- استطلاع مرشد سياحي: فوز الإسلاميين لا يؤثر على السياحة

- د. وحيد عبد المجيد: الإعلام المتهم الأول في هروب السياح

- د. عزة كريم: "الحرية والعدالة" قدَّم كوادر يثق بها الناخبون

 

تحقيق: مي جابر

 

بالرغم من ملل القارئ والمشاهد وحتى المستمع؛ لم تمل بعد غالبية وسائل الإعلام المصرية من استيراد فزاعات جديدة وفوبيا غربية، لإلصاقها بالتيار الإسلامي، في محاولات فاشلة لتشويه صورته وصرف الناخبين عن تأييده في أي انتخابات نقابية كانت أو برلمانية وحتى مجالس المدن والأمناء!.

 

ومن يتابع الجدل المستمر بالعديد من وسائلنا الإعلامية، ربما يعتقد أن البكيني صار الزي القومي للمصريين، والخمور هي مشروبهم المفضل، وعري السياحة هو مصدر دخلهم الوحيد، ورغم كل هذا الصخب، يأتي الناخب خاصة في المدن السياحية مثل الإسكندرية والأقصر والبحر الأحمر ودمياط، ليضع ممثلي التيار الإسلامي في المقدمة عبر الصناديق.

 

ولم يكن رأي الناخب كافيًا لوقف حملات التشويه التي طالت الناخب نفسه، لتتهمه بالقصور في الفهم والإدراك، وأنه لا يعرف مصلحته، وبالطبع لن يثنيها تأكيدات حزب الحرية والعدالة أن تنشيط السياحة ودعمها يأتي في مقدمة أولوياته، باعتبارها ركنًا أساسيًّا في تنمية الدخل القومي.

 

(إخوان أون لاين) استطلع آراء الشارع المصري وبعض المتخصصين والخبراء حول فوز مرشحي الحرية والعدالة بالمدن السياحية والساحلية، وهل يؤثر ذلك على انتعاش السياحة الأجنبية في السطور التالية.

 

دعم متواصل للسياحة

البداية كانت مع أحد شباب الإسكندرية، حسام الهواري (22 سنة)، وهو يرى أن فوز التيار الإسلامي في المدن الساحلية سيؤثر إيجابيًّا على السياحة، إذ يمتلك حزب الحرية والعدالة برنامجًا جيدًا يدعم ملف السياحة ويجيد التعامل مع الأجانب، مشيرًا أنه لا مانع من السماح لهم بممارسة ما يريدون في إطار الحرية الشخصية، بما لا يتعدى على حرية الغير.

 

وتابع: "كان للإخوان المسلمين إسهامات كثيرة في تنشيط السياحة بالإسكندرية؛ وخاصة بعد الثورة المصرية، كما كانوا الأكثر حرصًا على مظهر المدينة السياحي، من خلال حملات النظافة المستمرة، وتزين الجدران والأشجار، ووضع اللوحات الاسترشادية، وإقامة الحفلات الغنائية الهادفة، ولم يثبت على أحد من قياداتهم أنه هاجم السياحة طوال تاريخهم الطويل، ولذلك نالوا ثقة الشعب السكندري وحصلوا على أصواتهم".

 

ويضيف عمرو يوسف (طالب بجامعة القاهرة) أن مرشحي حزب الحرية والعدالة يدركون جيدًا أبعاد الظروف الحالية، ويمتلكون فقه الواقع من خلال ممارستهم الطويلة للسياسة، والتي تمتد لما يقرب من 8 عقود، مؤكدًا أنه ليس هناك ما يؤثر سلبيًّا على السياحة سوى وسائل الإعلام التي تبث الرعب في قلوب الجميع؛ سواء كانوا سياحًا أو مستثمرين.

 

عري وخمور!

وتشير صابرين عامر (طالبة جامعية) إلى أن السياح لا يأتون إلى مصر من أجل العري أو الخمور، ولكنهم مغرمون بالآثار المصرية والمناخ الرائع، موضحة أن كل ادعاءات العلمانيين بانهيار قطاع السياحة بحصول التيار الإسلامي على أغلبية مقاعد البرلمان كاذبة ومضللة، ويحاولون من خلالها مصادرة اختيارات الشعب المصري والتأثير على رأيهم.

 

وتؤكد أن الشعب الذي اختار نواب مجلس الشعب يعلم من خلال الواقع الذي يعيش وليس القنوات الفضائية وبرامج التوك شو، أن هؤلاء قادرون على إدارة البلاد من الناحية التشريعية في ظلِّ الظروف الحرجة التي تمرُّ بها مصر، مضيفة أن الأخلاق التي يتحلى بها شباب التيار الإسلامي وخبرات قياداتهم المتعددة هي أفضل دعاية يمكن استخدامها لإنعاش السياحة خلال الفترة القادمة.

 

الديمقراطية الجاذبة

ويقول محمد حلمي (مصمم جرافيك بالقاهرة): "التجارب الديمقراطية الناجحة تعجب الأجانب وتبهرهم، ولذلك يجب استثمار تجربة الانتخابات البرلمانية- بغض النظر عما أفرزته- في جذب السياح لزيارة مصر، كما يجب إعادة صياغة المنظومة السياحية؛ لنحاول اللحاق بتركيا وماليزيا وإندونيسيا التي تعتبر من الدول الإسلامية الأكثر جذبًا للسياح".

 

ويشير جمال عطية (محاسب- القاهرة) إلى أن البورصة المصرية حققت أعلى مكاسب بسبب الانتخابات البرلمانية؛ على الرغم من حصول الإسلاميين على أعلى نسبة أصوات بالمرحلة الأولى، وذلك بالرغم من الفزاعات التي تطلقها الأبواق الإعلامية للعلمانيين حول تكبد الاقتصاد المصري خسائر كبيرة في حالة وصول التيار الإسلامي لأغلبية بمجلس الشعب.

 

وتتعجب مريم أبو فادي من محاولات بعض من يطلقون على أنفسهم "النخبة" لتشويه الشعب المصري بأنه جاهل وقاصر، وغير قادر على اختيار من يرعى مصالحه، وتتساءل مستهجنة: هل لا يعلم أهالي الغردقة والبحر الأحمر والأقصر وغيرها من المدن السياحية اتجاه من صوتوا لهم؟".

 

وتؤكد أن الناخبين بهذه المدن يعلمون جيدًا أن الإخوان المسلمين لا يعرقلون أي شيء يعود بالنفع سواء الاقتصادي أو الاستثماري على البلد، مضيفة أن السياحة تعتبر جزءًا مهمًّا جدًّا لتحقيق هذا النفع، ولكن يجب ألا ينتقص من قيم الشعب المصري وأخلاقه.

 

ومن ناحيته، يطالب أحمد مراد (طالب بالثانوية العامة- القاهرة) أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية بتوضيح رؤيتهم للسياحة في جميع وسائل الإعلام، أو حتى من خلال وجودهم بالشارع المصري، حتى يتم القضاء على هذه المخاوف التي تؤثر سلبًا على الممارسة الديمقراطية.

 

ثقة الشعب

ويشير أحمد شحاتة (مدير إحدى شركات السياحية) إلى أن الناس تعلم جيدًا من لديهم رؤية واضحة وجيدة لتطوير السياحة، موضحًا أن الجميع يعلم أن حزب الحرية والعدالة قادر من خلال برنامجه على تطوير هذا القطاع الحيوي في المجتمع، خاصة بعد استعانتهم بمتخصصين لوضع هذا البرنامج الذي نال إعجاب أغلب الناخبين.

 

ويعتبر حصول الحزب على هذه الأصوات مسألة ثقة أولاً وآخرًا بين الناخب والحزب، ويضيف: خاصة وأن برنامج الحرية والعدالة هو الأفضل والأشمل، إذ شمل جوانب كثيرة لتطوير السياحة بينما غفل عنها باقي الأحزاب المصرية، مؤكدًا أن السياحة بمصر لا تمثل شارع الهرم فقط، وإنما تجد السياحة الثقافية والعلاجية والترفيهية مصدرًا أساسيًّا لجذب السياح إلى مصر.

 

مبادرة مرشد!

ويقول تامر أحمد، أحد المرشدين السياحيين وصاحب مبادرة استطلاع آراء بعض السياح الإيطاليين حول رؤيتهم لفوز الإسلاميين بالأغلبية البرلمانية: إن ما يقرب من 75% من المشاركين بالاستطلاع أكدوا أنهم يأتون لمصر من أجل الاستمتاع بآثارها وجوها الجميل، أما النسبة المتبقية فقالت إنها تخشى المجيء لدولة تفرض قيودًا على الحرية الشخصية كما تدعي وسائل الإعلام.

 

ويرى تامر أن هذه النسبة غير مؤثرة في قطاع السياحة، ولكن يجب أن يتم النظر لها باهتمام، مطالبًا الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية بمشاركة أصحاب الشأن من نقابة المرشدين السياحيين وممثلي الجاليات الأجنبية بمصر في وضع رؤيتها وبرامجها.

 

ويوضح أنه أعطى صوته للتيار الإسلامي، وهو على دراية كاملة بأنهم يمتلكون الفهم الجيد والصحيح، مضيفًا أنه يؤيد وضع قيود وضوابط للسياحة بمصر، ولكن بمعرفة أهل التخصص.

 

فزاعة وهمية

ويؤكد الدكتور وحيد عبد المجيد، رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن الفزاعات التي تطلقها برامج "التوك شو" هي أخطر ما يواجه السياحة الآن، إذ يصل إلى الغرب هذه الإدعاءات غير الصحيحة والتصريحات غير المسئولة، وهو ما ينفرهم من التوجه لمصر كبلد سياحي، مشددًا أنه لا يوجد مشاكل تواجه قطاع السياحة سوى الإعلام الذي يذيع أخبارًا كاذبة عن الانفلات الأمني، وانتشار الجرائم بعد الثورة، وأخيرًا محاربة الإسلاميين للسياحة.

 

ويشير إلى أن منظومة السياحة تحتاج إلى تطوير وإجراءات إصلاحية، هذا إلى جانب إصلاح عدة مفاسد في المجتمع، ومنها الاختلال الأخلاقي الذي يجعل السائح يهرب من مصر ويخشى زيارتها، مؤكدًا أن استقرار المجتمع بعد الانتخابات البرلمانية ووضع دستور جديد وانتخاب الرئيس سيساعد على معالجة هذه المشاكل تدريجيًّا ومن ثم استقرار قطاع السياحة وازدهاره.

 

ويوضح أن بعض وسائل الإعلام اعتادت مصادرة الإرادة الشعبية، واتهام الناخبين بالجهل وعدم الوعي، مشددًا على ضرورة التوقف عن ممارسة هذه السلوكيات حتى يقف نزيف الاقتصاد المصري ويتعافى سريعًا.

 

الشعب يريد الأخلاق

وتشير الدكتورة عزة كريم، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، إلى أن طبيعة البيئة تؤثر في اختيار الناخبين لممثليهم بالبرلمان؛ حيث يختار المرء من يتفق مع أفكاره ومعتقداته، ومن يعمل على حماية نشاطه الاقتصادي.

 

وأوضحت أن سكان المدن الساحلية يتميزون بشخصية انفتاحية على المجتمع، ويعتبرون السياحة والتجارة المصدر الأول لدخلهم، وعلى الرغم من ذلك اختار عدد كبير منهم مرشحي الحرية والعدالة، إذ يمتلك الحزب كوادر عديدة مثقفة ويتسم فكرها بالوسطية، وهو ما يجعلهم يثقون أنهم لن يخرجوا عن الأطر العامة للمجتمع أو يسعون إلى الضرر بمصالح الشعب.

 

وتُرجع سبب اختيار نسبة كبيرة من الناس لحزب الحرية والعدالة، إلى إيمان البعض بارتباط الأخلاق بالدين، ولذلك سعوا إلى التخلص من الفساد الذي عانوا منه كثيرًا من خلال اختيار من يرجح كفة الأخلاق، ويعيد توازن المجتمع من جديد، مؤكدة أن وسائل الإعلام هي من تبث البلبلة والقلاقل في الشارع المصري، وكأنها لا تريد الاستقرار للمجتمع من خلال تضخيمه لبعض الأمور الخلافية وبث السموم بين الأحزاب.

 

وتقول: "الشعب الذي استطاع أن يسقط الطاغية حسني مبارك في 18 يومًا، قادر على محاسبة من اختارهم من أعضاء مجلس الشعب، وإذا رأى منهم انحرافًا عن المسار الذي يرضيه ويرعى مصالحه سيسارع في إسقاطهم أيضًا، سواء من خلال صناديق الانتخابات أو الميادين المختلفة".

 

وتستعجب من إصرار بعض الإعلاميين على استضافة المتشددين فقط من التيار الإسلامي لتشويه الإسلاميين، على الرغم من وجود بعض الشخصيات الإسلامية الوسطية ذات الآراء المعتدلة، متهمة بعض القنوات الفضائية بالمتاجرة بعقول الجمهور من خلال دخولها في مباراة تجارية لجني ملايين الجنيهات على حساب استقرار الوطن.