بمناسبة مرور عيد الأضحى، وأبوها مغيب هو وصفوة من أطهار مصر في سجون الحكم الاستبدادي الظالم؛ تنفيذًا لحكم محكمة عسكرية غاشمة.
نظَّمها على لسانها د. جابر قميحة:
*****
قد مرَّ عيدٌ يا أبي...
قد مرَّ عيدْ
وأنت عنَّا غائبٌ... بعيدْ
فغاب عن حياتِنا الضياءْ
والعيدُ- يا أبي- قد زار كلَّ بيتْ
لكنه ما زَارَنا في بَيْتِنا
وكُلُّ مَن في الحَيِّ من بَنَاتِهِ
قد ارتَدَيْنَ- يا أبي- الجديدْ
قد غِبْتَ عنَّا يا أبي
فلم يعُدْ يَطِيبُ في حياتِنا...
المنامُ... والطعامُ... والشرابْ
وبيتُنا...
ما عاد بـيْـتْ
مِن غَيْر طَلْعَتِكْ
من غيرِ نظرتِكْ
وغيرِ بَسمتِكْ
وغيرِ حِكْمَتِكْ
فالعيدُ- يا أبي- قد زار كلَّ بيتْ
لكنه ما زارَنا في بيْتِنا
*****
سألتُ عنك أين أَنْتْ؟
لكنني ما جاءني
من أمِّـنـا
أو إِخْـوَتي جَـوابْ
لكنْ سمعتُ جـارَنا يقولْ:
"أبوكِ- يا بُنيَّـتي- سجينْ
لأنه أمينْ
وقلبُهُ يـقـيـنْ"
- واللـصُّ- يا عـمَّـاهُ-
مـا مصيرُهُ...؟
- " اللصُّ يا بُنَيَّتي- يا عائشهْ
يعيش مُطـلقَ السَّـراحْ
يعيشُ في انشراحْ
نهارُهُ نَعيمْ
وليلُهُ أفراحْ
وناهِبًا... وقاتلاً يعيشْ
ويُهْدِرُ الأموالَ كيف شاءْ
ويستبيحُ أيَّ حرمةٍ يريدْ
ويلعَقُ الدماءْ
ويطلب المزيدَ والمزيدْ
- لكنَّ أهلَنا- عمَّاهُ- أبرياءْ
- بُنَيَّتِي... يا عائشهْ
لا تعجبي...
فدَمُّهم في شَرْعِهِ المنكودِ... ماءْ
وحولَه بطانةُ النفاقِ والرياءْ
فَبِاسْمِه يسبِّحونَ...
يركعون... يسجدون
- سألتُهُ...
وأين- يا عمَّاهُ-
قانونُ البلدْ؟
أجابني بدمعِه ونبرهِ الجريحْ:
"يا بِنْـتَنَا يا عائشهْ...
لا تسألي عن أمرهِ...
لا تُقْلِقِيهِ- يا ابْنتِي- في قبرهِ
---------
* عائشة هي الابنة الصغرى لرجل الأعمال حسن مالك.