- حافظ أبو سعدة: "الداخلية" تنحِّي القانون عند التعامل مع الإخوان

- د. مجدي عبد الحميد: الإفراج واجب مساواةً بالدكتور أيمن نور

- نجاد البرعي: الخصومة السياسية تحكم القضية وليس القانون

- عبد الله خليل: لا بد من تطبيق شروط الإفراج بشفافية كاملة

 

تحقيق- خالد عفيفي:

"الإفراج عن عدد من المعتقلين بمناسبة أعياد أكتوبر"، "الإفراج عن مئات المساجين لظروفهم الصحية".. قرارات جمهورية ووزارية تصدر في الأعياد والمناسبات الدينية والوطنية لمساجين قضوا نصف مدة العقوبة، وآخرين مرضى لا يتحمَّلون وطأة السجون، ولكن بالطبع تخلو قوائم تلك القرارات- دائمًا- من معتقلي الإخوان المسلمين أو المحبوسين على ذمة قضايا عسكرية ملفقة.

 

ولم تقتصر تلك القرارات على القتلة وتجار المخدرات الذين بلغ عدد المفرج عنهم في 23 يوليو 2008م (1575)، ولكن تعدتها إلى حدِّ الإفراج عن الجواسيس الصهاينة، مثلما حدث مع الجاسوس الصهيوني عزام عزام في 2004م، والذي أفرج عنه بموجب عفو رئاسي بعد قضائه نصف مدة العقوبة!.

 

وتحلُّ علينا خلال في تلك الأيام ذكرى مرور 3 سنوات ونصف السنة على المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان المسلمين وإخوانه المحبوسين على ذمة القضية العسكرية الأخيرة، وهي الفترة التي تعادل نصف مدة عقوبة الشاطر ورجل الأعمال حسن مالك، فضلاً عن اقترابنا من ثلاثة أرباع مدة عقوبة 3 آخرين، هم آخر المتبقين على ذمة القضية، وهم: أحمد أشرف، وعبد الرحمن صادق الشرقاوي، وأحمد شوشة.

 

الأسباب والحالات التي يتم بموجبها الإفراج عن المحبوسين والمعتقلين في تلك المناسبات، نجدها لا تتوفر في أحد بقدر ما تتوفر في قيادات الإخوان المسلمين، فلا أحد يتمتع بحسن سير وسلوك داخل محبسه يوازي ما يتمتعون به؛ وذلك بشهادة كل المختلطين بهم من المساجين الجنائيين والقائمين على شئونهم في سجن مزرعة طرة من ضباط وأمناء وأفراد شرطة.

 

أما الإفراج الصحي فقد أثبتت آخر التقارير الطبية عن حالة الشاطر وجود تضخم زائد في عضلة القلب وانسداد في الشرايين وقصور في الشريان التاجي؛ وارتفاع شديد في ضغط الدم، وارتفاع حادٍّ في السكر، فضلاً عن التهابٍ شديدٍ في الأعصاب؛ يضاف إلى كل ذلك إصابته القديمة والشهيرة بالكسل في الغدة الدرقية، بخلاف معاناته التي لا تنقطع من التراكم المستمر في تكوين الحصوات على الكلى.

 

كل تلك الوقائع تؤكد ما اعتبره مراقبون استخدامًا سياسيًّا للعفو، واستثناءً للمعارضين والخصوم السياسيين، وفي طليعتهم الإخوان المسلمون، من حقٍّ كفله لهم الدستور والقانون وحرمهم النظام من التمتع به.

 

حملة حقوقية

 الصورة غير متاحة

 حافظ أبو سعدة

بدايةً شنَّ حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان هجومًا حادًّا على وزارة الداخلية، واتهمها بالتعنُّت ضد الشاطر وإخوانه وتعمّد التفرقة بينهم وبين نظرائهم، سواء من السياسيين أو الجنائيين.

 

وأكد أن الحالة الصحية المتدهورة للشاطر وإخوانه تستوجب الإفراج الصحي عنهم، بعد مرور نصف المدة على اثنين منهم، مشيرًا إلى الإفراج الصحي عن الدكتور أيمن نور زعيم حزب الغد بنصف المدة في قضية التوكيلات المزوَّرة.

 

وشدَّد أبو سعدة على ضرورة المساواة في تعامل الحكومة مع كلِّ السجناء بغضِّ النظر عن أسباب سجنهم أو المحكمة التي قضت عليهم بالحبس، موضحًا أن البعد السياسي للقضية يتحكَّم فيها بشكلٍ فجٍّ، ويجعل وزارة الداخلية تحيد عن تطبيق مبادئ حقوق الإنسان وتنحية القانون عند التعامل مع معتقلي الإخوان.

 

وأشار إلى أن قواعد المحاكمات العسكرية للإخوان كانت ظالمةً منذ بدايتها؛ نظرًا لافتقارها لأدنى معايير حقوق الإنسان الواردة في المواثيق والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها مصر، "ولذلك فليس من الغريب أن تتناقض أية مرحلة من مراحل تلك الفترة مع الدستور والقانون".

 

وأكد أن المنظمة المصرية سوف تتبنَّى خلال الفترة المقبلة حملةً حقوقيةً؛ للمطالبة بالإفراج الصحي عن خيرت الشاطر وإخوانه، بعد دراسة التقارير الطبية الرسمية المعتمَّدة من مستشفى المنيل الجامعي أو مستشفى سجن مزرعة طرة، والتي تظهر حجم معاناتهم وتفسِّر الأمراض التي يعانون منها، وحالتهم الصحية في الوقت الحالي، لتقديمها إلى الجهات المعنية.

 

خصومة سياسية

 الصورة غير متاحة

نجاد البرعي

يقول نجاد البرعي رئيس مجلس إدارة المجموعة المتحدة والناشط الحقوقي: إن استثناء قيادات الإخوان من قرارات العفو الرئاسي والوزاري يأتي لكونهم خصومًا سياسيين للنظام الذي يلجأ إلى الانتقام منهم، واستخدام عصا الأمن لمواجهتهم وحرمانهم من أبسط حقوق نصَّ عليها الدستور في الإفراج عنهم لحسن سيرهم وسلوكهم أو لحالتهم المرضية.

 

وحول دور المنظمات الحقوقية في القضية أكد أن كل النشطاء فعلوا ما بوسعهم لإدانة واستنكار المحاكمات العسكرية من بدايتها، ولم يتبقَّ أمامهم سوى حمل السلاح لإجبار النظام على الاستجابة لمطالبهم.

 

وأضاف البرعي: "إن الأزمة في مصر أن لدينا نظامًا وضع يديه في أذنيه ولا يسمع لأحد، ولا ينفِّذ إلا ما يراه تأمينًا لوجوده واستمراره، كما لا يقيم وزنًا لمبادئ حقوق الإنسان".

 

واتهم القوى والأحزاب السياسية بتجاهل القضية العسكرية الأخيرة للإخوان ومعتقلي الجماعة خلال الفترة الماضية، مرجعًا ذلك إلى خلط تلك القوى بين المنافسة السياسية مع الإخوان كفصيلٍ معارضٍ وبين المسائل التي تتعلق بالمبادئ؛ حيث يطال ظلم النظام الإخوان باعتبارهم جزءًا من المعارضة الوطنية التي يجب أن يقفوا معها في خندق واحد.

 

المساواة

ويطالب الدكتور مجدي عبد الحميد رئيس الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية وزارة الداخلية بسرعة الإفراج عن الشاطر وإخوانه، بعد مرور نصف المدة على حبسه؛ نظرًا لحالته الصحية المتأخرة وتطوراتها السلبية.

 

ودعا إلى مساواة الشاطر وغيره من المعتقلين السياسيين بنظرائهم من الجنائيين في الإفراج بمرور نصف المدة، مشيرًا إلى أن النائب العام أمر بالإفراج عن الدكتور أيمن نور بمرور نصف المدة؛ نظرًا لحالته الصحية.

 

وحول صلاحيات وزير الداخلية بموجب القانون للإفراج عن قيادات الإخوان، أكد عبد الحميد أن القضية العسكرية الأخيرة للإخوان سياسية بامتياز، وأن القضايا السياسية لا يتم الفصل فيها إلا بقرار سياسي ممن اتخذ قرار المحاكمة.

 

وشدَّد على أن القانون غائبٌ تمامًا في تلك القضية ولا يستطيع أحد أن يضعه حكمًا فيها؛ حيث تتناقض المحاكمات العسكرية للمدنيين مع أبسط حقوق المتهمين الواردة في المواثيق والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها مصر.

 

ونفى د. عبد الحميد إهمال المنظمات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني لقضية الشاطر وإخوانه، موضحًا أن تتابع الانتهاكات والخروقات الأمنية لحقوق الإنسان وانتشار التعذيب وغيره من التجاوزات؛ هو الذي يضطر المنظمات إلى تناول القضايا الجديدة التي تشغل الرأي العام.

 

تمييز

 الصورة غير متاحة

عبد الله خليل

ويعتبر عبد الله خليل الخبير القانوني بالأمم المتحدة أن استمرار حبس الشاطر وإخوانه بسبب آرائه السياسية ومعتقداته وأفكاره مخالفةٌ لمبدأ حظر التمييز وإخلالٌ بمبدأ المساواة في إقامة العدل.

 

وطالب خليل الحكومة بتطبيق المساواة في التعامل مع كافة المسجونين السياسيين والجنائيين فيما يتعلق بقواعد الإفراج الصحي التي أوجبها القانون والمواثيق الدولية، قائلاً: "لا بد من تطبيق هذه الشروط بشفافية ومساواة كاملة".

 

ويقول إن إحالة المدنيين في الأساس لمحاكم عسكرية نظرًا لأفكارهم أو معتقداتهم السياسية مخالفٌ لضمانات المحاكمة العادلة الواردة في كل المعايير الدولية؛ على اعتبار أنها محاكم استثنائية وليست محاكمةً أمام قاضٍ طبيعيٍّ.

 

ويرجع عبد الله خليل أزمة المحاكمات العسكرية إلى استمرار العمل بقانون الطوارئ في مصر، فضلاً عن التعديلات الدستورية الأخيرة التي أعطت لرئيس الجمهورية صلاحيات واسعة؛ لدرجة حقِّه في إحالة أيِّ شخص في أي وقت لأية تهمة إلى محكمة استثنائية يتمتع هو فقط بحق إنشائها أيضًا؛ وذلك طبقًا للمادة 179 من الدستور بعد التعديلات الأخيرة.