برغم تراجع الطلب، تشهد أسعار الأضاحي ارتفاعاً كبيراً في مصر، قبل أيام من عيد الأضحى، مدفوعة بندرة المعروض من المواشي والأغنام، وتراجع القوة الشرائية للمواطنين، وخاصة الطبقة الوسطى الحريصة على إحياء الشعيرة المقدسة، التي تدخل البهجة على المواطنين.

 

ظلت الأسر المصرية تتباهى بتجهيز أضحيتها قبل أيام من العيد، وباتت أسر كثيرة اليوم تتابع أسعارها في نشرات الأخبار، أو التنقل بين الأسواق، باحثة عن بصيص أمل، للعثور على أضحية مقابل سعرٍ معقول.

"زمان كنا نشتري خروف ونفرح بيه مع العيال، حالياً حتى كيلو اللحمة البلدي أصبح حلماً".. بهذه الكلمات يلخص عم محمد، سباك في الخمسين من عمره، حال مئات الآلاف من المصريين. يُضيف وهو يقف في سوق مواشي العامرية بالإسكندرية: "سألت عن الخروف، قالوا إن ثمنه 16 ألف جنيه، ومرتبي كله لعدة أشهر، لا يكفي لشراء خروف العيد".

وشهدت أسعار الأضاحي لهذا العام قفزات غير مسبوقة، ما جعل الكثير من المصريين يعجزون عن تلبية نداء الشعيرة الدينية. يتراوح سعر الكيلو القائم (غير المذبوح) للعجول البقري ما بين 175 و195 جنيهاً، وللجاموس بين 155 و175 جنيهاً، بينما بلغ سعر كيلو القائم في الخراف والماعز 200 جنيه، ما يعني أن سعر العجل الكامل يزيد عن 100 ألف جنيه، في حين يتجاوز ثمن الخروف المتوسط 15 ألف جنيه، حسب رصد أجراه تجار .

يؤكد التجار في أسواق المواشي أن الارتفاع في الأسعار هذا العام مقارنة بـ2024، والذي يتراوح بين 15% و20%، يأتي نتيجة الضغط على المخزون المحلي، وارتفاع تكلفة الأعلاف والعمالة.

ويقول تاجر مواشٍ في سوق أبيس (منطقة بين محافظتي الإسكندرية والبحيرة)، علواني عبد العاطي، إن تكاليف التربية هي السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار: "العلف غالٍ، وكيس الردة بـ300 جنيه. غير التحصينات البيطرية والنقل والعمالة".

بينما يشير أحد كبار المربين بمدينة كفر الدوار (شمال)، محمود القناوي، إلى أن السوق في حالة ركود"، بسبب غياب الزبائن رغم توافر المواشي بكثرة هذا العام.

أما الموظف الحكومي، مصطفى فوزي، فيقول: "لا أضحية ولا غيره، إحنا يادوب عايشين. مرتبي خلص قبل نص الشهر، وأدفع إيجار وكهربا وغاز. العيد هذا العام للناس اللي فوق بس، وليس للطبقة المتوسطة التي يبدوا أنها دائماً تعاني في المناسبات".

أمام هذا الواقع، بدأ كثير من المصريين في البحث عن حلول بديلة. تقول عبير مصطفى، موظفة وأم لثلاثة أبناء: "أصبحنا نفكر في الاشتراك الجماعي. يعني خمس أو ست عائلات تشتري عجلاً واحداً، وكل بيت يأخذ نصيبه. وهناك كثيرون قرروا الاكتفاء بشراء اللحم من الجزار، كل حسب إمكانياته".

بعض الجمعيات الخيرية والمؤسسات الدينية دخلت على خط الأزمة، مُعلنة عن توفير أضاح بأسعار أقل، أو تنظيم حملات للذبح الجماعي. إلا أن الإقبال عليها هذا العام كان أقل من الأعوام السابقة، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة.

يقول مسئول في إحدى الجمعيات الخيرية بالإسكندرية، أحمد الطوخي: "كنا العام الماضي نوفر 50 رأس ماشية للأضحية، هذا العام لم نكمل 20 رأساً حتى الآن. الناس غير قادرة، والمساهمات قلت 60%".

وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الأضاحي دفع البعض إلى القيام بتنفيذ الشعيرة، وتوزيع لحومها على المحتاجين داخل بعض الدول الأفريقية والاستفادة من رخص الأسعار، إلا أن الطلب ما زال ضعيفاً أيضاً.