تساؤلات كثيرة ترد على أذهان المصريين: لماذا كلما اقتربنا من الاستقرار وبدء مواجهة الواقع من غياب أمني- متعمد- وتكوين مؤسسات شرعية قوية لمصر يحدث بفعل فاعل!.

 

اضطراب في مصر تتعدد أشكاله لكنه يتسم دائمًا بالفوضى والعنف!! لماذا يوجد شباب مصري بشكل دائم في الميادين دون تحضير أو اتفاق أو هدف واضح؟! فلقد تعددت حوادث اختراقهم والتحرش بهم من قبل البلطجية تارةً والباعة الجائلين تارةً أخرى، وآخرين مندسين من جهات مجهولة تعلي من تشددهم أو تثير شغبًا يدفع فيه الشباب المصري الشريف ثمن طهارتهم ورغبتهم في الإصلاح؛ لغياب الشكل التنظيمي الذي يحول بينهم وبين فوضى الراغبين في عدم الاستقرار؟!

 

لقد قلنا مرارًا وتكرارًا إن الانتخابات البرلمانية هي البداية الحقيقية لاسترداد حقوق الشهداء والمصابين، وهي الوسيلة التي تؤكد أن الشعب المصري قد استردَّ دوره في رسم مستقبله، وهو من اليوم الذي تنجح فيه الانتخابات قد صار مصدرًا للسلطة! فمن له مصلحة في إفساد الانتخابات، وإثارة الشغب، وإراقة الدماء، وإصابة الشباب المتبقي والموجود في التحرير ومجلس الوزراء؟!

 

من له مصلحة في إسقاط هيبة الدولة عندما تعجز وزارة في الحضور في مقرها في قلب القاهرة اختلفنا أو اتفقنا معها بسبب مباراة كرة قدم يلعبها شباب في شارع المجلس؟! ومن المستفيد من الإصرار بالزج بلفظ شباب الثورة والثوار والتظاهر في ميدان التحرير في كل واقعة دموية قد تترك انطباعًا سلبيًّا لدى المصريين الذين نزلوا في التظاهرات، وتحرم المصريين من حق أثبت جدواه كلما كان منظمًا وهادفًا، وذلك عندما تجد أن الأمر قد تحول إلى ملهاة، وفقد قيمته بين شد وجذب واتهامات بالتخوين والتفريط  وإثارة الفوضى، وما لذلك من أثر سلبي على الاستفادة من الميدان عند الحاجة إليه؟!

 

أرى أنه قد كان من الأسلم أن تتوحد الإرادات إلى المشاركة في عمل واحد، إن ثبت عدم جدواه في الحفاظ على الثورة ولم يحقق أهدافها انتقلنا كلنا أو معظمنا إلى عمل آخر ووسيلة ثانية، لكن الفرقة التي شجع عليها بعض الموتورين الذين لا يجدون عيشًا من الناحية الشعورية أو النفسية أو المادية إلا في مناخ الفوضى يحرضون عليها ويرفضون، وهم غالبًا العلماء والخبراء والمتخصصون.. حوار المنطق والعقل وفقه الأولويات.

 

لقد ثار هذا الشباب الذي استمر أسابيع طويلة، وقد بدا له أن منطق الثائر الدائم والرفض اللازم وإملاء الشروط دون أن يبذل جهدًا في حشد عدد أكبر وتحديد هدف واضح ضاعت فرصة تحقيقه ويجتمع عليه الجميع، هو السبيل الوحيد للحفاظ على الثورة، ولم يدرك ولم يوضح له أحد ممن يستمعون له أن لكل مرحلة تصورًا وطريقًا وأدوات تختلف، لكن الروح واحدة، والهدف واضح لا يتغير؛ كي تتحرر مصر من ذل الاستكانة ورغبة البعض في إفساد فرحة التحول الديمقراطي، واستمرار نظام المخلوع بأسماء وأشكال أخرى!.

 

أليس في المجلس الأعلى رجل رشيد يوقف سيل التصريحات التي تثير الجدل وتزيد المخاوف لدى عموم المصريين؟ أليس هناك من يوقف تعرض الشباب للعنف والقتل والترويع ليفتح حوارًا، وننهي أزمة يستعملها البعض في تعكير مزاج الوطن كل فترة بتجديد الأحزان والاعتداء على التاريخ والحجر والشجر، ويحقق عدالة ناجزة لمحاسبة المتورطين في كل مرة يتم فيها الاعتداء على المصريين وترويعهم؟!

 

أليس هناك رجل رشيد في الأحزاب والقوى السياسية يرشدها إلى أن تقف وقفة رجل واحد؛ للحفاظ على الشباب والميدان من الانتهاكات الدائمة؟!

 

أليس هناك في الإعلام رجل رشيد يثمِّن مصلحة الوطن العليا في الاستقرار؛ بدلاً من ممارسة إعلامية مشحونة ضد توجه شعبي بانت ملامحه في نتائج المرحلة الأولى تحت تأثير أيديولوجي أو حزبي أو شخصي؟!

 

من يرغب في إشعال مصر بالتقارير المحرضة وأحاديث التوك شو المنحازة والتي تثير الفزع والخوف في قلوب من يشاهدها؟!

 

أليس هناك رجل رشيد في اللجنة العليا للانتخابات لوقف المخالفات والإجراءات التي لا تتسم بالشفافية في إعلان النتائج، حتى ظننا أن أمن الدولة ما زال يمارس نفس الدور بشكل جديد.. نتائج متأخرة.. وريبة حول لجنة الفرز في غياب المرشحين عن المنصة؛ رغم وجود حكم قضائي يلزم حضورهم؟!!

 

الشجون كثيرة، وكلما هممنا أن نستشعر رحيق الحرية ونستمتع بنتاج الثورة التي حركت الشعب المصري؛ ليمارس دوره لأول مرة بفرحة، تحرَّك المجرمون والمتربصون في الداخل والخارج لسرقة الثورة والفرحة من المصريين.

 

وفي النهاية، على المسئول الأول عن كل ما يحدث والذي يملك القرار والسيطرة وهو المجلس العسكري أن يأخذ دوره لحماية مصر والمصريين.

 

اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.