- زوجته: ظننا أنهم آتون للقبض على تاجر مخدرات!

- نجله الأكبر: أشعر بالفخر وهذه ضريبة الدعوة

 

حوار- الزهراء عامر:

"اصبروا واثبتوا"، "لا تخافوا"، "الله معكم"، "الإخوان لن ينسوكم".. كانت هذه الكلمات المؤثرة آخر رسالة وجهها محمود محمد البارة أحد مرشحي الإخوان المسلمين بانتخابات المحليات بمحافظة الغربية، وأحد معتقلي مجموعة الـ13، قبل الهجمة الأمنية الشرسة فجر الخميس الرابع عشر من مايو الجاري.. وعندما ذهبنا لإجراء الحوار مع أسرته تأكدنا أنهم تمسكوا فعليًّا بتلك الرسالة ونفذوها، ووجدنا أيضًا أسرةً يُميزها الإصرار على النجاح والتفوق، أسرة يُغلفها الحب ويملأ جدران منزلها الود.

 

ولِمَ لا... وقد زرع والدهم المعتقل كل هذه الصفات في نفوس أسرته بما عُرِفَ عنه من شجاعته في الحق، وحبه للعمل الخيري، وبره الشديد بوالديه وحرصه على إرضائهما، وهو أيضًا زوج مثالي، وأب وقدوة ليس لأبنائه فقط وإنما لعدةِ أجيال متتالية من خلال عمله مدرسًا بمعهد المحلة الأزهري؟!

 

(إخوان أون لاين) التقى الابن الأكبر الذي بادر بالقول: أشعر بالفخر الشديد؛ لأن هذه هي ضريبة الدعوات، والنبي- صلى الله عليه وسلم- أُوذي كثيرًا حتى وصل الإسلام الصحيح إلينا، ونحن لا نكون أبدًا أفضل من النبي، ولا بد أن نصبرَ على الابتلاء؛ لأنه امتحانٌ من الله عزَّ وجلَّ نبتغي به مرضاته.

 

وعندما سألناه هل أثَّر الاعتقال على امتحاناتك؟ قال: بفضل الله سارت الأمور على ما يُرام، وسبحان الله فقد وفقني الله في الامتحان كثيرًا وألهمني رشدي في الحل.

 

فإلى تفاصيل الحوار مع الزوجة الوفية:

* مَن محمود البارة الزوج والإنسان؟

** محمود البارة عملة من النادر أن يجدها أحدٌ في هذا الزمان، فهو زوج مثالي، وابن بار بأهله، يتقي الله في عمله ويؤدي واجباته على أكملِ وجه، ويقدم ما عليه، ولا ينتظر ما له من حقوق.

 

ضريبة الدعوة

 الصورة غير متاحة
 
* هذه هي المرة الأولى لاعتقال زوجك.. فما شعورك في هذا الموقف؟

** أحتسب الأذى الذي لَحِقَ بنا وبزوجي عند الله عز وجل، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، كما أبتهلُ إلى الله أن يرزقه الثباتَ على طريق الحق.

 

وما يحدث هو ضريبة الدعوة التي دفعها ويدفعها الصالحون على مرِّ الزمان، ويجب أن ندفعها بأموالنا وأنفسنا وأهلنا، وأؤكد أننا صامدون رغم الإهانة والظلم الذي وقع بنا.

 

* ما تفاصيل ليلة الاعتقال؟

** كان زوجي خارج المنزل وبمجرد دخوله المنزل في الثالثة صباحًا، وأثناء تناوله طعام العشاء سمعنا طرقًا شديدًا على الباب، وكأنها قذائف مدفعية أُطلقت علينا، ونظرنا أسفل البيت فوجدنا عربات الأمن المركزي تقف أسفل البيت.

 

وعلى الفور أسرعت قوةٌ ضخمةٌ من جحافل الأمن بكسر بوابة البيت باستخدام "عتلة" وقطعوا أسلاك التليفون، ثم صعدوا إلى شقتنا، واقتحموا علينا المنزل دون أدنى مراعاةٍ لحرمة البيت أو وجود أطفال ومسنين هما والد ووالدة زوجي.

 

واستأنفت القوة بعد ذلك عمليةَ تفتيش عنيفة جدًّا لجميع أرجاء المنزل؛ وكأننا نُخفي كميات كبيرة من المخدرات، أو كأنهم قادمون للقبض على إرهابي، واعتقلوا زوجي على الفور.

 

* هل شهد أحدٌ من الأولاد عملية المداهمة؟

** الطبيعي أن الأولاد ما عدا آلاء (في الصف الخامس الابتدائي) كانوا مستيقظين للمذاكرة، وكانوا على موعدٍ مع الامتحانات في اليوم المقبل.

 

حافز التفوق

 الصورة غير متاحة

محمود البارة مشهور بحب العمل الخيري

* هل أثَّر الاعتقال بالسلبِ على دراسة الأولاد ومذاكرتهم؟

** ولله الحمد، الاعتقال أعطى للأولاد دفعةً قويةً وحافزًا أكبر على التفوق والتميز، فضلاً عن أنهم ازدادوا صلاحًا وقربًا من الله وثباتًا وثقةً بنصر الله، وليس ذلك فحسب؛ بل زاد هذا الموقف العصيب الأبناء فخرًا بأبيهم؛ لأنه اعتقل بشرف وليس لارتكابه جريمة.

 

* وماذا عن والده ووالدته؟

** الواقع أن ما حدث كان صدمةً كبيرةً لوالده ووالدته فقد عانوا كثيرًا من هول الهجمة الأمنية بالنظر إلى سنهما المتقدمة؛ ولكن والده برغم كل تلك الظروف كان يردد دائمًا: "لن يضيعنا الله أبدًا، وحسبنا الله ونعم الوكيل".

 

أما قلب الأم الرقيق الذي لا يُطيق أن يبتعد عن نجلها، فقد باتت قلقةً وخائفةً على ولدها؛ ولكن عندما ذهبت لزيارته أثناء العرض على النيابة رجعت إلى البيت وهي مطمئنة عليه، وظلت تحمد الله أن وجدته في أحسنِ حال، وكانت مدهوشةً لما وجدته من البهجةِ والبسمة التي تملأ وجوه جميع الإخوان المعتقلين.

 

لا تواسونا

* كيف كان رد فعل الأهل والأقارب والجيران على اعتقاله؟

** تعاطف الناس جميعًا معنا، ولم يخل المنزل حتى وقتٍ قريب من الزائرين أو الاتصالات الهاتفية، وكثير منهم حزن بشدة من الوضع الذي وصلت إليه البلد من ترك المجرمين واعتقال الصالحين، وكل مَن كان يأتي لمواساتنا كنت أقول لهم لا تواسوني ولكن هنئوني بالتهمة الشريفة التي اتهموه بها.

 

* عما دار آخر حوار بينكما قبل الاعتقال؟

** كنا دائمًا نطمع معًا في رضا الله عنا، وأن يسكننا معًا الفردوس الأعلى من الجنة.

 

نظام فاسد

* هل من رسالةٍ تريدين توجيهها إلى أحد في هذا التوقيت؟

 الصورة غير متاحة
 
**
أوجه رسالة إلى النظام المتخاذل، وأقول له إن الإنسان مهما طال عمره لا بد له من نهاية، والشجاع الناطق بكلمة الحق الذي لا يهاب الظالمين يموت مرةً واحدة، أما الجبان فإنه يموت كل يومٍ مع طلوع الشمس ومع غروبها.

 

وأقول للظالمين إن ظلمهم لنا وجبروتهم علينا لن يهزنا، ولكن سيزيدنا قوةً إلى قوتنا وإصرارًا مع إصرارنا على مواصلة الطريق.

 

* ماذا تقولين لأسر المعتقلين أمثالكم؟

** أدعو الله أن يثبتهم على الحق، وأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، وكما قال معلم البشرية صلى الله عليه وسلم "واعْلَمْ أنَّ الأُمَّة لَو اجْتَمَعَتْ على أَنْ يَنْفَعُـوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلا بِشَيْءٍ قدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وإن اجْتَمَعُوا على أن يَضُرَّوكَ بِشيءٍ لَمْ يَضُروكَ إلا بِشَيء قد كَتَبهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.