- د. البنا: القضية موقف سياسي من النظام وليس لها سند قانوني

- د. السقا: أتحدى أن يقدم الأمن دليل إدانة واحدًا ضد المعتقلين

- د. أبو بركة: مسلسل من التلفيق يبدأ بمحاضر مزيفة وينتهي بحبس جائر

- المستشار الشيخ: ستستمر مطاردة النظام للإخوان والاتهامات تصفية حساب

 

تحقيق- هند محسن:

"كل الاتهامات مُلفَّقة ومُخالِفة للدستور والقانون، وليس لها أي سند قانوني، وما هي إلا مجرد حرب يُعلنها النظام من وقت لآخر على جماعة الإخوان المسلمين".. هذا ما أجمع عليه خبراء القانون بعد حملة الاعتقالات المسعورة التي طالت 13 من قيادات الإخوان في 6 محافظات مختلفة، وتحليلهم للتهم القديمة والجديدة والتي كان مُلخصها في محضر التحريات ذي الـ12 صفحة مسئولية المتهمين عن التنظيم الدولي للجماعة.

 

(إخوان أون لاين) طرح عدة تساؤلات حول إصرار النظام الحالي على محاكمة قيادات الإخوان بالتهم ذاتها منذ عام 1995م وحتى 2009م، والتهم الجديدة التي ظهرت في القضية الأخيرة ومدى قانونيتها، وهل إقامة علاقات مع الخارج أو المشاركة في أحداث سياسية أو إنشاء قناة فضائية يُعد مخالفًا للدستور والقانون؟ وهل يجوز قانونيًّا إغلاق الشركات والتحفظ على الأموال أثناء التحقيقات، بالإضافة إلى التحقيق مع نواب مجلس الشعب على الرغم من الحصانة التي تشملهم؟ وهل هناك إجراءات من الممكن اتخاذها للتأكد من صحة محضر التحريات؟!

 

بدايةً ينفي الدكتور عاطف البنا أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة وجود أي أسباب قانونية للاتهامات الموجهة لقيادات الإخوان الـ13، موضحًا أن الوضع ما هو إلا موقف سياسي من النظام ضد الإخوان وحرب سياسية مُعلنة عليهم لكسر شوكتهم.

 

 الصورة غير متاحة

 د. عاطف البنا

ويفنِّد د. البنا الاتهامات القديمة، وبدأ باستنكاره الشديد للاتهام الأول بأن جماعة الإخوان المسلمين محظورة، مؤكدًا أنها ليست محظورة طبقًا لحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر برفض دعوى الطعن بحل الجماعة، وجاءت في حيثيات الحكم "لعدم وجود قرار إداري بالحل لها"، مضيفًا أنه منذ سبعينيات هذا القرن عادت الجماعة وعاد لها مقرها وصحيفتها في المقابل عجزت الحكومة عن تقديم قرار حل الجماعة، وبالتالي هي ليست محظورة ليتم اتهام أعضائها بالانتماء لجماعة محظورة.

 

ويؤكد د. البنا أن الجماعة ليست من وسائلها اتخاذ الإرهاب لمواجهة الحكومة أو حتى العالم، ولم تثبت هذه الاتهامات عليها مطلقًا، كما أن تهمة وجود كتب تروج لفكر الجماعة تُهمةٌ لا أساس لها في القانون، مضيفًا: "بحسب قراءاتي لكتبهم- ولستُ منهم- فلا أجد فيما يتم نشره محلاًّ من الترجمة القانونية، فهو فكرٌ راقٍ وإسلامي، بالإضافة إلى أن تهمة غسيل الأموال لم تثبت أمام أي محكمة قضائية على أي فرد من أفراد الجماعة".

 

حرب شعواء 

ويضيف د. البنا أن وجود تهمٍ جديدة دليل على الحرب الشعواء التي يمارسها النظام ضد الإخوان؛ فتهمة إنشاء مجموعات اتصال خارجي أولاً ليس لها دليل من الصحة، وثانيًا يجب أن نفرق بين تنظيم خارجي للإخوان وبين فكر الإخوان المنتشر في أنحاء العالم، وبالتالي يجب وجود دليل يقيني على وجود تنظيم دولي للإخوان؛ حيث إن هناك جماعات تتبع فكر الإخوان الذي هو في الأساس فكر إسلامي ودعوتهم التي تقوم على الإسلام وليس آراء محددة، ولا يمثل ذلك أي جريمة ولا تُوجه على إثرها أي اتهامات كما يتم تلفيقه في السابق والآن لقيادات الإخوان.

 

ويرى د. البنا أن تهمة استغلال أحداث غزة لتشويه سمعة مصر والإيعاز بخروج مظاهرات على مستوى العالم ما هي إلا تهمة ليس لها أي سند قانوني، فأحداث غزة فرضت على كل العالم عربًا ومسلمين وأجانب أن يخرجوا في تظاهرات وينددوا بمجازر غزة ويؤيدوا المقاومة ويطالبوا بمساعدتها، وهذا موقف قمنا به جميعًا، وهو موقف وتعبير سياسي للشعوب وليس لناشطيها فقط، لا يمت بأي صلة لجريمة استغلال حدثٍ ما لتشويه سمعة مصر، ويضيف أن إنشاء قناة فضائية لا يقع تحت طائلة القانون بأي حال من الأحوال، وإنما تخضع لحرية الرأي والتعبير، وكما أن هناك قنوات حكومية فلا يوجد ما يمنع قانونيًّا من وجود قنوات تعبر عن رأي ما أو يتم عرض أفكار ما بها أو أن تكون ذات اتجاه ما.

 

مخالفات قانونية

 الصورة غير متاحة

عدد من معتقلي الإخوان في مجموعة الـ13

ويؤكد د. البنا أن إقامة علاقات مع الخارج- وهي إحدى التهم الموجهة لقيادات الإخوان الـ13- حق طبيعي ومشروع، فمن حقهم تحريك الرأي العام الخارجي في عرض قضاياهم والتوصل لحلولٍ لها ما دام  هذا لا يسبب الإضرار بمصر، وهذا ما تأَكَّد فعلاً؛ أن جماعة الإخوان ليست جماعة إرهابية تضر بمصالح البلاد.

 

ويستطرد: إن عملية إغلاق الشركات والتحفظ على أموالها التي تمت من قِبل الأجهزة الأمنية أمرٌ من اختصاص الجهات القضائية وليست الجهات الأمنية؛ فهم ليسوا مُخوَّلين للقيام بذلك، وما فعلوه إنما جاء مخالفًا للقانون الذي اعتاد النظام تخطيه.

 

ويضيف أنه لن يتم التحقيق مع نواب مجلس الشعب المتهمين في القضية الأخيرة إلا إذا تم رفع الحصانة عنهم، ولا يمكن لأي جهة قضائية القيام بذلك؛ ولكن من المفترض أن ينظرها مجلس الشعب بجدية أولاً، ومن ثَم إعلان الموافقة على رفع الحصانة أو رفضها.

 

ويشير إلى أنه لا تتم أية إدانة جنائية إلا باتهامات محددة تم إثباتها بالدليل القطعي وليس استنتاجات، وعلى النيابة العامة أن تحقق في التحريات المقدمة لها، وأن تبحث في مدى جدية وصدق هذه التحريات؛ ليتضح أمامها عند البت في القضية وقائع محددة على إثرها تتم محاكمة المتهمين، وهذا يُعد من أبسط حقوق الإنسان، ومبادئ أقرتها شريعتنا الإسلامية وقوانيننا المدنية. 

 

 منافسة مميتة

من جانبه يتهم الدكتور محمود السقا أستاذ القانون بجامعة القاهرة وعضو لجنة شيوخ المحامين ما يقوم به النظام ضد جماعة الإخوان المسلمين بالحقد والمنافسة المميتة والتلاعب الواضح بالقانون وسلب الحقوق المشروعة، واصفًا الاتهامات التي لفقها النظام لقيادات الإخوان الـ13 بأنها "لعب عيال"، على حد تعبيره.

 

 الصورة غير متاحة

د. محمود السقا

ويؤكد السقا أنه لا يوجد في الدستور والقانون ما يصف أي جمعية أو جماعة بأنها محظورة، وعلى أساسه يتم اتهام أعضائها بتهمة الانتماء لها؛ حيث إن الكل أمام القانون سواء،

 

عرض أنه حتى أيام الحكم الملكي لم يتم إصدار أي قرار أو قانون لحظرها، مشيرًا إلى أن ما يقوم به النظام لا يمت للقانون بشيء؛ وإنما هو نوعٌ من الحقد على جماعة الإخوان، فهم يمتازون بأنهم منظمون، وشعبيتهم عريضة، ويتمتعون بسمعة طيبة تنافي الاتهامات المنسوبة إليهم، وبالتالي فإن النظام يخشى على مكانته فيقف ضدهم بكل قواه، ونفى عنهم تهمة التآمر على مصر باستقطاب الخارج؛ حيث إنهم موجودون بشكلٍ ملحوظ في أنحاء العالم.

 

ويتحدى السقا أيًّا من الجهات الأمنية المزعومة أن تقدم أدلةً صريحةً وغير ملفقة لوقائع وجرائم ارتكبها الإخوان على مدار تاريخهم كله، مشيرًا إلى أن تهمة تكوين كيانات اقتصادية لتمويل الجماعة زور وبهتانٌ؛ حيث إنهم يملكون مشروعات تجارية واقتصادية بالخارج، ولهم علاقات حتى مع رؤساء بعض الدول؛ الأمر الذي ينفي عنهم تهمة تكوين هذه الكيانات بغرض تمويل الجماعة، فضلاً عن تهمة الإرهاب التي لم تثبت عليهم أبدًا، ومَن أراد الإرهاب فمن البديهي أن يقوم به في بلده أولاً ومن ثَم يُصدره للخارج وليس العكس.

 

ويستنكر السقا ما يقوم به النظام من خلط بين النظام السياسي والقانوني في مصر، فكل الإجراءات والقرارات الصادرة جائرة ومُسيَّسة، فليس من حق الجهات الأمنية التحفظ على الأموال؛ وإنما هو إجراء لتدمير اقتصاد الإخوان وتجفيف منابعه، معربًا عن استيائه لاتهام نواب الإخوان؛ فطبقًا للقانون والدستور لا يحق للنيابة العامة استدعاء نواب مجلس الشعب والتحقيق معهم حتى يوافق مجلس الشعب على رفع الحصانة عن أي عضو فيه أو يرفض ذلك، ولكنه لا يستبعد أن يوافق المجلس على رفع الحصانة عن النواب الإخوان المتهمين في القضية؛ لأنه تابع ذليل للحكومة والنظام.

 

ضابط التحريات

وشن السقا هجومًا حادًّا على ضابط التحريات الذي قدم مذكرة تفيد بالاتهامات ضد قيادات الإخوان، واصفًا إياها بتحريات جائرة كما حدث من قبل في المحاكمات العسكرية الأخيرة، قائلاً: من أعطى له الإذن بعمل هذه التحريات؟ وهل عاش في الخارج وتعايش مع الإخوان لتكون صورة الأعمال التي قاموا بها والتي اتهمهم بها في تحرياته أنها ضد القانون؟ وما هي الأدلة الدامغة التي تُثبت اتهامهم؟ "مشيرًا إلى حقيقة في القانون تنص على: "التحريات ليست بذاتها دليلاً أو قرينةً؛ وإنما عبارة عن رأي لصاحبها يحتمل الصدق أو الكذب، وإنما تأتي لتعزز دليلاً واضحًا؛ لأن الأحكام الجنائية تُبنى على الجزم واليقين ولا تُبنى على الافتراضات والاحتمالات".

 

تصفية حسابات

أما الدكتور أحمد أبو بركة عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين وعضو اللجنة التشريعية بمجلس الشعب فيرى أن إصرار النظام على محاكمة قيادات الإخوان بذات التهم الأساسية يترجم حالة ضعف النظام من تصفية خصومه السياسيين، وعدم الاعتراف بسيادة القانون وانتهاكها ومخالفة النص الذي يقرر: "بأن سيادة القانون ليست ضمانة للحقوق والحريات فقط؛ بل هي أساس مشروعية السلطة"، وبانتهاك السلطة بعدم الفصل بين السلطات، وتسخير كل أجهزة الدولة لخدمة أغراضها؛ الأمر الذي أخل بهذا النص.

 

مسلسل تلفيقات

 الصورة غير متاحة

د. أحمد أبو بركة

ويستطرد أبو بركة: إن الأمر وصل بالنظام لنسج محاضر تحريات النيابة العامة التي هي نفسها نيابة أمن الدولة بنفس التهم التي لا صلة لها بالحقيقة، ومن ثَمَّ يتم على إثرها إصدار أوامر بالقبض على أعضاء جماعة الإخوان بناءً على ما ورد بالتحريات، ثم يتوالى مسلسل التلفيق بإجراء التحقيقات معهم التي تكون خاليةً تمامًا من جوهرية بمعناها الفني، وتأتي أوامر مُسبقة بالحبس احتياطيًّا بمُدد بحسب مدى ثِقل ووزن الشخصية التي تم اعتقالها، وينتهي الأمر بمكوث أوراق هذه التحقيقات في أدراج النيابة العامة، ولا تتخذ مجراها الطبيعي بإحالتها للقاضي المختص، أو صدور أمر الحرز الواجب، أو قرار بانتفاء الجناية من عدمه، وتبقى ساكنة حتى يتم تصعيد المواجهة بين النظام والإخوان في مناسبات بعينها، فتخرج هذه الأوراق للنور؛ لتظهر الأساليب غير الشريفة، وتجري المهازل المعروفة للرأي العام، ويُعاد الأفراد بنفس التهم والأوراق إلى ذات ألوان القضاء مرة أخرى حينما يستجد ظرف سياسي لا يجد النظام المصري وسيلة لمجابهته بغير اختراق حكم القانون والدستور، والنظام يعلم أنه إذا ظهرت هذه الأوراق ستصدر أحكام تُوثق فضائحه وفساده، وهي ممارسات تُعرض المجتمع المصري لمخاطر الاحتقان المكبوت.

 

ولا يستبعد أبو بركة اتخاذ النظام المصري وسائل وتهمًا جديدة لمواجهة الإخوان كخصمٍ له في الساحة السياسية؛ لكن التهم تخالف القانون صراحةً، ولا يمكن بحال أن يتم تجريم مَن له نشاط اقتصادي أو إعلامي أو خيري؛ بل يحق له قانونيًّا أن يُعلن عن هويته وإجراءاته وأعماله ما دامت مشروعة؛ ولكن النظام ينحرف بالقانون لمواجهة الأفكار والحقائق القانونية في أكبر أشكال الانحراف بالسلطة لوقف أعمال مشروعة؛ ليتم تلفيق تهمة لها بأنها أعمال مشبوهة.

 

ويستنكر أبو بركة كيف يكون اتجاه العالم بأجمعه نحو لغة العصر الرئيسية؛ وهي الاندماج والتواصل العالمي، وكيف أن العولمة تنظم آلياته ويتم اتهام الإخوان بما يسميه النظام إنشاء علاقات خارجية؟ فلا القانون أو الدستور يجرم شيئًا كهذا أو يُؤثمه، فضلاً عن كون هذه الاتهامات مخالفة للطبيعة الإنسانية؛ حيث إن إنشاء هذه العلاقات يقوم به كلا القطاعين العام والخاص، موضحًا أنه من الطبيعي والبديهي أن يتم إنشاء كيانات فوق الدول على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإعلامي، وأن يكون خلالها الاتصال الإنساني على مستوى العالم أمرًا مشروعًا؛ لكن ما نحن بصدده الآن عقليات تعيش في القرون الستة الماضية.

 

ويؤكد أن التحفظ على الأموال ومصادرتها يُعد مخالفة جديدة للقانون وخرقًا له من قِبل النظام، فما يقوم به أمرًا يؤدي إلى طعن الاقتصاد المصري، وإضعاف مناخ الاستثمار فيه بضرب منشآت الإخوان الاقتصادية.

 

تهم جزافية

ويؤكد المستشار مرسي الشيخ وكيل حزب الغد أن إجراءات النظام التعسفية أمر طبيعي، وما هي إلا موقف سياسي يتخذه النظام ضد الإخوان، مشيرًا إلى أن هذا الوضع عبارة عن خلاف بين نظام حاكم وقوة كبيرة لها كيانها ومركزها وثِقلها في المجتمع، كما أنها مُعترف بها، وفي ظل هذا الوضع ستستمر مطاردة النظام لجماعة الإخوان الأمر الذي جعله مُسلَّمًا به في واقعنا السياسي.

 

ويوضح الشيخ أن كل هذه الاتهامات واهية وجزافية لا دليل لها، وليس لها أساس من الصحة، وأن الأمر سينتهي، فما هو إلا رد على تصريحات المرشد الأخيرة، مضيفًا أنه لا يوجد أي نص في الدستور أو القانون يمنع الاتصال بالعالم الخارجي، وما قام به الإخوان ما هو إلا نشر فكر، وليست أعمالاً تضر بالسيادة والأمن، ولا عدوانًا أو إرهابًا يمس مصالح البلاد بالداخل أو الخارج، حيث إن للجريمة أركانها وشروطها، ولا تنطبق على ما نحن بصدده من اتهامات مُوجهة لقيادات الإخوان؛ وإنما الأمر تصفية حسابات النظام مع الإخوان.

 

ويشير الشيخ إلى أن مسألة صحة التحريات من عدمها لا تُمثل للنظام أية عقبة، فما هي إلا مجرد كتابات ما دام هناك نية لحبس الإخوان، مُعربًا عن عدم ارتياحه لما يحدث في مصر في الآونة الأخيرة، فلا يصح استخدام السلطة في تصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين.