموضه فسوف تخطئ في تعاملها معه قولاً وعملاً بغير قصد.. وهذا شأن التعامل مع أي أمر غامض.. والخطأ في الأقوال والأعمال سيجلب الخلافات والمشاكل.  

 

وغربتك التي ستعرقل حصول الفتاة على درجة الماجستير، أو التي تفضل البقاء بمصر، أو التي لا تميل للتزوج بمن يمتهن مهنتك، كلها أسباب من الممكن أن تكون وجيهة جدًّا، أو تكون مبررات تستر عدم الرغبة في الارتباط بك.

 

أما سؤالك الخاص بإمكانية التزوج بمن هي أكبر منك سنًّا فذلك أمر جائز.. ولكن ضع في اعتبارك عددًا من الأمور منها: أن المرأة يظهر عليها الهرم قبل الرجل فهي تشيخ قبله وقد لا تقوى على تلبية احتياجاته كما يريد بالمستقبل، وأن قوامة الرجل قد يعتريها بعض الانتقاص لفارق التفكير والخبرة، وغير ذلك.. فإذا وضعت هذه الأمور في اعتبارك واستطعت تحملها وتخطيها فلا بأس من الزواج بمن تكبرك سنًّا، كما أن هناك صنفًا من الرجال يريد من زوجته معاملة مثل معاملة الأم فيجد فيمن تكبره بغيته ومراده.. وهكذا.

 

يا بني.. اعهد بأمر زواجك من الآن إلى من يعرفك جيدًا ويعرف طباعك ورغبتك ومن تثق به ممن تمرس على تزويج الفتيات والشباب.. فقد سألت أمك وهي كأي أم تريد أن تريح ولدها الحبيب فأجابت بما يسعده وفقط- فوالدتك على ما يبدو ليست خبيرة بتزويج الشباب والفتيات- وعند إجازتك القادمة سيعرض عليك من عهدت إليه بأمر زواجك من رآها تصلح لك، وإنني لا أرى بأسًا من أن تبحث عمن تناسبك بالبلد الذي أنت به الآن وستجد من بنات جلدتك من قد تصلح لك كزوجة بعد الاستشارة والاستخارة.

 

أنصحك بألا تحاول أن ترى أكبر عدد من الفتيات لتختار واحدة منهن وإلا ستتوه بينهن وتفقد البوصلة وتمضي بك الأيام بلا طائل.

 

أما عملك ببلدك أو بالخارج فالمعطيات التي عرضتها قليلة للغاية ولا تصلح لإصدار حكم أو قرار، ولكن بصفة عامة أطع والدك، فالظاهر أنه يريدك أن تعتمد على نفسك، ولا أعتقد أنه سيحرمك من عونه ومساندته إذا أطعته بشأن عملك. 

 

وفقك الله واسكن قلبك بما يحب ويرضى.