- د. الكتاتني: شعبية الإخوان في الدفاع عن الأقصى سبب الهجمات

- د. الغتيت: قانون الطوارئ وصمة عار على جبيننا لا بد أن تُمحى

- د. الأشعل: لو ترك النظام الحرية للإخوان لالتفَّ الشعب حولهم

- د. قنديل: ضرورة تكاتف المعارضة للدفاع عن حق الإخوان

- د. منى صبحي: الأسرة حاجز الصد الأول للتغلب على الاعتقالات

 

تحقيق- إيمان إسماعيل ويارا نجاتي:

إذا كانت الضريبة في مصر تُفرض على أي نشاط تجاري أو صناعي يهدف إلى الربح، يقوم أصحاب تلك الأنشطة بدفعها مجبرين بحكم القانون في سبيل استمرار تلك الأنشطة؛ فإن هذا الحال لا يختلف كثيرًا في تعاملات أجهزة الأمن المصرية ضد جماعة الإخوان المسلمين، والتي يدفع أفرادها ضريبة الاعتقالات من أجل مواصلة مسيرة الإصلاح التي يحملها الإخوان لنشر الخير لكل الناس.

 

وكما أن معظم أصحاب الأنشطة التجارية والصناعية المختلفة لا يتمنون دفع الضرائب بل ويتهربون من دفعها؛ فإن الإخوان لا يتمنون أيضًا الاعتقالات، ولكنهم لا يتهربون منها، لكونهم يعلمون أنهم على حق، وأن الحق قادم لا محالة.

 

ورغم أن أجهزة الأمن تحاول أن تخلق مبررات وهمية وساذجة للحملات المسعورة التي تشنها ضد جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن الهدف منها دائمًا يكون واحدًا، وهو محاولة تحجيم نشاط الجماعة المتنامي في الشارع المصري، فضلاً عن سعي أجهزة الأمن الدائب لتشويه صورة الإخوان، وجعلهم "فزاعة" لدى المصريين.

 

حملة اعتقالات جديدة- وإن شئت فقل ضريبة جديدة- شنتها أجهزة الأمن المصرية فجر اليوم في صفوف جماعة الإخوان المسلمين بعدد من محافظات مصر، طالت أكثر من 40 من أفراد الإخوان على خلفية فعالياتهم الواسعة والمتواصلة؛ للمطالبة بالتحرك العاجل لنصرة المسجد الأقصى، ووقف تهويد المقدسات الإسلامية في مدينة القدس.. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: حتى متى سيظل الإخوان وحدهم يدفعون ضريبة الإصلاح؟ وما تأثير تلك الاعتقالات على جماعة الإخوان المسلمين خاصة في ظل التحضير لخوض الانتخابات القادمة التي تشهدها مصر خلال الشهور المقبلة؟

 

 الصورة غير متاحة

 د. محمد سعد الكتاتني

بدايةً يؤكد الدكتور محمد سعد الكتاتني عضو مكتب الإرشاد ورئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين؛ أن تلك الاعتقالات المتكررة في صفوف الجماعة تأتي في سياق التضييق على فعاليات وتحركات الإخوان المسلمين، وإثنائهم عن أداء أي فعاليات تجاه المسجد الأقصى الأسير، خاصةً أن شعبية الإخوان تزايدت في الجامعات وفي كافة المحافظات، بعد فعالياتهم الضخمة تجاه نصرة المسجد الأقصى.

 

ويرى أن تلك الاعتقالات تأتي ضمن حملات ورسائل النظام الواسعة التي أعدها استعدادًا لانتخابات مجلسي الشورى والشعب القادمة من خلال تشويه صورة الإخوان، وكنوع من أنواع الضغط لإثناء الإخوان عن المشاركة السياسية، ووقف الحراك السياسي الذي تشهده مصر حاليًّا.

 

ويؤكد أن تلك الاعتقالات لن تثني الإخوان عن أداء دورهم ورسالتهم ومشاركتهم في الدفاع عن الأقصى أو أي قضايا فساد أخرى، مشيرًا إلى أنهم سيشاركون في انتخابات الشعب والشورى القادمة، دون الأخذ في الاعتبار بأيّ من تلك التهديدات الواهية.

 

ويلفت النظر إلى أن مجلس الشعب يفجر يوميًّا قضايا فساد أبطالها من الحزب الوطني، ممن يتاجرون بقوت الشعب، وعلى الجهة المقابلة لم يمسك أحد على أي نائب من الإخوان أي قضايا فساد أو رشوة أو استغلال لمنصبه في غير موضعه، بل هم من يقومون بخدمة أفراد دائرتهم، ويسعون لإصلاح الفساد المستشري في المجتمع، وعلى الرغم من ذلك هم من يعتقلون ويحاكمون.

 

نظام عضلات!

 الصورة غير متاحة

د. محمد جمال حشمت

   ويتفق في الرأي معه الدكتور محمد جمال حشمت عضو مجلس الشعب السابق؛ حيث يرى أن ذلك النظام فقد عقله واستقوى بعضلاته؛ نتيجة لفقدانه كل معايير الديمقراطية وطرق الحوار الراقي، موضحًا أن كل ما حدث وما زال يحدث من اعتقالات هو محاولة مستميتة من النظام لقمع الإخوان كنوع من أنواع الردع بعد الهبة القوية لهم ومناصرتهم للأقصى.

 

ويؤكد أن تلك الاعتقالات خير دليل قاطع على عدم وجود أي صفقات بين الإخوان والنظام، كما يدعي البعض، بل إنهم أكثر قوى سياسية يتم ردعها واعتقالها، مضيفًا أن الصفقات معناها التنازل عن الثوابت، والإخوان لم يتنازلوا على مر تاريخهم عن أيٍّ من ثوابتهم.

 

ويوضح أن الإخوان حاولوا أكثر من مرة تقديم يد العون للنظام حتى يتم إصلاح الفساد المستشري في جنباتها، إلا أنها كانت سرعان ما تهبش وتجرح تلك الأيادي، في محاولة منها لتغييب كافة النشطاء وبالأخص الإخوان من الحياة السياسية في مصر.

 

ويرى أن تلك الاعتقالات ستستمر إلى أن يتم تغيير النظام الحاكم، بسياسته وأفكاره وطرقه الاستبدادية.

 

الحق والباطل!

 الصورة غير متاحة

الحاج طلعت الشناوي

   ويعلِّق طلعت الشناوي مسئول المكتب الإداري لإخوان الدقهلية على حملة الاعتقالات في صفوف الإخوان، قائلاً: إنها لن تؤثر في صفوف الإخوان مطلقًا أو تثنيهم عن مسيرتهم، مضيفًا أن الإخوان على علم تام بأن الطريق أمامهم ليس مفروشًا بالورود، ولكنه مليء بالتضحيات والاعتقالات والسجون ومصادرة الأموال، ويضيف أن ما تفعله الحكومة هي عوامل تثبيت الإخوان، وليست تثبيطًا، ولن تصيبهم بالإحباط.

 

مستشهدًا بقول الله عز وجل: ﴿وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا﴾ (الأحزاب: من الآية 22)، مشيرًا إلى أن الإخوان في معركة بين الحق والباطل؛ حتى من يتكلمون عن الصفقات بين الإخوان والحكومة أن يهمدوا ويضعوا ألسنتهم في أفواههم، قائلاً: "إن كان هناك تصالح بين الظلمات والنور أو الهدى والضلال لتعاون الإخوان مع النظام"...

 

ويستطرد قائلاً: إن جميع أفعالهم تُكتشف واحدة تلو الأخرى من قضايا فساد ورشاوى وسرقات واغتيالات، موضحًا أن معركة الإخوان مستمرة مع النظام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فالمعارك جولات واحدة لك والأخرى عليك، ولكن الحق دائمًا منتصر ولا ينهزم أبدًا".

 

غابة!

 الصورة غير متاحة

د. رفعت سيد أحمد

   ويوضح د. رفعت سيد أحمد مدير مركز يافا للدراسات والأبحاث أن حملة الاعتقالات التي تشنها حاليًّا الحكومة المصرية ضد أعضاء وقيادات جماعة الإخوان المسلمين تعتبر منهجًا ثابتًا ضد الإخوان من الأجهزة الأمنية، في إطار استعدادها للانتخابات القادمة أولاً؛ كنوع من التخويف والردع للقوى السياسية المعارضة الأخرى، تماشيًا مع المثل القائل (اضرب المربوط يخاف السايب).

 

ويضيف أن الحكومة قد اختارت الإخوان تحديدًا؛ لأنهم الأقرب إلى الشارع والرأي العام المصري، أما ثاني أسباب هذه الحملة هي إرهاب الإخوان أنفسهم للابتعاد عن الإصلاح السياسي أو الدعوة للديمقراطية.

 

ويؤكد أن الاعتقالات تعتبر نوعًا من اللعبة السياسية السخيفة، وليس هناك أية إجراءات قضائية محترمة، مشبهًا الوضع بغابة وليست دولة تحترم القانون وسيادته، أو تضع أي اعتبار لحقوق الإنسان".

 

 ويرى أن هذه الحملات والتصرفات العنيفة من قِبل الحكومة تجاه الإخوان لن تتوقف أبدًا ما دام لهم وجود قوي في الشارع، وسيستمرون إلى أن ينتهي أحد الطرفين الحكومة أو الإخوان، وهو ما لا تنبئ به الوقائع الحالية قريبًا.

 

28 سنة مؤقت!!

 الصورة غير متاحة

د. علي الغتيت

   ويوضح الدكتور علي الغتيت أستاذ القانون الدولي، قائلاً: إن المشكلة الأساسية ليست في الاعتقالات؛ لكنها تكمن في عدم وجود مبرر للاعتقال؛ نتيجة لوجود ما يسمى بقانون الطوارئ الذي يتحجج النظام بتبرير تصرفاته وإجرامه متخفيًا تحت عباءة قانون الطوارئ.

 

ويؤكد أن مبدأ القانون غير صالح؛ حيث لا يوجد مبرر أو أساس له، متسائلاً: "كيف يكون قانون الطوارئ مؤقتًا ويستمر لأكثر من 28 سنةً!!"، مطالبًا بضرورة زواله لما فيه من وصمة عار للمجتمع المصري بأكمله.

 

ويوضح أن هذا القانون لا يجوز استمراره، ويجب العمل على إلغائه لأن آثاره سيئة، وقد يُلغى إذا حرص على ذلك رجال الحرية في مصر والمهتمون بالدستور وأمن المجتمع المصري على المطالبة بإلغائه وأصروا على ذلك، مشيرًا إلى أن وصول المحكمة إلى قرار البراءة، يدل على أن السلطة التنفيذية تتصرف وفقًا لقانون الطوارئ، أما القضاة يحتكمون للقانون الثابت، ولا يخضعون لأوامر الحكومة.

 

انعدام الشرعية!

 الصورة غير متاحة

د. عبد الله الأشعل

   ويرى الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق أن تلك الهجمات والملاحقات في صفوف الإخوان التي تقوم بها الحكومة ضدهم هي جزء من النظرة الأمنية التي تتعامل بها تجاه كافة الملفات المصرية، والتي ثبت فشلها لأكثر من مرة، وفقدانها لمزيد من شعبيتها ومصداقيتها، وضمهم لصفوف المعارضين لها، إلا أنها لا ترغب في التخلي عن ذلك النهج المتبع لعدم امتلاكها أدوات أخرى.

 

ويوضح أن ذلك يدل على أن شرعية النظام منعدمة، وأن شعبية الإخوان في تزايد وذات تأثير قوي يفزع النظام، مؤكدًا أنه كلما زادت الاعتقالات في صفوف الإخوان كلما زادت شعبيتهم وزاد تعاطف الشعب معهم.

 

ويرى أن توقيت الاعتقالات الحالي يرجع إلى محاولة النظام في قمع الإخوان من الترشح في انتخابات مجلس الشعب والشورى القادمتين، ومنع قواعد الشعب من المشاركة في الانتخابات، مشيرًا إلى أن باب الانتخابات لو فُتح بعدل أمام مرشحي الإخوان لانتخب أغلب طوائف الشعب الإخوان لتواجدهم وتأثيرهم القوي في المجتمع.

 

ويضيف أن نتيجة تلك الاعتقالات تظهر حاليًّا فيمن يمتلك مصداقية وشعبية أكثر في المجتمع، ويلتف حوله العديد، وفيمن يمتلك الصمود والنفس الطويل رغم القمع والاعتداءات، لافتًا النظر إلى أن المجتمع بإقصاء الإخوان سيصدأ ويفنى تمامًا.

 

زيادة شعبية!

 الصورة غير متاحة

عبد الحليم قنديل

   ويؤكد عبد الحليم قنديل المنسق العام لحركة كفاية أن حملة الاعتقالات المؤخرة للإخوان المسلمين من قِبل الحكومة المصرية التي كان آخرها اعتقال أربعين منهم في الساعات الأولى من الصباح، تعكس الرغبة المقلقة لدى الحكومة في إنهاء جماعة الإخوان المسلمين التي لن تتحقق للنظام، مضيفًا سواء اتبع الإخوان سياسات معتدلة مع الحكومة أو سياسات معارضة؛ فالنتيجة واحدة وهو التعامل الأمني الفج والاعتقالات وعقد الصفقات المضادة لهم.

 

ويرى قنديل أن لهذه الحملة علاقة رئيسية ومباشرة بالانتخابات المقبلة في مجلسي الشعب والشورى، كما يرى أنها ستتسع باضطراد في الأيام المقبلة، ولن تتوقف إلا بعد انتهاء الانتخابات في المجلسين، ويضيف أن السبب الجوهري وراء هذه الحملة هو إدراك النظام التام لتزايد القاعدة الشعبية للإخوان المسلمين في مصر.

 

ويوضح قائلاً إن تعامل الحكومة مع الإخوان المسلمين عنصري جدًّا، مقارنة بتعاملها مع فاسدي الحزب الوطني، مشبهًا إياها بالتعامل مع مواطن من الدرجة الثانية"، مستنكرًا رد الفعل البارد وغير المنطقي من رءوس الفساد تلك المستشرية في الحزب الوطني، والتي من المفترض أن تكون من مسئوليتها أن تواجه وتقف ضد الظلم وتحاربه، لا أن تكون هي رأس الفساد..

 

ويضيف أن تلك الهجمة من الاعتقالات شرسة، ولا يمكن السكوت عليها، مشددًا على ضرورة تكاتف كل التيارات السياسية؛ دفاعًا عن المعتقلين وحتى يتم تبرئتهم، مبررًا أن السكوت على تلك الاعتقالات سيعقبه حملات على الحركات الأخرى.

 

ويوضح أن التهم التي يقدم بها الإخوان للمحاكمة فارغة ولا معنى لها، مدللاً على ذلك بحصولهم على البراءة من كافة التهم المنسوبة في كل مرة، مؤكدًا أن تلك الاعتقالات تأتي ضمن أسباب سياسية، وليست لأسباب قضائية أو جنائية قد تأخذ بها المحكمة.

 

وجبة الاعتقال!

 الصورة غير متاحة

د. منى صبحي

   وعلى صعيد تأثير الاعتقالات على أسر المعتقلين، تؤكد الدكتورة منى صبحي الأستاذة بكلية التربية جامعة عين شمس، وزوجة الدكتور ضياء الدين فرحات أحد معتقلي الإخوان سابقًا؛ أن دور الأسرة في مواجهة مثل تلك الاعتقالات هو حاجز الصد الأول في ثبات أي فرد من أفرادها على تخطي مثل تلك المحن وتحويلها إلى منحة.

 

وتوضح أن الاعتقالات أصبحت لديهم شيء طبيعي مثل وجبة الإفطار والغداء، حتى إنهم وأولادهم اعتادوا على ذلك الظلم، مضيفةً أن دور الزوجة في مثل تلك الاعتقالات أن توعي أبناءها بأن ما يحدث من انتهاكات في حق آبائهم هو ظلم بين وليس عارًا، وأن أغلبها افتراءات وأكاذيب لا أساس لها من الصحة؛ حتى يكون بمثابة تحدٍ ودافع لهم بأن يتغلبوا على الصعاب، وأن يكونوا أقوى منها.

 

وتضرب مثلاً على ذلك بنماذج مبهرة من أبناء أسر المعتقلين الذين تم اعتقال آبائهم، فكان حافزًا لهم بأن يكونوا من الأوائل في دراستهم، ويتميزوا وينشروا فكر الإخوان بين معارفهم أكثر، ومن ثَم تكثر شعبيتهم.

 

وتشير إلى أن ثبات زوجات المعتقلين في مثل تلك المحن هو الوقود لثبات أطفالهن في مواجهة كافة تلك المعوقات والتحديات، داعيةً كافة زوجات المعتقلين على أن يكنَّ على قدر الثقة والثبات أمام أنفسهن وأمام أولادهن وأمام أزواجهن المعتقلين، حتى يثبتن للنظام بأن الضربة التي لم تقصم ظهورهن تقويهن وترفعهن إلى الأعلى.