حسن البنا

يجب الفطر في رمضان لأصناف من الناس، كما يجوز لأصناف آخرين، وإليك مجمل الأحكام في ذلك:

أولاً.. الحائض والنفساء: يجب الفطر عليهما في رمضان ولا إثم عليهما، ومن ذلك تعلم أن تمسُّك بعض السيدات بصوم رمضان مع وجود هذا المانع ليس من الدين في شيء.

 

ثانيًا.. المسافر مسافة تبلغ مسافة القصر أو تزيد عليها، والمريض الذي يُرجى برؤه: يجوز لهما الفطر لقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ (البقرة: 185)، ولحديث عائشة- رضي الله عنها-: "أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي- صلى الله عليه وسلم-: أصوم في السفر (وكان كثير الصيام)؟ فقال: إن شئت فصم وإن شئت فأفطر" (رواه الجماعة) (صحيح الإمام البخاري، كتاب الصوم، باب الصوم في السفر والإفطار: 2/686 رقم 1841، وصحيح الإمام مسلم، كتاب الصيام، باب التخيير في الصوم والفطر في السفر: 2/789 رقم 1121)، فإن صاما صحَّ وإن تضرَّرا بالصوم كره، وأخذ بعض أهل الظاهر بظاهر الأدلة، فقال بحرمة الصوم، وقال الأوزاعي بأفضلية الفطر، ومن أصبح صائمًا ثم سافر لم يجُز له الفطر عند الثلاثة، وقال أحمد: يجوز، وإذا قدم المسافر وهو مفطر أو برئ المريض أمسكا بقية النهار وعليهما القضاء.

 

ثالثًا.. المريض الذي لا يرجى برؤه والشيخ الكبير: لا صوم عليهما وتجب عليهما الفدية عند أبي حنيفة وهو الأصح من مذهب الشافعي، والفدية عن كل يوم نصف صاع من بر أو صاع من شعير، وعند الشافعي عن كل يوم مدّ، وقال مالك: لا صوم ولا فدية، وهو قول للشافعية، وقال أحمد: يطعم نصف صاع من تمر أو شعير أو مدًا من بر (راجع المجموع: 6/263، والمغني: 3/38)، لما روي عن عطاء: "سمع ابن عباس يقرأ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ قال ابن عباس: ليست بمنسوخة؛ هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينًا" (رواه البخاري) (صحيح الإمام البخاري، كتاب الصوم، باب قوله: "أيامًا معدودات فمن كان منكم مريضًا".. الآية: 4/1638 رقم 4235).

 

رابعًا.. الحامل والمرضع: يباح لهما الفطر إذا خافتا على نفسيهما أو ولديهما، لكن إذا صامتا صحَّ، فإن أفطرتا تخوُّفًا على الولد لزمهما القضاء والفدية عن كل يوم مد على الراجح من مذهب الشافعي، وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة لا كفارة عليهما، وعن مالك روايتان؛ إحداهما الوجوب على المرضع دون الحامل، والثانية لا كفارة، وإن أفطرتا خوفًا على نفسيهما فعليهما القضاء (راجع المغني: 3/37-38، والمجموع: 6/274- 275)؛ لحديث أنس بن مالك الكعبي: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله عز وجل وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحبلى والمرضع الصوم" رواه الخمسة (سنن الترمذي، كتاب الصوم عن رسول الله، باب ما جاء في الرخصة في الإفطار للحبلى والمرضع: 3/94 رقم 715، وقال أبو عيسى: "حديث أنس بن مالك الكعبي حديث حسن، ولا نعرف لأنس بن مالك هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم- غير هذا الحديث الواحد).

 

ملاحظة: يجوز للمسافر الفطر بالأكل والجماع عند الثلاثة، وقال أحمد: لا يجوز له الفطر بالجماع، فإذا فعل ذلك فعليه الكفارة الكبرى.

 

من آداب الصوم:

واعلم أن للصوم آدابًا يجب مراعاتها ليحصل ثوابه وتكمل الفائدة منه، ومن هذه الآداب:

أولاً: التحفظ من الغيبة واللغو؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" (رواه الجماعة إلا مسلمًا والنسائي) (صحيح الإمام البخاري، كتاب الصوم، باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم: 2/673 رقم 1804).

 

ثانيًا: تعجيل الفطر وتأخير السحور؛ لحديث سهل بن سعد أن النبى- صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" (متفق عليه) (صحيح الإمام البخاري، كتاب الصوم، باب تعجيل الإفطار: 2/692 رقم 1856، وصحيح الإمام مسلم، كتاب الصيام، باب فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره وتعجيل الفطر: 2/771 رقم 1098) وعن أبي ذر أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان يقول: "لا تزال أمتي بخير ما أخَّروا السحور وعجلوا الفطر" (رواه أحمد) (مسند الإمام أحمد: 5/172 رقم 21546).

--------

* إعداد: إسماعيل تركي- مدير البصائر للبحوث والدراسات.

* مجلة الإخوان المسلمين- السنة الأولى- العدد 26- صـ10، 11- 25 رمضان 1352هـ/ 11 يناير 1934م.