تحدث الرئيس السوري أحمد الشرع في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، اليوم الأربعاء، عن مفاوضات تجريها حكومته بشأن صفقات مع كلّ من تركيا وروسيا، ملمحاً إلى إمكانية الحصول على دعم عسكري مستقبلي من كلا البلدين.

وقال الشرع إن لتركيا وروسيا وجودا عسكريا في سورية، لافتاً إلى أن بلاده ألغت اتفاقيات سابقة بين سورية ودول أخرى، وتعمل على تطوير اتفاقيات جديدة.

 وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن الرئيس السوري بدا منفتحاً على شراء أسلحة إضافية من روسيا ودول أخرى. ولفت الشرع إلى أن أي فوضى في سورية لن تضرّ بالدول المجاورة فقط، بل بالعالم أجمع، متحدثاً عن جهوده الرامية إلى كسب الدعم الأجنبي.

 

وقال: "إن سقوط النظام والدولة الجديدة التي وجدت سورية نفسها فيها، مهّدا الطريق لمنظومة جديدة كلياً من العلاقات الأمنية في المنطقة. ولهذا السبب، تهتم دول عدة، سواء إقليمية أو أوروبية، اهتماماً بالغاً باستقرار سورية".

وفي وقت يحاول الشرع إقناع الغرب بأنه شريك موثوق، يبدو أنه بصدد بناء علاقات جديدة مع روسيا، التي لديها مصلحة استراتيجية في الاحتفاظ بقواعد عسكرية في سورية. وفي الشأن، لفت إلى أن دمشق أبلغت جميع الأطراف بأن هذا الوجود العسكري يجب أن يكون متوافقاً مع الإطار القانوني السوري، مشدداً على أن أي اتفاقيات جديدة يجب أن تضمن استقلال سورية، واستقرار أمنها، وألا يشكّل وجود أي دولة تهديداً أو خطراً على الدول الأخرى عبر الأراضي السورية. وأكد أن سورية ملتزمة، منذ البداية، حتى قبل وصول فصائل المعارضة إلى دمشق، بمنع استخدام أراضيها بأي شكل يهدد أي دولة أجنبية.

وتحدث الشرع عن أن روسيا زوّدت الجيش السوري بالأسلحة لعقود خلال مرحلة النظام السابق، ما يعني أن بلاده قد تحتاج دعم روسيا أو دول أخرى مجدداً في المستقبل، قائلاً إن دمشق لم تتلقَ حتى الآن عروضاً أخرى لاستبدال الأسلحة السورية، التي هي في معظمها من إنتاج موسكو.

وأضاف: "روسيا عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، وأسلحة سورية روسية بالكامل، وهناك العديد من اتفاقيات الغذاء والطاقة التي اعتمدت عليها سورية لسنوات طويلة"، قائلاً: "يجب أن نأخذ هذه المصالح السورية في الاعتبار.

 

وفي سياق آخر، ناشد الشرع واشنطن رفع العقوبات التي تفرضها على بلاده، معتبراً أن الأمر منطقي الآن بعد سقوط النظام السابق، مشيراً إلى أن العقوبات فُرضت رداً على الجرائم التي ارتكبها النظام السابق بحق الشعب. وخففت أوروبا في الأسابيع الأخيرة العقوبات على سورية، في وقت أصدرت واشنطن إعفاءً مؤقتاً يسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى سورية، لكن الأمر لم يُحدث تأثيراً يُذكر على الاقتصاد حتى الآن. ولفت الشرع إلى أنه قبل سقوط النظام، كان الاقتصاد يُدمَّر بشكل ممنهج، حيث كانت قطاعات بأكملها على وشك التدمير، الزراعة، والاقتصاد، والقطاع المالي، وقطاع الخدمات، والسياحة. وتطرق الرئيس السوري في حديثه إلى الشروط الأمريكية لتخفيف العقوبات والاعتراف بالحكومة، مشيراً إلى أن بعضها يحتاج إلى مناقشة أو تعديل، رافضاً الخوض في مزيد من التفاصيل.

 

وتناولت المقابلة أحداث الساحل السوري التي أدت إلى مقتل مئات السوريين في مارس الماضي، حيث شدد الشرع على التزام حكومته بالحفاظ على السلام في الساحل، ومحاسبة المسؤولين عن الأحداث، مشيراً إلى التحديات المرتبطة بإعادة بناء المؤسسة العسكرية، موضحاً أن بضعة أشهر ليست كافية لبناء جيش كفوء لدولة بحجم سورية، ومؤكداً أن الأمر يشكل تحدياً هائلاً، وسيستغرق بعض الوقت.

نائب أمريكي يلتقي الشرع في دمشق

 

وتزامنت مقابلة الشرع مع زيارة عضو الكونجرس الأمريكي الجمهوري كوري ميلز إلى سورية الذي التقى بالشرع، لافتاً إلى أن اللقاء تناول عدداً من الملفات الحيوية، من بينها قضايا تتعلق بالأمن القومي، وتحديد الوضع الحدودي مع الدول المجاورة. وقال ميلز إن الحوار مع الشرع كان "ملهماً" وساهم في بناء فهم أوسع للأعداء المشتركين بين الطرفين، ما يساهم في تحديد الشريك الأفضل للمرحلة المقبلة.

 

وأشار ميلز إلى أن النقاش شمل أيضاً موضوع التعددية والمشاركة المتساوية للرجال والنساء داخل الحكومة والوزارات، مع التأكيد على أهمية المساواة في مختلف مستويات العمل الحكومي. وفي ما يخص الملف الاقتصادي، أكد عضو الكونجرس الأمريكي أن المحادثات تناولت العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، وتأثيرها المباشر على الشعب السوري بعد سنوات الحرب، إضافة إلى أهمية إعادة هيكلة الاقتصاد والتجارة من أجل مستقبل مستقر.