بقلم: جمال عبد الغفار بدوي

 

زهقونا.. بعدما دوشونا

أكلوا أدمغتدنا، صدعوا رءوسنا

وكانوا كالجراد المنتشر في كل فضائية أو وسيلة إعلامية.

 

إذا وقعت في يدك جريدة أو صحيفة أو قرطاس لم تجد إلا حديثا مكررًا مستهلكًا عن صفقة الإخوان، وبحثهم عن الغنائم والتورتة والكعكة والفطيرة والبابا غنوج والماما فتوش.. إلخ تلك المسميات.

 

أما إذا جلست أمام المرناة- أي التلفاز أو التليفيشن- فلا أراك الله مكروهًا في ثورة لديكم؛ فستسمع الصراخ والعويل واللطم والندب والسب واللعن، وكيل الاتهامات، وصب الشرشحات على رءوس الذين تركوا الثورة والثوار وهرولوا بعيدًا عن الميدان، من أجل مكاسب تنظيمية صغيرة.

 

فمن قائل: هؤلاء حزب الكنبة، الذي لا يحل ولا يربط؛ دون مراعاة أدنى درجات اللياقة أو الذوق أو الأدب.

 

ومن قائل: يا بخت من ثار وخفف، تلميحًا إلى عدم مجاراة الإخوان لدعوات الاعتصام في صينية التحرير.

 

ومن قائل: على من يترك الميدان أن يشتري طرحة، في محاولة بذيئة لفرض الرأي السياسي على المختلفين بقوة قلة الأدب.

 

ومن قائل وقائل وقائل................

 

وللأسف الأسيف، والعجب العجيب أن تورط في ما سبق من كنا نحسبهم أولي عقل ورأي سديد، وألباب وأفهام وخبرة سياسية تعصمهم من الزلل والسقوط في هوة الهوى، والتعصب والحزبية الضيقة.

 

ودارت الأيام وتكشفت الغيوم فرأينا من عاب على الإخوان موقفًا يهرول ليفعل نفس الموقف!
من كانوا يدعون إلى الاعتصام والتحرش بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، راحوا يتبرءون ويؤكدون رفضهم الاستفزازات بعد المهازل التي صاحبت اقتحام سفارة العدو الصهيوني.

 

ومن أشار بشراء الطرح صرح أخيرًا بما معناه أن المليونيات صارت سبوبة إعلامية ومنظرة لا تخدم الثورة.

 

ومن كانوا يرفضون الاستفتاء ونتائجه؛ لم يجدوا إلا هذه النتائج وهذا الاستفتاء سندًا دستوريًّا معتبرًا يلوحون به في وجه الطوارئ، ومحاولة تأجيل الانتخابات أو العبث بمواعيدها.

 

وبعد أن سالت الدماء البريئة أمام ماسبيرو في أسود أيامنا بعد الثورة، عرف الجميع قيمة مواقف الإخوان التي دعت لضبط النفس، وعدم الانصياع للمطالب الفئوية الضيقة في مرحلة حرجة تتربص بنا الأعداء من كل جانب، سواء كانوا فلولاً أو ذيولاً أو حتى معدومي العقول أو القلوب.

 

ولعل أكثر المشاهد سخرية ومسخرة واستهبالاً هو موقف دعاة الليبرالية والديمقراطية الذين شنعوا على الإخوان بأنهم قد عقدوا صفقة حرامًا مع العسكر؛ ثم فوجئ المصريون أن هؤلاء الديمقراطيين يتوسلون إلى أولئك العسكر حتى لا يسلموا الحكم لحكومة منتخبة!!!!!!!!

 

لقد طالب مدعو الديمقراطية والليبرالية الجيش أن يبقى في الحكم بما لا يقل عن 3 سنوات، وذهبوا إلى رجال المجلس العسكري بهذا الطلب، بعد أن ذهبت مقالاتهم أدراج الرياح.

 

لقد ذهبت الغشاوة وعلم جميع أهل مصر المحروسة منهم أصحاب الصفقات الحرام التي تتعارض مع آمال الشعب وتطلعاته.

 

إن من يبحث عن منصب أو وزارة أو مكسب ما لا يمكن أن يفكر في التضحية أو المصلحة العامة بل إنهم لا يرون المصلحة العامة إلا في أشخاصهم وذواتهم.

 

ولا يختشون ولا يتورعون أن يصفوا الشعب بالجهل والأمية، ولا يخجلون من الكذب وترديد الشائعات والافتراءات.

 

وأحيلك أخي القارئ الكريم إلى ردِّ الدكتور محمود غزلان على بيان الجمعية الوطنية للتغيير، وكذلك جريدة الشروق؛ لتعرف أن هناك من يمارس العمل السياسي بمفهوم مهاجمة الإخوان دون أن يقرأ أو يفهم أو يعرف شيئًا عن الأمور التي يتكلم عنها للأسف الشديد المخجل.

 

لقد عرفت الآن لماذا كانوا يجترون موضوع الصفقة ليل نهار، ليس حقدًا سياسيًّا فقط، بل ربما لأن بينهم أيضًا بصمجية سياسيين!