الصورة غير متاحة

 م. محمد البشلاوي

 

ما يحدث في الكيان الصهيوني وشكل الوزارة المُشكَّلة الآن؛ يؤكد أن ما سُمي بموضوع السلام قد انتهى بالقطع، هذا إذا أردنا أن نكون منطقيين فليبرمان ونتنياهو توليا مقاعد في "إسرائيل" بعد الاتفاق على حصص وبرامج متفق عليها ومكتوبة والبنود التي وقَّع عليها ليبرمان ليتولى منصبًا داخل الحكومة الصهيونية، تتضمن تصفية وتدمير حركة حماس حسب المتفق عليه، والانتهاء من عملية الاستيطان في الضفة الغربية، وتهويد القدس وإغلاق ملف القدس، وكذلك إغلاق ملف عودة اللاجئين والتوسع في المنطقة، وإذا أضفنا شاس وباراك إلى المعادلة؛ فسنجد أنفسنا أمام مسيرة معطلة، ولهذا يجب على الأمة العربية والإسلامية أن تتحلى بالشجاعة الكافية والاعتراف بالواقع، ونقف أمام أنفسنا، ونقول إن وزارة "إسرائيل" الأخيرة تعد نهاية السطر الأخير في ما يُسمَّى بعملية السلام بخيرها وشرها، وللأسف هي مدعومة من كثيرٍ من الحكومات العربية والإسلامية، فضلاً عن أمريكا والغرب.

 

ما الفارق بين ما يفعله اليهود الغاصبون بالمسجد الأقصى، وما يفعله الأمن بالغاضبين من المسلمين المخلصين الغيورين لما يحدث للمسجد الأقصى الأسير؟

 

سؤال محير ليس له عندي إجابة.. ما الذي يضير الجامع الأزهر، الذي كان منارًا للدفاع عن الإسلام والمسلمين في كل العصور، ومسجد عمرو بتاريخه المشرف.. ما الذي يضيرهما إذا خرج بعض المئات للتعبير عن غضبهم لانتهاك هذه الحثالة من حثالات البشر للحرم القدسي الشريف؟ وهل أجرم مَن غضب لتدنيس هؤلاء الأقزام للمسجد الأقصى؟

 

إن الذي يحدث على أرض مصرنا الحبيبة صاحبة التاريخ العظيم في الذود عن الإسلام منذ آلاف السنين لشيء مهين ومخزٍ حقًّا.

 

لماذا ينتفض الأمن بآلياته ومدرعاته وجنوده البواسل في وجه مَن يغضبون لانتهاك حرمات الإسلام والمسلمين، ولا نرى منه ذلك في مواقف أخرى كثيرة!! هل هان على هؤلاء دينهم ومعتقداتهم ومقدساتهم وحرماتهم؟ هل سيسعد هؤلاء بهدم المسجد الأقصى؟ هل هذا ما يريدونه؟ أليس منكم رجل رشيد؟

 

فليعلم هؤلاء جميعًا.. أن للأقصى ربًّا يحميه أولاً وقبل كل شيء، وليعلم هؤلاء أن على أرض فلسطين رجالاً باعوا الدنيا واشتروا الآخرة، ولن يفرطوا أبدًا في المسجد الأقصى.. وليعلم هؤلاء أن على أرض مصرنا الحبيبة ملايين المصريين مستعدون للذود عن حياض الأقصى بكل ما يملكون، بل وفي كل البلاد الإسلامية والعربية؛ لكنه هان فقط على حكوماتنا العميلة وعلى علمائنا الأفذاذ الذين يغضبون فقط لفتاةٍ في سنِّ العشرين، تتمسك بعفتها وطهارتها، وترفض رفع النقاب أمام فضيلته، أمثال هؤلاء لا يغضبون لدينهم وعقيدتهم إنما يغضبون لأنفسهم وذواتهم فقط.. فويلٌ لهؤلاء جميعًا- العلماء المتخاذلون والحكام العملاء- يوم يُعرَضون على ربهم ويسألهم.. ماذا فعلتم حينما انتهكت محارمي ودُنس الأقصى ليس هذا فحسب.. فقد ذهب هؤلاء الطغاة إلى ما هو أبعد من ذلك، ذهبوا إلى مطاردة الأطهار الغيورين في بيوتهم، وانتهاك حرماتهم وترويع ذويهم وإهدار حقوقهم واعتقالهم بعد قلب منازلهم رأسًا على عقب.. أليس منكم رجل رشيد؟!!.

 

هل يقبل أحدكم أن يُفعل به ما يفعله مع الآخرين؟!

ألم يسأل أحدكم نفسه هذا السؤال.. ماذا لو داهمني ظلمة جبابرة ودخلوا عليَّ منزلي، وعاثوا فيه فسادًا وإفسادًا؟ ماذا يفعل أحدكم أيها السادة إذا تعرَّض لموقفٍ كهذا؟

 

سؤال آخر أود أن يجيب عليه أي مسئول أمني في قلبه ذرة من رحمة- لا أقول في قلبه رحمة بل ذرة فقط- هذا الضابط والمسئول الأمني الهمام الذي يذهب إلى مواطن مصري شريف بعد الثانية صباحًا، ويأخذه من بين أهله أمام أمه المسنة، ثم يذهب نفس المسئول الأمني الهمام ليعتقل أخاه المواطن المصري الشريف الطبيب في نفس الليلة، وهو يعلم أن أخاهم الثالث في سجن الظالمين منذ قرابة ثلاث سنوات في محاكمة عسكرية ظالمة.

 

أفيدونا أفادكم الله.. لصالح مَن هذا؟ وأي قلوب هذه التي أصبحت كالحجارة أو أشد قسوة، وأي نفوس هذه؟ ﴿أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ (هود: من الآية 18). ويلٌ لهؤلاء جميعًا من يوم الحساب.. ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42)﴾ (إبراهيم)، هؤلاء جميعًا ممن أحلوا لأنفسهم ما حرَّم الله وحرَّموا ما أحل الله ويلٌ لهم جميعًا يوم يُعرضون على ربهم لا يخفى على الله منهم خافية.. ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117)﴾ (النحل) صدق الله العظيم.