د. حلمي محمد القاعود

 

بعد هزيمة التيار الخائن في فتح وافتضاح أمره، من خلال العثور على العدد الهائل من الوثائق والأشرطة التي فحصها رجال القسام، أعلن آية الله محمود رضا عباس ميرزا- رئيس ما يسمَّى السلطة الفلسطينية (أين هي؟)- أنه لن يسمح بإقامة إمارة ظلامية في غزة!! إمارة ظلامية تعني بالمفهوم العلماني الموالي للغرب الاستعماري والنازية اليهودية "إمارة إسلامية".

 

والإسلام في مفهوم مثقفي الحظيرة العرب ونظرائهم في لاظوغلي واليسار المتأمرك وأنصار الاستسلام للغزو النازي اليهودي يعني الإظلام أو الظلام، مع أن الإسلام جاء ليُخرج الناس من الظلمات إلى النور.. ظلمات الشرك والوثنية والظلم والانحراف عن الفطرة الإنسانية إلى نور التوحيد والعدل والفطرة الإنسانية السويَّة: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)﴾ (البقرة: 257).

 

والظلام أو الإظلام هو الاسم الكودي للإسلام، صكَّه مثقفُ حظيرةٍ، نذر نفسه لخدمة النظام البوليسي الفاشي، والتقرب إليه نظيرَ فتاتٍ يحصل عليه بالإساءة إلى الإسلام والمسلمين، وخلع أوصاف النظام الكنسي الإجرامي في العصور الوسطى الأوروبية المظلمة على الإسلام وعلماء المسلمين، وقد استَخدَم خصومُ الإسلام وأحباب اليهود والغرب هذا الاسمَ الكودي، ومنهم "أبو مازن" الذي يتهالك على إقامة دويلةٍ أو كيانٍ هشٍّ خاضعٍ للاحتلال، يكون هو رئيسه، ولو كان الثمنُ قتْلَ معارضيه ورجال المقاومة أو تقديمهم للعدو مجانًا (أحمد سعادات رئيس الجبهة الشعبية نموذجًا) في خسَّة غير مسبوقة، ونذالة يأباها الشرفاء!!

 

ومحمود رضا عباس ميرزا لا يرى ظلاميةً في إقامة إمارة في الضفة الغربية على أساسٍ بهائي، يرفض الجهاد، ويوالي الغزاة، ويصنع إسلامًا آخر يلائم الرغبة الاستعمارية الغربية، وعبادة "البهاء الأكبر" أو "البهاء الأصغر" في واشنطن أو حيفا، لا يهم.. المهم ألا يكون إسلامًا حقيقيًّا يُدافع عن العقيدة والأرض والعرض والثروات والمقدسات!!

 

وقد ردَّد "أبو مازن" ما قالته أجهزة الإعلام الغربية والصهيونية عن دولة غزة المتخيَّلة، ليزيد من حصار شعبها وتجويعه، وقتله قتلاً بطيئًا، وسحب جوازات السفر من مليون ونصف مليون مواطن غزاوي؛ ليظلوا في سجن كبير، ليس به غير الفقر والجوع والموت المجاني، وفي المقابل يحصل من الغزاة وأعداء الأمة الإسلامية على الرضا السامي، وبعض الأموال المستحقة للفلسطينيين من الضرائب وغيرها، فتعيش الإمارة البهائية في بحبوحةٍ من العيش النسبي، فضلاً عن إطلاق خمسين ومائتي أسير من أسرى فتح، المنتمين للإمارة البهائية، وإزالة بعض الحواجز التي أقامها الاحتلال.

 

إمارة الظلام تموت جوعا.. وإمارة البهاء تستمتع بالطعام!!

والمفارقة أن آية الله محمود رضا عباس ميرزا لم يتَّعظ بما جرى لسلفه الراحل ياسر عرفات، فقد قدَّم أكثر مما قدم هو من التنازلات، ووافق في أوسلو على شروطٍ مذلةٍ مهينة، وحين رفض أن يسلِّم القدس، ويتنازل عن حقِّ العودة للاجئين سجنوه عامَين، وقتلوه ببطءٍ، وأذاقوه السم على جرعات، وكانت سماحته مع التلاميذ (الأمناء!!) من عيِّنة دحلان والرجوب وسيلتهم للقيام بمهمتهم (النظيفة!)؛ لإنهاء حياة الرجل الذي احتضنهم، وصنع منهم "مناضلين ثوريين أغنياء"، يدخِّنون السيجار الكوبي، ويأكلون الكافيار، ويذهب أبناؤهم للسهر والعربدة والمقامرة في تل أبيب المحتلة!!

 

إن هؤلاء المناضلين الثوريين الأغنياء لا يعنيهم شيء من أمر الفلسطينيين المشرَّدين البائسين، ولا قضية الشعب الفلسطيني البائس، ومع ذلك يحاولون إقناع الأمة أن الجهاد أو المقاومة تعوق إزالة الا