تقدمت أسرة الشاب محمود محمد أسعد، الشهير بـ"محمود ميكا"، اليوم السبت، ببلاغ رسمي إلى النائب العام محمد شوقي عياد، تطالب فيه بفتح تحقيق عاجل وشامل في واقعة وفاته داخل قسم شرطة الخليفة بمحافظة القاهرة، وذلك على خلفية ما وصفته الأسرة "بجريمة تعذيب مروعة أفضت إلى مقتله".
ويأتي هذا التحرك القانوني في ظل ما تعتبره الأسرة "تواطؤاً وصمتاً غير مبرر" من النيابة العامة، وتأخراً في اتخاذ خطوات جادة لمحاسبة المسئولين عن وفاة نجلهم، البالغ من العمر 26 عامًا، الذي لقي مصرعه، بحسب شهادات متعددة، نتيجة تعرضه للتعذيب داخل مقر احتجازه بعد أيام من توقيفه.
وأكدت الأسرة في بلاغها أن المسؤولية لا تقتصر فقط على بعض أفراد الشرطة المباشرين، بل تمتد لتشمل القيادات الأمنية بالقسم، وجميع من تورطوا أو تغاضوا عن الممارسات التي أودت بحياة محمود، وشددت على ضرورة التحقيق مع الضباط المسئولين عن احتجازه، والعناصر التي شاركت في تعذيبه أو تسترت على الجريمة، بالإضافة إلى محاسبة من حاولوا الضغط على الشهود لتغيير أقوالهم أو ثنيهم عن الإدلاء بشهاداتهم.
وعلمت الأسرة بوفاة محمود يوم السبت 12 إبريل الجاري، خلال توجهها لزيارته في محبسه، حيث فوجئت بإبلاغها بوفاته من قبل مسئولي القسم. ووفقًا لروايات أفراد الأسرة، فقد أنكر القسم في البداية وجوده، قبل أن يعترف لاحقًا بوفاته، مطالبًا الأسرة بالتوقيع على تسلّم الجثمان بدعوى "إكرام الميت"، وهو ما رفضته الأسرة، مطالبة بتشريح الجثمان، الذي أظهر لاحقًا، بحسب الشهادات، آثار تعذيب واضحة على جسده.
وذكرت إحدى قريبات الضحية في شهادة صوتية سابقة أن محمود أُوقِف عشوائيًا من الشارع من قبل ضباط الشرطة، دون أسباب واضحة، واقتيد إلى قسم الخليفة، حيث لُفِّق محضر ضده، ومُنع عنه الطعام والزيارة. ووفقًا لشهادتها، عُزل في زنزانة انفرادية بحجة تأديبه بعد مشاجرة مختلقة داخل الحجز، ما يرجح فرضية تعرضه للتعذيب المنهجي.
وأكدت شهادات موثقة من ستة محتجزين في القسم، تعرّض محمود لتعذيب عنيف أفضى إلى موته، وسط مخاوف من ممارسة ضغوط على هؤلاء الشهود لمنعهم من الإدلاء بشهاداتهم أمام النيابة.
هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها داخل قسم شرطة الخليفة، إذ أُبلِغ عن حالات مشابهة خلال الشهر الجاري، وسط مناخ من الترهيب والصمت المفروض على ذوي الضحايا.
وأكدت تقارير سابقة توثيق حالات وفاة مماثلة داخل أماكن الاحتجاز، محذرة من "مناخ الإفلات من العقاب" الذي يغذي هذه الانتهاكات، في ظل ما وصفته بـ"تقصير النيابة العامة وتواطئها في القيام بدورها الرقابي".