بسم الله الرحمن الرحيم

اعتدنا قبل كل انتخابات في مصر أن نسمع تصريحات متكررة من أركان النظام بأنها ستكون حرة شفافة نزيهة، واعتدنا أيضًا في كل مرة أن تسبقها وتواكبها حملة اعتقالات كبيرة في صفوف الإخوان المسلمين، وصلت في بعض الحالات إلى اعتقال أكثر من ستة آلاف شخص، واعتدنا أن تكون هذه الاعتقالات بداية تزوير كبير لإرادة الأمة.

 

والآن بدأ التزوير والإرهاب الحكومي مبكرًا فتم القبض على 164 شخصًا من الإخوان المسلمين، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، وإنما تعداه إلى مهاجمة المؤسسات الاقتصادية ومصادرة البضائع والأموال مهما كانت ضئيلة؛ من أجل قطع أرزاق الناس، وإشغالهم بأنفسهم، وصرفهم عن المشاركة في أداء واجبهم الوطني الذي نص عليه الدستور في المادة (62) حيث يقول: (إن للمواطن حق الانتخاب، وإبداء الرأى وفقًا لأحكام القانون، وأن مساهمته في الحياة العامة واجب وطني) ونحن نسأل هل هذا هو التطبيق الحكومي لمبدأ المواطنة الذي صدعوا به رءوسنا؟ أم أن الإخوان المسلمين ليسوا مواطنين وليست لهم حقوق؟!.

 

إن النظام الذي لا يقوى على إجراء انتخابات طلابية نزيهة في الجامعات (أرقى مؤسسات التعليم) خوفًا من نجاح مجموعة من الطلاب- الذين يَدْعُون إلى الإصلاح بالحكمة والموعظة الحسنة- بأصوات زملائهم الطلاب والطالبات، والذي يجمد انتخابات النقابات عشرات السنين، وانتخابات نوادي أعضاء هيئات التدريس، لا يدرك مدى خطورة استمرار خنق الحريات وانتهاك الحقوق والحرمات؛ لذلك نقول بكل الصدق والإخلاص افتحوا النوافذ يدخل الهواء النقي؛ ليطرد المناخ الفاسد، ويدخل الضوء الناصع؛ ليطرد الظلام والظلم في وقت واحد، ونحن وأنتم والشعب كله مسلميه ومسيحييه والوطن كلنا رابحون.

 

إننا لا نخشى على أنفسنا من مثل هذه الحملات الظالمة ولكننا- يعلم الله- نشفق على الوطن الذي وصل الاحتقان فيه مداه، وبلغت القلوب الحناجر؛ نتيجةً للفساد الرهيب غير المسبوق الذي نجم عن زواج الثروة بالسلطة، والغنى الفاحش الذي ترفل فيه طبقة قليلة من بطانة الحكم، بينما سقطت الغالبية العظمى من الشعب فريسة الفقر والغلاء والبطالة والمرض، ناهيك عن مصادرة الحريات وانتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها النظام البوليسي في كل زمان ومكان، ونخشى من انفجار شعبي لا يبقي ولا يذر.

 

إن إرهاصات العدوان على إرادة الأمة والعودة بها إلى حالة تكميم الأفواه واعتزال الحياة العامة تجلت في مظاهر شتى، إضافة إلى ما أسلفناه من اعتقالات ومصادرات تجلت في العدوان بالضرب والأذى على الطلاب بل الطالبات، وتجلَّت في إغلاق المحطات الفضائية، وتجلت في إزاحة بعض مقدمي البرامج، ورؤساء تحرير الصحف والمحررين عن مواقعهم.

 

وتجلت في تقييد مكاتب تقديم خدمات البث المباشر، وتجلت في مراقبة عملية بث الرسائل عبر التليفونات المحمولة، الأمر الذي ينبئ عن أننا مقبلون على الدخول في نفق مظلم لا ندري السبيل إلى الخروج منه.

 

إننا نخاطب العقلاء والمثقفين والأحرار في هذا الوطن أن يتصدوا لهذا المخطط الذي يودي بالبقية الباقية من سمعة الوطن، والذي يؤدي إلى مزيد من الأضرار باقتصاده ومكانته وروابطه الاجتماعية وولاء الشباب له، وإن الايجابية وسيلته الوحيدة لاسترداد حقوق وإثبات انتمائه وولائه، وليست السلبية ولا اللامبالاة التي نراها تخيم على نفوس الجيل الجديد، فتحرم الوطن من قدراته وإمكانياته بل تدفعه إلى الموت انتحارًا.

 

كما نخاطب الشعب المصري الكريم ألا يخضع للابتزاز والإرهاب، وألا يترك إرادته للاغتصاب والسرقة، وأن يتصدى لمحاولات التزوير والإكراه، فعلى قدر صلابته في موقفه يتحدد مصيره ومستقبله.

 

وللإخوان المسلمين نقول.. إنكم دائمًا الطليعة المضحية، والقدوة الصابرة، والشمعة المضيئة، فاعملوا لله، واستعينوا بالله، وتصبروا بالله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)﴾ (آل عمران)، ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ (التوبة: من الآية 105)، ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)﴾ (يوسف).

الإخوان المسلمون

القاهرة في: 9 من ذي الحجة 1431هـ الموافق 17 من أكتوبر 2010م