يُخطئ مَن يظن أن فتح هي التي تقود صراعًا ضد حماس وأنها الطرف الفاعل أو صاحب القرار أو تملك من أمرها شيئًا- الحقيقة أن الذي يُدير الصراع ضد حماس هي أمريكا والصهاينة وتوابعهما- للأسف- من دول عربية- رسخ في إيمانها أن أمريكا- حاكمة الكون وأن 100% لا 99% من أوراق اللعبة معها؛ فلا يعصون لها أمرًا، ولا يناقشون لها قرارًا، إنما هي الطاعة العمياء لأميرة الفوضى الهدامة، الهلاكة، الخناقة الأميرة السوداء السيدة كوندي.

 

بداية الأزمة والسبب الحقيقي:

بعد نجاح حماس في الانتخابات التشريعية بنسبة تزيد عن 70%؛ مما يعني أن الشعب الفلسطيني اختار برنامج المقاومة ضد العدو في الخارج واختار القضاء على الفساد والفلتان الأمني في الداخل، وحددت حماس أهدافها من استمرار مشروع المقاومة وعدم تجريم سلاحها، ويظل سلاح المقاومة مشروعًا ومشهرًّا في وجه الاحتلال، مع ضبط الشارع الفلسطيني بعدما سادت فيه عمليات السرقة والنهب من لصوصٍ صغار- وغلق مصانع الفساد والتي يُديرها الكبار.

 

فأرادت حماس إضفاء مشروعيةً على القوة التنفيذية بإضافتها إلى وزارة الداخلية- حتى تحمي المقاومين من كافة الفصائل الإسلامية من استهداف صواريخ العدو.

 

ورحَّبت فتح ورحَّب الرئيس الفلسطيني أبو مازن بذلك وبعد سويعات قليلة أعلن الصهاينة رفضهم مع أن هذا شأن فلسطيني داخلي- ورفضت أمريكا وقالت إنها لن تضفي مشروعية على الإرهابين (المقاومين).

 

وحاول سعيد صيام- وزير الداخلية الأسبق- فعل شيء نحو انضباط الشارع الفلسطيني فلم يجد مساندةً من أبي مازن؛ لأن فرق الموت التابعة لأمراء القتل- دحلان ورفاقه- لا يدينون بالولاء له، وما هو إلا أضعف رجل داخل فتح-؛ لأنه ليس له تنظيم داخلي يدين له بالولاء أمثال هؤلاء.

 

وتم إعادة تشكيل وزارة جديدة تخلَّت فيها حماس عن معظم الوزارات، وجاءت حكومة شبه (تكنوقراط) وتركت حماس وزارة الداخلية والمالية، وجاء هاني القواسمي واستقال بعد فترةٍ قصيرة؛ لأنه وزير داخلية ولا يملك عسكريًّا واحدًا، وفرق الموت وعصابات الاغتيال لا تُمكِّنه من النجاح ولا يملك محمود عباس من أمرها شيئًا، وهذه العصابات من مصلحتها إشاعة الفوضى والقتل والنهب؛ مما يشير إلى فشل حكومة إسماعيل هنية ويخلق رفضًا شعبيًّا لاستمرارها.

 

وتولى إسماعيل هنية وزارة الداخلية وحاول بث الانضباط والهدوء، ورأت فرق الموت أنها فرصة لبث المزيد من الفوضى والفلتان، مما يلصق الفشل بشكلٍ مباشرٍ برئيس الوزراء ووزير الداخلية في وقتٍ واحدٍ إسماعيل هنية.

 

وناشد إسماعيل هنية (أبو مازن) ولم يفعل شيئًا بل زادت وتيرة القتل وتوسعت قائمة المطلوبين لدى عصابات وفرق الموت فقتلوا وأعدموا أئمة مساجد وحفظة للقرآن مثل الإمام الشيخ الرفاتي وأبو قبيص، وديس المصحف الشريف، واستُهدف علماء ورموز وكوارد وصحفيون ومصلون وخطباء وأطباء.

 

ولم تكن هذه خطة فتح إنما كانت خطة "دايتون" المنسق الأمريكي- وما فرق الموت إلا الذراع التنفيذي ووصلت المعلومات إلى حماس من أطراف داخل فتح عن تفاصيل هذه الخطة أن تقوم عصابات بإشاعة الفوضى وقتل منهجي لكل قيادات وكوادر حماس والرموز الدينية في غزة، ويحدث اجتياح بقوات دحلان التي تمَّ تدريبها في أراضٍ عربية وتم دعمها بسلاحٍ صهيوني وأمريكي تمَّ تهريبه داخل غزة حتى يدين الجميع لمشروع الاستسلام وينتهي المشروع المقاوم الذي تقوده حماس وتنتهي القضية الفلسطينية- بكل أبعادها- فلا كلامَ عن فلسطين من البحر إلى النهر، ولا عن حق العودة ولا عن المعتقلين ولا عن القدس الشريف، ويتم التسليم كل التسليم للعدو ليفعل بالشعب الفلسطيني ما يشاء.

 

هاجمت حماس أوكار القتلة ومغارات السفاحين وقتلة الأبرياء وسيطرت على هذه المنافذ ولم تهاجم غيرهم، واستولت وسيطرت على هذه المنافذ ولم تعادِ غيرهم، واستولت على وثائق سوف تكشف الأيام مدى عمالة الكثير ضد المشروع الوطني الفلسطيني.

 

ودارت الآلة الإعلامية (الكذابة) لتصوير الضحية بالجلاد وتصوير الجلاد بالضحية، وقلب الحقائق وأنه انقلابٌ من حماس على الشرعية، مع أن حماس أعلنت عبر خطابِ أكبر مسئولٍ فيها أنها:

 

- تحترم شرعية الرئيس الفلسطيني الذي جاء بانتخابات فلسطينية، كما تحترم شرعية حكومة الوحدة الوطنية، وتدعو لاستكمال الحوار، كما يتم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق ومعاقبة المخطئ، وأنها تؤمن بأن فلسطين شعب واحد وطن واحد بأهداف واحدة.

 

وكان خطاب خالد مشعل في أعلى درجات الرقي ويُعدُّ مبادرةً حقيقيةً وعمليةً لحل الأزمة، ولكن أمريكا أملت على أبو مازن تشكيلَ حكومة طوارئ بالمخالفة للدستور الفلسطيني؛ لأنه لا بد أن يوافق المجلس التشريعي الفلسطيني على حكومة الطوارئ ولم يحدث ذلك، وأملتْ عليه رفض الحوار حتى الألفاظ أملتها عليه مثل (الانقلابية) (وأمراء الظلام).

 

إذا كانت (فتح) تريد حلاًّ للأزمة؟ لماذا لم توافق على قرارات الجامعة العربية؟ وهي:

1) الاعتراف بالشرعية.

2) الحوار.

3) لجنة تقصي الحقائق.

4) إغاثة المنكوبين ورفض حصار الفلسطينيين.

لأن عباس على يقينٍ أن لجنة تقصي الحقائق سوف تُدين (الانقلابين داخل فتح)؟
بالمناسبة ليس كل (فتح) تابعين بلا عقلٍ لأبو مازن ودحلان، إنما فيهم رجالٌ رفضوا وأدانوا التصرفات الصيانية لقادتهم ممن سلم القيادة إلى أولمرت والأنسة كوندي.

 

ثم أراد أبو مازن أن يجتذب تعاطف شعبي لشخصه أو صناعة (كاريزمة) بفكرةٍ قديمةٍ بالية- عف عليها الزمان إنه مستهدف اغتياله- وأن هناك شريطًا (فيلم وثائقي) يصور ذلك، واسأله: مَن القاتل العبيط الذي يصور الجريمةَ حتى يُدان بها؟

 

وقال إنه أرسل الفليم إلى خالد مشعل- وما زال خالد مشعل ينتظر الفيلم حتى هذه اللحظة ولم يصله- الظاهر أنه يوجد عيبٌ في المواصلات!!.

 

بلاش طيب أطلب منه عرض الفيلم على وسائل الإعلام إن كان صادقًا لكنه الكذب الفاضح وحديث الإفك سقط عباس في خطابه الذي لم يكتبه إنما قرأه فقط، فكل دور المسكين القراءة لا الكتابة، الإذعان لا الأمر، التنفيذ لا التخطيط.. فهل يعقل أن رئيس شعب يرفض الحوار مع شعبه؟

 

هل يعقل أن رئيسًا يتعاون مع العدو ضد فصيلٍ ضخمٍ وكبيرٍ ومؤيدٍ من الشعب الفلسطيني ويهدد هذا الفصيل باحتمال الاجتياح، وأن خطةً أمنيةً تعد بدعمٍ محلي وإقليمي ودولي؟..... يا للعار.

 

هل من مصلحة فتح دخول قوات دولية إلى غزة يعني احتلالاً جديدًا، وأتحدَّى أن تأتي قوات دولية ولا تستطيع دولة إرسال قوات دولية؛ لأن المشهد العراقي ما زال عالقًا بالأذهان.

 

هل من مصلحة الأمن القومي المصري القضاء على حماس وإنهاء دورها في القضية الفلسطينية؟ أليس في وجود قوات دولية على الحدود المصرية الفلسطينية تهديدٌ للأمن القومي المصري؟

 

هل يتحمل المجتمع الدولي حصار وإبادة شعب بكارثةٍ إنسانيةٍ كما يهدد أبو مازن، وكما فعل الصهاينة بالتنسيق معه بقطع الغاز والكهرباء والغذاء؛ مما قد يهدد بتفشي الأمراض والقضاء على الأطفال والمرضى؟.

 

أمريكا أعلنت أنها سوف تدعم الضفة وتزيد المعونةَ لها وتعترف بحكومة الطوارئ التي جاءت بتخطيطها وكذلك "إسرائيل" تعلن دعمها لأبو مازن بلا حدود.

وها هي ليفني تلتقي بوزير الداخلية لإعداد خطة اجتياح غزة.

 

وها هو الكيان الصهيوني يعد العدةَ للغارة على غزة، وأظن أنه قد يتراجع في الوقت الراهن- ولكن الفكرة لم تلغَ نهائيًّا.

 

إذا كانت أمريكا والكيان مع أبو مازن فمَن مع حماس ومع الشعب الفلطسيني؟

مَن مَع المقاومة ومَن مع الاستسلام؟

مَن مع الأطفال المحاصرين (في شعب غزة)؟

تباين المعسكران فأي معسكرٍ تختار؟

معسكر أمريكا والصهاينة أم معسكر الفلسطينيين؟

أظنك قد اخترت الجواب الصحيح.