واصل النظام الليبي تصدعه مع تواصل الاحتجاجات التي انطلقت قبل ثمانية أيام مطالبة برحيل معمر القذافي، وتوالي الإدانات الدولية لاستعمال النظام الحاكم القوة في قمع المتظاهرين؛ ما أدَّى إلى سقوط مئات القتلى.
وزادت موجة الانشقاقات السياسية والدبلوماسية، بعدما أعلن قيادي بلجنة تنسيق الاتصال باللجان الثورية استقالته، كما أعلنت السفارة الليبية في المملكة المغربية، إضافة إلى دبلوماسي كبير في سفارة الجماهيرية بأتاوا الانضمام إلى ثورة الشعب الليبي المنادية بإسقاط النظام.
وقال المهندس علي السهولي، عضو لجنة تنسيق مكتب الاتصال باللجان الثورية (قيادة حركة اللجان الثورية) ومنسق شعبة اللجان الثورية بالمؤسسات التعليمية بها، إنه يعلن انشقاقه وخروجه على نظام القذافي.
وبحسب السهولي فإن "هذا النظام تكشفت دمويته في المجازر الرهيبة التي ترتكب الآن في حقِّ أبناء وطني والتي شاهدتها بأم عيني في مدينتي الغالية بنغازي وفي مناطق تاجوراء وفشلوم وسوق الجمعة من ثناثر أشلاء المواطنين الأبرياء في كلِّ مكان؛ نتيجة القصف العشوائي بالطائرات، وما حدث في شوارع طرابلس والزاوية وصبراتة وصرمان".
في غضون ذلك، أعلن دبلوماسيون في السفارة الليبية بالمغرب انضمامهم لثورة الشعب الليبي، وقد أظهرت المشاهد الواردة من هناك قيام موظفين في الدبلوماسية الليبية بتنكيس العلم الليبي الحالي في ساحة السفارة، ثم إنزالهم بعد ذلك لصورة كبيرة للزعيم الليبي وتكسيرها.
وأعلن دبلوماسي كبير في السفارة الليبية في العاصمة الكندية أوتاوا استقالته، احتجاجًا على قمع نظام القذافي للمحتجين المناوئين له.
وقال إيهاب المسماري، المستشار في السفارة، إنه استقال احتجاجًا على أعمال القتل ضدَّ الليبيين والتزام السفارة الصمت حيال ما يحدث في ليبيا.
كما أعلنت كتائب الجيش الليبي في منطقة الجبل الأخضر انضمامها إلى ثورة الشعب الليبي؛ حيث رفض قائد سفينة حربية ليبية أوامر من القذافي بقصف مدينة بنغازي، ووصل بها إلى مالطا لينضمَّ إلى طيارَيْن رفضا أوامر عسكرية باستخدام سلاح الطيران، ولجآ في وقت سابق إلى مالطا.
وإلى جانب الانشقاقات في صفوف السلك الدبلوماسي والمؤسسة العسكرية والأمنية وبقية أجهزة الحكم في البلاد، أقدم عدد من القبائل في البلاد على سحب ولائهم للعقيد القذافي، مع توالي الانتقادات والإدانات الدولية لاستعمال النظام الحاكم القوة في قمع المتظاهرين؛ ما أدَّى إلى سقوط مئات القتلى.
فقد عبَّر كبار مشايخ مدينة "الزنتان" الليبية عن فقدانهم الثقة في شخص العقيد القذافي بعد كلمته الأخيرة، مؤكدين وحدة القبائل الليبية، وداعين عموم الشعب الليبي إلى الوقوف في وجهه ودعم الثورة.
![]() |
متظاهرون يطالبون بإعدام القذافي لما ارتكبه من جرائم قتل |
وهدَّدت قبائل "الزنتان" بتسيير مزيدٍ من قوى الثوار من مدينة الزنتان إلى طرابلس؛ لمساندة المحتجين وفكِّ الحصار المضروب على المدينة ونصرة أهلها.
ولوَّحت تلك القبائل بقطع إمدادات النفط والغاز إلى أوروبا والعالم في حالة عدم تنحِّي معمر القذافي ونظامه الفاسد وتسليم ليبيا للشعب.
وفي ضربة أخرى لنظام القذافي المستند إلى ولاء القبائل، دعا الوالي السابق لقبيلة "أولاد سليمان" الشيخ غيث سيف النصر أبناء قبيلته وقبائل الجنوب إلى أن يبادروا بالانضمام إلى أبناء وطنهم، وأن يتخلصوا من هذا الطاغية الظالم.
وكان أعضاء بارزون من قبيلة "ورفلة" التي تُعد من كبرى القبائل في البلاد أصدروا بيانات يرفضون فيها بقاء القذافي في السلطة وحثّوه على مغادرة ليبيا، كما أعلنت قبيلة "ترهون" بدورها التبرؤ من القذافي.
في غضون ذلك لا يزال التذبذب غالبًا على موقف قبيلة "القذاذفة" التي ينتمي إليها القذافي واعتمد عليها منذ زمن طويل في جلب العناصر إلى النخبة من الوحدات العسكرية وضمان أمنه الشخصي وأمن حكومته.
وعلى الرغم من ذلك التذبذب فإن عددًا من قيادات قبيلة "القذاذفة" في مدينة بنغازي؛ التي أصبحت حرة إلى جانب عددٍ من مدن شرق البلاد، قد سحبوا البساط من تحت القذافي.
كما أعلنت قبيلة "ترهون" بدورها التبرؤ من القذافي، وقال المتحدث باسم القبيلة عبد الحكيم أبو زويدة: إن شيوخ قبيلته، التي تشكِّل ثلث سكان العاصمة طرابلس، أعلنوا تبرؤهم من النظام وانضمام القبيلة إلى المتظاهرين ضد "الطاغية"، ودعوا أبناء القبيلة إلى الانضمام للثورة.
ويرى محللون أن التركيبة القبلية في ليبيا هي التي يمكن أن يكون بيدها تحديد مآل الأحداث الجارية في البلاد، خلافًا لما حصل في مصر وتونس؛ حيث عاد القول الفصل للنخبة العسكرية في تحديد مصير الثورة.