د. حلمي محمد القاعود

 

أخيرًا سقطت جمهورية الخوف والرعب والتعذيب والقتل والخيانة والتعاون مع العدوِّ في غزة الصامدة!

 

سقطت الجمهورية التي استعصت على الترويض طوال سنوات واتفاقات ما بين القاهرة ودمشق وعمَّان والأردن وبيروت.. والمجرمون الذين يقودونها سادرون في غيِّهم وإجرامهم وقتل ضحاياهم باسم النضال والثورة!

 

سقطت جمهورية القتلة والسفاحين الذين انتشلهم ياسر عرفات من القاع، فصاروا مليارديرات، وتآمروا عليه وعلى الوطن السليب وراحوا يعملون لحساب العدو النازي اليهودي الذي قهر أهليهم وذويهم وهجَّرهم وحرمهم الأمن والطمأنينة والحياة الكريمة بعد أن استولى على أراضيهم ومدنهم وقراهم ومقدسات المسلمين.

 

سقطت الجمهورية غير الشرعية التي كانت تحظى بحماية الغزاة اللصوص الذين جاءوا من كل بقاع الأرض ليؤسِّسوا قاعدةً لقهر الأمة الإسلامية وإذلالها وإبادتها، وتحويل مَن يتبقى إلى هنود حمر، لا دينَ لهم ولا كرامةَ ولا شرف.

 

سقطت جمهورية دحلانستان وعاصمتها تل الهوى في غزة الشريفة المجاهدة التي أرغمت جيش الغزو النازي اليهودي على الرحيل وتفكيك مستوطناته، وإن كان قد حاصرها برًّا وبحرًا وجوًّا بفضل الإخوة الأعداء الذين فقدوا كرامة الإسلام وشرف الجهاد ورجولة التضحيات، بل كان بعضهم يتطوع بإرسال المعلومات عن الأسلحة التي تهرَّب إلى القطاع كي يدافع عنه أبناؤه الشرفاء! بل منعوا الأغذية والأموال التي كان يتبرع بها العرب والمسلمون لأشقائهم المحاصرين.. يا له من عارٍ يلحق بمَن فعلوه وقاموا به وحرَّضوا عليه.

 

غزة التي طردت العدوَّ النازي، لم تستطع طوال سنوات أن تطرد العدوَّ العميل، الذي أساء إلى فتح وشرفاء فتح في كتائب الأقصى، ومذ نجحت حماس في الانتخابات التشريعية والعملاء القتلة لم يهدأ لهم بال، وفي عاصمتهم تل الهوى، كان الأمن الوقائي يخطف الناس ويُعذّبهم ويسلبهم ما لديهم ويلقي بهم مَن على سطحه! تحوَّل الأمن الوقائي إلى صورةٍ مستنسخةٍ من مقار التعذيب والإذلال في الدول العربية الأخرى التي تدَّعي الديمقراطية والحرية والحفاظ على كرامة الإنسان!

 

لو لم تقم "حماس" بغير هذا العمل لكفاها فخرًا وشرفًا إلى يوم الدين.

أعلم أن النخب المتغربة الموالية للصهيونية وأمريكا.. لم يُعجبها الحدث، ولم تر فيه إلا هزيمة للمشروع الغربي الصهيوني الذي يستهدف الإسلام بالدرجةِ الأولى بعد أن استهدف الأوطان الإسلامية والمقدسات الإسلامية وسيطر عليها وهيمن.. ولكنه لم يستطع أن يُسيطر على النفوس أو يُهيمن على القلوب المؤمنة بالله والرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم-.. ولن يستطيع بإذن الله مهما بلغ القهر ومهما استبدَّ الظالمون ومهما بلغ الحصار.

 

كتب شاعر عربي من مواليد فلسطين يحمل الجنسية العبرية يُوبِّخ الشعب الفلسطيني على ما جرى في غزة، وقال: "لولا الحياء والظلام، لزرت غزة، دون أن أعرف الطريق إلى بيت أبي سفيان الجديد، ولا اسم النبي الجديد! ولولا أنَّ محمدًا- صلى الله عليه وسلم (هذه من عندي)- هو خاتم الأنبياء لصار لكلِّ عصابةٍ نبي، ولكل صحابي ميليشيا!".

 

وأقول للشاعر الذي يحمل الجنسية العبرية: إن القتلة الذين سفحوا دماء الأبرياء في جمهورية دحلانستان يُساعدون العدو، ويستقوون به على شعبهم، وكان الأولى بك أن تدينهم من زمانٍ بعيد، بدلاً من أن تسخر ممن قاموا بإنهاء إجرامهم وأوقفوا دمويتهم، مما اضطرهم إلى الهروب في زوارق عبرية إلى حيفا وعسقلان المحتلتين، ومنها إلى أرض الكنانة ليستمعوا إلى توبيخٍ على طريقةٍ أخرى، فهم يملكون عشرات الألوف تحت قيادتهم مع كثيرٍ من الأسلحة والأموال، ولكن قلة مؤمنة هزمتهم، وخلَّصت الشعب الفلسطيني المهزوم من شرورهم.