هل عرفت الجديد في مصر النهاردة بعد فوز الحزب الحاكم في مجلس الشعب واكتساحه الحياة السياسية؟

 

هل تخيلت ما يخبئه لك النظام الحاكم بعد أن فاز بالضربة القاضية على المحظورة والوفد والبرادعي وجميع قوى المعارضة؟

 

من حق الحزب الحاكم والنظام الجاثم أن يُكافئ رجاله الذين كانوا سببًا في فوزه العريض، ونجاحه الساحق الذي كاد به عوازله، ومكَّنه من الشماتة والردح لكل معارضٍ فاشل.

 

ومن المنطقي أن يتدلل ويتدلع هؤلاء الذين أهدوا هذا الفوز الثمين التخين لرجال الحزب.

 

إن جميع الناجحين والساقطين يعرفون أن الأمن هو مَن يحكمنا، وهو مَن ينتخب لنا، وهو مَن يعين رجال التعليم، ووزراء الحكومة، وأئمة وعمال المساجد، وينظم حركة المخبرين والعسس، سواء كانوا من سائقي التاكسيات أو التكاتك، أو كانوا رؤساء تحرير صحف حكومية بدرجة شتَّام أول محظورة، أو "لعَّان ثاني برادعي"!

 

وما دام الجميع يعرفون، وما دمنا من بين هذا الجميع؛ فلا بد أننا نعرف أيضًا ما يعرفون، وما داموا وما دمنا نعرف أن الأمن هو الكل في الكل؛ فلا عجب ولا عجاب ولا يحزنون أن يتدلل الأمن ويتدلع ويمشي بخفة ودلع ويقول: إن الأرض هي الشابة وهو الجدع!!!!

 

ولا بد وحتمًا ولا مفر ولا محيص ولا ريب ولا انفك ولا انحل أن يطالب رجال الأمن بالمكافأة لما أنجزوه للحزب وللنظام في الانتخابات.

 

فالناجحون يعرفون أن ملايينهم لم تنفعهم عام 2005م مع الإشراف القضائي، ولم يُنقذهم بعد إلغاء هذا الإشراف إلا التسويد والتكتيك الأمني 2010م.

 

فالأمن هو صاحب الفضل الأول والأخير، فلا عجبَ ولا عجابَ ولا يحزنون أن يقوم ضابط أمن- خاصةً إذا كان أمن دولة- بإلغاء مهرجان مسرحي يقوم به طلبة المعهد العالي للفنون المسرحية، قبيل انطلاقه بساعاتٍ؛ لأن العيال لم يأخذوا إذنًا أمنيًّا مسبقًا للقيام بهذا المهرجان.

 

العجيب والعجاب أن يحاول عميد المعهد الدكتور عبد المنعم مبارك أن يشرح للضابط أن هذا المهرجان عمل روتيني سنوي يقوم به طلاب المعهد منذ عام 1988م.

 

كيف لا يعرف عميد المعهد، وهو يعيش على أرض مصر ويتنفس هواءها العليل ويشرب من نيلها الخالد أن رجال أمننا لا يرجعون في قراراتهم؟

 

قد يكون العميد المسكين تخيل أن مهمة الأمن هي حماية مصر من الإرهاب والجواسيس فقط، ولم يعرف أن أهم واجبات الأمن أن يحمينا من أنفسنا قبل أن يحمينا من الأعداء!

 

وقد يكون لبراءته وعدم خبرته السياسية اعتقد أن رجل الأمن لا يشتبه إلا في شباب المحظورة والفيس بوك، ومن كان على شاكلتهم.

 

ولعل عقل الشباب القائم على المهرجان لم يستوعب أن يُصادَر مهرجانهم الذي يستضيف يحيى الفخراني وغيره من رموز الفن الذي تروج له الدولة وتحارب به معارضيها.

 

لقد ترك الشباب التطرف والإرهاب والسياسة والباذنجان المخلل والمحشي والبابا غنوج، وانخرطوا في نشاط دراسي مأمون مأمون مأموووووووون يااااااااااولدي.

 

ولكنهم نسوا أننا في عهد مجلس شعب الحزب الوطني ذي أغلبية 98%.

 

إننا في مصر النهاردة!

 

ولا يمكن أن يتنفس مواطن دون أن يأخذ تصريحًا من الجهات الأمنية.

 

فما بالكم إذا أراد أن يقيم مهرجانًا مسرحيًّا؟ هل يترك الضابط الأطفال يلعبون الاستغماية أو البِلْيْ دون موافقة أمنية صريحة تحافظ على حياتهم وتضمن سير العملية الاستغمايية أو البليية بأمان ونزاهة وشفافية؟

 

لعل اللعبة الوحيدة التي أصبح من المتاح لعبها دون إذن أمني مسبق هي [صَلَّح]؛ لأنها تحمل قيمًا وطنيةً راقيةً تُساعد على النهوض بالوطن واستقراره واستتباب أمنه.

 

فعندما يقوم المواطنون بضرب بعضهم البعض على أقفيتهم على سبيل اللعب يُسهِّلون على رجال الأمن فيما بعد مهامهم الوطنية حين يضطرون مرغمين إلى ضرب المواطن على قفاه.

 

عندئذٍ لا يتمرد المواطن بل يستقبل تهذيب الشرطة لشخصه الكريم بكل حبٍّ وترحابٍ بعد أن تعود قفاه على الضرب من قبل وهو يلعب [صَلَّح] ولا يسارع إلى المنظمات الشيطانية المسماة منظمات حقوق الإنسان.

 

حفظ الله مصر ورجال حزبها الحاكم وأمنها المستتب ورجاله النشامي.