رغم أن لجنة منظمة محمود عبّاس التنفيذية فاقدة للنصاب والشرعية والقانونية منذ سنوات، ولا أسباب لا تخفى على عاقل؛ لكنها تغيب عن جاهل أو متجاهل، إلا أن رحيل سمير غوشة اليوم يعني رحيل اللجنة التنفيذية معه؛ لأنه يضع حدًّا لادعاءات عباس وعبد ربه بخصوص النصاب؛ كيف ذلك؟ نقاط سريعة تجيب على هذا التساؤل.

 

أولاً:

تنص المادة 14 (معدلة) من النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية على ما يلي:
"إذا شُغرت العضوية في اللجنة التنفيذية بين فترات انعقاد المجلس الوطني لأي سبب من الأسباب، تُملأ الحالات الشاغرة كما يلي:

 

أ- إذا كانت الحالات الشاغرة تقل عن الثلث، يؤجل ملؤها إلى أول انعقاد للمجلس الوطني.

 

‌ب- إذا كانت الحالات الشاغرة تساوي ثلث أعضاء اللجنة التنفيذية أو أكثر، يتم ملؤها من قِبل المجلس الوطني، في جلسة خاصة، يُدعى لها خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يومًا.

 

‌ج- في حالة القوة القاهرة التي يتعذَّر معها دعوة المجلس الوطني إلى اجتماع غير عادي، يتم ملء الشواغر؛ لأي من الحالتين السابقتين من قِبل اللجنة التنفيذية، ومكتب المجلس، ومَنْ يستطيع الحضور من أعضاء المجلس؛ وذلك في اجتماع مشترك يتم لهذا الغرض، ويكون اختيار الأعضاء الجدد بأغلبية أصوات الحاضرين".

 

ثانيًا:

في الحالة الراهنة التي تعيشها اللجنة التنفيذية؛ فإن أكثر من ثلث أعضائها، البالغ عددهم ثمانية عشر عضوًا، يعتبر شاغرًا- بالوفاة، أو تجميد العضوية، أو الاستقالة، أو التغيب-.

 

وهذا يقتضي، كما ينصُّ النظام على ضرورة الدعوة الفورية للمجلس الوطني لاجتماع غير عادي في مدة لا تتجاوز ثلاثين يومًا لملء هذه الشواغر، وإذا ما قيل بتعذر انعقاد المجلس نظرًا لظروف الاحتلال القاهرة، ونظرًا لكثرة عدد أعضاء المجلس (أكثر من 750)، ونظرًا لانقطاع دورات المجلس عن الانعقاد لسنوات (مع أن النظام ينصُّ على انعقاده سنويًّا، ويتم تجديد المجلس أو تأكيد العضوية، أو إعادة النظر فيها كل ثلاث سنوات)، ونظرًا لتراكم العديد من القضايا التي تتطلب البحث، بما في ذلك الأنظمة والقوانين، وطريقة تركيب المجلس، واستيعاب القوى السياسية الموجودة خارج المنظمة؛ فإنه من الصعب عقد المجلس في وقت قريب، أو عقد دورة استثنائية لملء شواغر اللجنة التنفيذية فقط، وتأجيل بقية القضايا؛ مما يعني انتفاء صفة التمثيل الشرعي والوحيد عن هذه المنظمة، كما يدعي مختطفوها.

 

ثالثًا:

النصاب القانوني غائب تمامًا وليس من تاريخ اليوم، ويكفي أنه قبل سنوات كان وضع اللجنة كما يلي:

1- ياسر عرفات- متوفي .

2- فاروق القدومي تعذر الحضور/ ممتنع.

3- فيصل الحسيني- متوفي.

4- ياسر عمرو- متوفي.

5- سليمان النجاب- متوفي.

6- أسعد عبد الرحمن- مستقيل (استقالة لا عودة عنها بحسب تصريحه).

7- عبد الرحيم ملوح- أسير (أُطلق سراحه).

 

رابعًا:

يُضاف للقائمة السابقة التالية أسماؤهم:

8- إيميل جرجوعي- متوفي.

9- سمير غوشة- متوفي.

10- محمود عبّاس- مستقيل من كافة مناصبه في فتح ومنظمة التحرير.

 

خامسًا:

لا يجوز ملء الفراغات من قِبل مجلس مركزي مقزّم ومعد على مقاس مَن يختطف القرار، ولا يجوز عقد المجلس الوطني، دون معرفة عدد أعضائه تحديدًا، وحول المجلس الوطني نسرد التالي:

 

يقول عبد الله الحوراني عضو المجلس الوطني تحت عنوان: "منظمة التحرير الفلسطينية.. أين صارت وكيف تعود"، المجلس الوطني الفلسطيني أصبح عدده يتجاوز الـ750 عضوًا لكثرة ما أُضيف إليه من أشخاص، دون أي اعتبار لموضوع الكفاءَة أو الاختصاص، فبات أقرب إلى صيغة المهرجانات الجماهيرية الخطابية، ولم يعقد أي اجتماع له من إبريل (نيسان) 1996م، مع أن النظام الأساسي ينص على ضرورة انعقاده سنويًّا، كما ينصُّ على ضرورة تجديد العضوية (إعادة النظر في الأعضاء) كل ثلاث سنوات، والمجلس المركزي أيضًا الذي ينص النظام على تجديده مع تجديد المجلس الوطني مضت عليه المدة نفسها دون تغيير، كما أنه لم يجتمع خلال السنوات التسع الماضية أكثر من أربع أو خمس مرات، مع أن نظامه ينص على ضرورة انعقاده كل ثلاثة أشهر، هذا فضلاً عن أن كثيرًا من قراراته، إنْ لم نقل كلها، لم ينفذ، خاصةً تلك التي تتعلق بإصلاح واقع المنظمة وتأكيد مرجعيتها، وتعزيز الوحدة الوطنية.

 

لم توفر السلطة الفلسطينية جهدًا أو طريقة لتعطيل انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني إلا وسلكتها، وتحت مسميات ومبررات عديدة، ورغم عقد ورش عمل ولقاءات وندوات إلا أن المجلس لم ينعقد، وحول هذا الموضوع تحديدًا، يقول سليم الزعنون رئيس المجلس في ندوة عقد عام 2000م في رام الله، ونظَّمها منتدى الفكر والحوار الوطني:

 

- إن القيادة اتخذت قرارًا بتشكيل لجنة رئاسية ولجان أخرى منها، لاتخاذ الاستعدادات؛ ولكن هذه اللجان لم تجتمع، ولم تتعامل بجدية مع ما أوكل لها من مهمات.

 

- اللجان التي شكلت في إعقاب اجتماع المركزي، قال أبو الأديب: إن هناك تعقيدًا آخر في هذا المجال، إذ كان من المفترض أن تشكل هذه اللجان خلال 10 أيام من انتهاء الاجتماع، ولكننا مكثنا شهرًا، وبعد ذلك بدأنا التشكيل، وبعدها لم تبدأ هذه اللجان بالعمل إذ إن غالبيتها لم يستكمل، وهذا نقد نوجهه إلى أنفسنا؛ لأنه لا يجوز بأي شكلٍ من الأشكال أن يسجل على أنفسنا أننا كنا نريد عقد المجلس المركزي لنصل به إلى غرض معين، فإذا لم نحصل عليه ننسى استعدادات المستقبل.

 

- لجنة الوحدة الوطنية التي أوكلت إليه مهمة رئاستها، لم تجتمع بسبب سفره في مهمتين للمشاركة في اتحاد البرلمانات الإسلامية في طهران، والمشاركة في اتحاد البرلمان العربي في دمشق!.

 

- وحول التساؤلات عن فاعلية المجلس الوطني قال أبو الأديب: إن "إسرائيل"، أصرت على أن يقوم هذا الإطار الذي يمثل مختلف فئات الشعب في الداخل والخارج بتعديل الميثاق في عام 1996م؛ نظرًا لأهميته، مقابل أن تعترف به وبمنظمة التحرير، وإن توجهنا كان أن يقوم هذا الإطار بدوره الحقيقي في تقديم القيادة والسلطة؛ ولكن وصول أعضائه إلى 750؛ منهم 650 يشغلون وظائف مدنية وعسكرية في السلطة لا يجعله يقوم بدور المحاسبة والمساءلة، وهذا شكَّل أزمة لنا.

 

- إن المجلس الوطني حرص على أن لا يحصل هذا الأمر، واعتبر أن أعضاء التشريعي؛ هم شريحة يمثلون الداخل وطبقًا للمادة السادسة من نظام منظمة التحرير، أصبحوا بالانتخابات أعضاء في المجلس الوطني.

 

ومن المعلوم أن آخر جلسة عقدها المجلس الوطني الفلسطيني كانت في شهر أبريل/ نيسان من عام 1996م لإلغاء بنود وتعديل بنود أخرى من الميثاق الوطني الفلسطيني، وهو ما يرفضه أغلبية الشعب الفلسطيني.

 

سادسًا:

منظمة التحرير الفلسطينية بشكلها الحالي لا تمثل الشعب الفلسطيني بأي شكلٍ من الأشكال، في ظل تغييب وإنهاء كل مؤسساتها، والتي كان آخرها قرار إلغاء أقدم دوائرها، وهي الدائرة السياسية في إطار نزع صلاحيات السيد فاروق القدومي بعد ما كشفه من احتمالية التآمر الرسمي في اغتيال عرفات.

 

سابعًا:

وفي هذا الإطار وفي ظل التسريبات التي تتحدث عن إنهاء عضوية القدومي في اللجنة المركزية لحركة فتح، وما يعنيه ذلك من فقدان تلقائي لعضويته في اللجنة التنفيذية لمنظمة محمود عبّاس بحسب ادعاءاتهم، نتساءل: وما موقع ياسر عبد ربه من الإعراب، وهو الذي كان يمثل حركة "فدا المجهرية" في تلك اللجنة قبل أن يتم طرده منه، لُيرقّى بعدها في غفلةٍ من الأمر ومن قِبل محمود عباس ليصبح أمينًا لسر تلك اللجنة، وناطقًا باسمها.

 

ثامنًا:

إن شعار الممثل الشرعي والوحيد، فقد قيمته تمامًا بسبب ما سبق، وبسبب نجاح قوى أخرى من خارج المنظمة في كسب الشرعية الثورية والنضالية، ومن ثَمَّ الشرعية القانونية من خلال انتخابات التشريعي للعام 2006م، وهو ما تفتقده منظمة التحرير الفلسطينية، في ظل غياب أي مظهر ديمقراطي من أي نوع، وفي ظل استمرار اختطاف قرارها.

 

تاسعًا:

رغم ما سبق لا شك بأن مَن يستخدم منظمة التحرير لتمرير ما يريد، سيستمر في الادعاء بوحدانية وشرعية تمثيلها، ولا عجبَ من ذلك، فهؤلاء أنفسهم هم من يختطفون القرارات والمناصب، والتي كان آخرها القضاء على مؤسسات حركة فتح، وعقد مؤتمر جزئي لفتح تحت حرابة وبمباركة وحماية الاحتلال.

 

هذا هو حال منظمة التحرير الفلسطينية اليوم، التي لم يتبق منها ولا حتى اسمها، والتي ما زال البعض يتاجر بها وبتاريخها الذي ذبحه فريق محمود عبّاس وأساء إليه.

 

برحيل سمير غوشة اليوم، يوضع حدًّا لجدل ونقاش عقيم، أثاره مختطفو المنظمة لسنوات؛ ليكمل رحيله نصاب "الستة"- أي الثلث اللازم لإنهاء اللجنة التنفيذية ودورها- مع الموت لا حجة ولا عذر!.

 

تقبَّل الله عزاءكم.

---------

* [email protected]