وصف خبراء وسياسيون وحقوقيون الاعتقالات الأخيرة التي طالت عددًا من قيادات الإخوان؛ على رأسهم الدكتور أسامة نصر عضو مكتب الإرشاد؛ بأنها إفلاس واضح من النظام المصري الذي يلجأ للعنف مع معارضيه، بعد فشله المتواصل من مواجهتهم سياسيًّا.

 

في البداية يشير النائب المهندس سعد الحسيني عضو مكتب الإرشاد إلى أن حملة المداهمات التي حدثت فجر أمس الخميس هي جزء من حملات متكررة، توضح طبيعة المعركة بين سلطة فاقدة للشرعية، تعتمد على البطش والقهر والجبروت والقوة مقابل جماعة كل جريمتها أنها تحمل فكرة إصلاحية لا أكثر.

 

 الصورة غير متاحة

 م. سعد الحسيني

وأكَّد أن تلك الحملات تزيد من مكاسب الجماعة لتزايد حب الشارع وتعاطفه؛ بينما يحدث العكس فيزداد كره الشارع المصري للسلطة التي لا تتحدث إلا بالقوة، ويضيف أننا كجماعة اعتدنا على مثل هذه الحملات، وإن اختلفت تفسيرات ومبررات كل منها؛ فهذه الحملة إما أن تكون ذات علاقة بالزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي أوباما لمصر أو متعلقة بنداء فضيلة المرشد الذي أطلقه لاستنفار القوى، وجعل اليوم الجمعة يومًا للغضب من أجل القدس، والسببان ليس لهما علاقة مباشرة بالإخوان، فمنذ انتهاء العدوان على غزة وهناك حالة سكون وهدوء جماهيري تعم الشارع المصري.

 

ويضيف الحسيني أن النظام المصري لا يملك لغة الحوار مع معارضيه لإيجاد مساحة مشتركة لصالح الشعب المصري، كما أن الإخوان اعتادوا دائمًا على مد اليد للحوار ما دام أن ذلك يصب في مصلحة الوطن، إلا أن التعنت الأمني الدائم للإخوان لن يفلح في قمع اندماج الجماعة داخل المجتمع المصري، ولن يجبرها على التنازل عن أهدافها الإصلاحية، وإلا كان حدث هذا منذ سنوات عدة، ووجه الحسيني رسالة لأهالي المعتقلين، وقال: "قلوبنا معكم.. وستنجلي الأزمة بمشيئة الله.. وإن غدًا لناظره قريب".

 

فشل

ويؤكِّد السيد نزيلي مسئول المكتب الإداري للإخوان المسلمين بالجيزة أن حملة المداهمة لمنازل 13 من قيادات جماعة الإخوان، واعتقالهم بأنها "غير مبررة"، ولم تكن متوقعة، فالقيادات الـ13 ليس بينهم ارتباط، واستنكر نزيلي تلك الحملة الشعواء على الجماعة وقياداتها، كما أهاب بالمسئولين إعادة النظر في مواقفهم من الجماعة، وعدم الاستناد لقانون الطوارئ كذريعة لمداهمة المنازل، ونشر الرعب.

 الصورة غير متاحة

السيد نزيلي

 

ولم يستبعد نزيلي أن تكون حملة المداهمات مرتبطة بالزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي أوباما في مطلع الشهر القادم، وأنها محاولة من النظام بأنه يضرب بيد من حديد على معارضيه ومعارضي السياسة الأمريكية.

 

من جانبه رجح د. ضياء رشوان خبير الجماعات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية والسياسية أن تكون حملة المداهمات لقيادات الجماعة مرتبطة بنداء فضيلة المرشد بالغضب من أجل القدس أكثر من كونها مرتبطة بزيارة الرئيس الأمريكي المرتقبة لمصر، مدللاً على ذلك بأن الحملة طالت قيادات من المحافظات المختلفة في محاولة من النظام وأجهزته لعرقلة تفاعل الشارع الإخواني والمصري مع نداء فضيله المرشد، وتوقع رشوان أن تحدث حملة مداهمات أشد ضراوة قبيل زيارة الرئيس الأمريكي في الرابع من يونيو القادم.

 

ووصف رشوان تلك الحملة الشعواء بأنها جزء من الروتين والتكتيك المعتاد الذي تتعامل به الأجهزة الأمنية المختلفة مع جماعة الإخوان.

 

ذكرى النكبة

 الصورة غير متاحة

محمد عصمت سيف الدولة

   ويربط الباحث المتخصص في الشأن الفلسطيني محمد عصمت سيف الدولة بين تلك الحملة الشرسة وبين الذكرى الـ61 للنكبة، وإعلان فعاليات التضامن مع القدس الشريف، كما أعرب عن انزعاج كافة القوى السياسية والوطنية من تلك الحملة، مؤكدًا أنها قمع للحريات، ونادى بالإفراج الفوري عن كافة معتقلي الإصلاح، ويرى سيف الدولة أن الطريق الوحيد لإنقاذ مصر من حكومة كامب ديفيد وتابعيها هو إطلاق حريات كافة المعتقلين.

 

وحذر سيف الدولة من حالة اضطراب وضربة استباقية تشنها الأسبوعين المقبلين قبيل زيارة الرئيس الأمريكي، وحملات أخرى تطال قيادات على مستوى أكبر من الجماعة.

 الصورة غير متاحة

د. مجدي قرقر

 

من جانبه أكد الدكتور مجدي قرقر الأمين العام لحزب العمل أن هذه المداهمات والاعتقالات التي تمت في حق 13 من قياديي الإخوان هي نوع من الاحتراز لما أعلنه فضيلة المرشد من أن يوم الجمعة يوم غضب من أجل المسجد الأقصى، وأعرب قرقر عن استيائه الشديد من هذه الاعتقالات التي مست شرفاء الوطن؛ لأن ما يحدث داخل مصر يضر بأمنها و مصلحتها، كما أن على مصر أن تحافظ على فلسطين؛ لأن أمنها القومي مرتبط بأمن فلسطين وبقائها صامدة، ولكنه نفى أن تكون الاعتقالات لها علاقة بزيارة أوباما لمصر؛ لأن زيارته لم تتضح تفاصيلها حتى هذه اللحظة؛ حيث إن سياسة أمريكا سياسة مؤسسات وليست سياسة فرد.

 

وتعتقد الدكتورة كريمة الحفناوي الناشطة السياسية وعضو حركة كفاية أنه أمر طبيعي بأن تقوم الحكومة المصرية بضربات استباقية للناشطين، وأول مَن يتلقى هذه الضربات بالطبع هم الإخوان، وأن اعتقالهم بسبب زيارة أوباما أو يوم غضب ليس السبب الحقيقي الذي تقوم على إثره وزارة الداخلية بذلك؛ لكنها عادت لتقول إن الاعتقالات والمداهمات تزداد في المناسبات الوطنية التي يدعو لها الإخوان أو يشاركون فيها؛ لأن النظام لا يحتمل أن يثور الشعب المصري المحتقن بسبب ما أصابه من ضياع للحقوق، وتعسف ضده، وكبت لحرياته، وفساد مستشرٍ في كل مكان، وتدهور لأحوال البلاد.

 

توتر دائم

 

عبد الله السناوي

   ونفى عبد الله السناوي رئيس تحرير جريدة (العربي الناصري) أن تكون الاعتقالات لها صلة بأي من زيارة أوباما لمصر أو يوم جمعة الغضب، بل تدخل في سياق توتر العلاقة بين الإخوان والنظام، وداخل الإستراتيجية الكائنة في وضع الإخوان تحت المطاردة الدائمة والصدام معهم، وتحجيم قدراتهم في التصرف السياسي والتعاطي مع أحداث الواقع وقصقصة ريشهم لإنهاك روح النضال فيهم، على حد تعبيره.

 

وأوضح السناوي أن هذه الاعتقالات على المدى البعيد تؤدي إلى إنهاك المجتمع، وهذا ليس لصالح البلاد أو التطور الديموقراطي وليس لصالح الإخوان أيضًا، مشيراً إلى أن مصلحة البلاد تكمن في دمج الإخوان داخل النسيج السياسي؛ ليمكنهم من المشاركة الفعلية في الواقع الحياتي للبلاد، وكذلك في الانتخابات.

 

وطالب سناوي القوى السياسية باحتضان الإخوان والضغط على النظام، فيما يقوم به من تعسف ضدهم، وإلغاء قانون الطوارئ السبب الرئيسي لممارسة الاعتقالات وقتما يشاء النظام، وكيفما يشاء؛ خاصةً أن هذا القانون تم تسويغه للغرب لتبرير اعتقالات الإخوان، ومنعهم من المشاركة الفعلية في الحياة السياسية، ووصمهم بأنهم إرهابيون لا يمكن التعاطي معهم، الأمر الذي أنهك البلاد وأضر بجميع الأطراف الوطنية.

 

يوم غضب كبير

 الصورة غير متاحة

جورج إسحاق

   أما جورج إسحاق المنسق العام السابق لكفاية فأعلن رفضه التام للاعتقالات التي طالت الإخوان، مؤكدًا عدم وضوح الأسباب التي دعت النظام لذلك، مشيرًا إلى أن زيارة أوباما لمصر غامضة، فلا نعرف، هل زيارته للنظام أم لمصر؟!، ومَن يراهن على أمريكا خاسر لا محالة؛ لأن أوباما ما هو إلا منفذ لسياسة مؤسسات قوية في دولته.

 

وطالب إسحاق فضيلة المرشد الأستاذ مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بالدعوة للمشاركة في يوم غضب كبير على أحوال مصر المتدهورة التي تسير من سيئ لأسوأ.