قررت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمجمع سجون مدينة بدر، مساء أمس الأربعاء، تجديد حبس عدد من الصحفيين والنشطاء السياسيين والحقوقيين لمدة 45 يوماً لكل منهم، على ذمة قضايا مختلفة، تتضمن اختفاءً قسرياً، واتهامات مكررة، وجلسات لا تحقيقات فيها، ولا حضور للمحتجزين. ومن أبرز من جرى تجديد حبسهم الصحفي خالد ممدوح محمد، مدير التحرير بقناة "MBC مصر"، الذي اعتقل من منزله في منطقة المقطم فجر يوم 16 يوليو 2024، قبل أن يختفي قسريًا لأيام، ليظهر بنيابة أمن الدولة العليا متهما بثلاث تهم هي: "الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها"، و"تمويل جماعة إرهابية"، و"نشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة من شأنها الإضرار بالأمن والنظام العام"، في القضية رقم 1282 لسنة 2024 حصر أمن دولة عليا.

وبرغم المطالبات المتكررة من أسرته ونقابة الصحفيين بالكشف عن مكان احتجازه وتمكين محاميه من التواصل معه، فإن السلطات لم تستجب. وأُجريت جلسة تجديد الحبس دون مثوله أمام القاضي، إذ اكتفى الأمن بعرضه على المحكمة عبر "الفيديو كونفرانس"، دون إجراء أي تحقيق جديد، وهو ما وصفه حقوقيون بـ"التدوير المؤسسي للاتهامات".

 

وقررت المحكمة ذاتها تجديد حبس السياسي محمد القصاص، نائب رئيس حزب "مصر القوية"، لمدة 45 يوماً على ذمة القضية رقم 786 لسنة 2020 أمن دولة عليا، وهي القضية الثالثة التي يُدوّر فيها منذ اعتقاله. وتم التجديد دون تحقيق، عبر "الفيديو كونفرانس". وصدر بحق القصاص حكم نهائي في مايو 2022، بالسجن عشر سنوات والمراقبة لخمسة أعوام، بعد إتمام الحكم، في قضية سابقة حملت رقم 1059 لسنة 2021، بتهمة "تأسيس وقيادة جماعة إرهابية والترويج لأغراضها"، في محاكمة استثنائية أمام محكمة طوارئ لا يجوز الطعن على أحكامها.

 

وفي الجلسة ذاتها، جُدد حبس الناشط السياسي أحمد حمدي السيد سليمان، الشهير بـ"جيكا"، لمدة 45 يومًا على ذمة القضية رقم 165 لسنة 2024 حصر أمن دولة عليا، بتهمتي "الانضمام إلى جماعة إرهابية" و"تمويلها".

ووفق مصادر حقوقية، لم يُجرَ معه أي تحقيق في الجلسة، ولم تُواجهه النيابة بأي أدلة جديدة. ويُعد "جيكا" من أبرز الأمثلة على ظاهرة التدوير، حيث يُعاد احتجازه كلما أنهى مدة في قضية، ليُعاد إدراجه في أخرى بالتهم ذاتها، دون مراعاة لضمانات المحاكمة العادلة.

 

وجددت المحكمة حبس نورهان أحمد دراز (54 عاماً)، الموظفة المتقاعدة من مديرية الشئون الاجتماعية، بعدما وجهت لها النيابة تهم "الانضمام إلى جماعة منشأة بالمخالفة للقانون، وتلقي تمويلات أجنبية، ونشر أخبار كاذبة، واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي".

جاءت الاتهامات على خلفية منشور لها على صفحتها الشخصية في "فيسبوك" تنتقد فيه الأوضاع الاقتصادية والسياسية بالبلاد، فيما تقدمت أسرتها ببلاغ للنائب العام تطالب فيه بإخلاء سبيلها خوفاً على حياتها، خاصة أنها مريضة بأمراض مزمنة وتعرضت للمنع الكامل من حصولها على الدواء لمدة 12 يوماً خلال فترة إخفائها القسري، التي امتدت من الخامس إلى السابع عشر من أغسطس 2024.

 

وشملت قرارات التجديد المحامية فاطمة الزهراء غريب محمد، التي اعتُقلت أثناء كتابتها عبارات مناهضة للنظام على جدران مبانٍ حكومية في مدينة أسوان. وقد وجهت لها النيابة اتهامات بـ"نشر أخبار كاذبة، إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، الانضمام إلى جماعة إرهابية، والتحريض على التظاهر"، في القضية رقم 1282 لسنة 2024، وهي القضية ذاتها التي تضم أيضًا الصحفي خالد ممدوح. واعتُقلت فاطمة من منطقة الشيخ هارون في أسوان بعد ضبطها من قبل دورية شرطة، وتم اقتيادها إلى جهة غير معلومة، قبل ظهورها لاحقًا في نيابة أمن الدولة، وهي الآن رهن الحبس الاحتياطي بلا تحقيقات جديدة.

 

وجددت المحكمة حبس الناشط السياسي يوسف علي عبد الرحمن، الشهير بـ"جو الأسطورة"، أحد رموز حركة 6 إبريل و"بلاك بلوك"، على ذمة القضية رقم 1391 لسنة 2022 حصر أمن دولة عليا، ليكمل عاماً جديداً من الحبس على خلفية تهم تقليدية تتعلق بـ"الانضمام إلى جماعة إرهابية، والتحريض على العنف، ونشر أخبار كاذبة". ويمثل يوسف حالة نادرة في تكرار "التدوير"، حيث يواجه الآن القضية العاشرة منذ بدء احتجازه في عام 2016، بعد تعرضه للاختفاء القسري المتكرر وتدويره المستمر.

 

وشمل القرار الناشط هيثم أحمد عبد العزيز محمد، الشهير بـ"هيثم دبور"، أحد أعضاء حملة أحمد طنطاوي بمحافظة الإسكندرية، بعد اعتقاله في مايو 2024 من منزله بسبب تدوينات عبر "فيسبوك" دعمت القضية الفلسطينية وانتقدت نظام الانقلاب.

 ويواجه دبور اتهامات بـ"نشر أخبار كاذبة، إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والانضمام إلى جماعة إرهابية"، ضمن القضية نفسها رقم 1282 لسنة 2024.

 

واختتمت المحكمة الجلسات بقرار تجديد حبس الصحفي أحمد بيومي 45 يومًا على ذمة القضية رقم 5054 لسنة 2024 حصر أمن دولة عليا، بعد اعتقاله من منزله في سبتمبر الماضي واختفائه قسرياً لمدة 47 يوماً. وكانت نقابة الصحفيين قد نددت باعتقاله، واعتبرته جزءاً من "تصاعد الحملة الأمنية التي تستهدف الصحفيين"، خاصة بعد احتجاز زملائه أشرف عمر، خالد ممدوح، وياسر أبو العلا وزوجته. وفقا لقانونيين، تشترك جميع الحالات في نمط قضائي وأمني يتكرر في مصر: حبس احتياطي طويل دون تحقيقات، اتهامات فضفاضة ومتشابهة، تدوير في قضايا جديدة، غياب المحاكمة العادلة، ومنع التواصل مع المحامين أو الأسر.