سوف يظل الاحتقان داخل الساحة المصرية مستمرًّا لفترة من الزمن لأن أسباب الاحتقان لم تعالج حتى الآن- بل إن عوامل تفاعل هذا الاحتقان تزداد يومًا بعد اليوم مما يهدد باستمرار حالة السيولة وعدم الاستقرار التي تؤدي إلى تأخُّر انتقال السلطة إلى الشعب أما أسباب الاحتقان فهي:-

 

1- طول الفترة الانتقالية:

 

كان المجلس قد أعلن من فترة انتقال السلطة إلى الشعب المصري ستة أشهر لا غير، وفق إعلان دستوري تم الاستفتاء وتحصَّن بإرادة شعبية جارفة.

 

مع طول الفترة تزداد الهواجس أن المجلس العسكري لا يريد ولا يرغب في ترك السلطة وإن انتقلت السلطة التشريعية إلى مجلس الشعب سوف تكون سلطةً منقوصةً غير كاملة فيما يتعلق بالشأن العسكري بمعنى:-

 

إن مجلس الشعب لا يحق له بأي حالٍ من الأحوال ممارسة دوره الرقابي والتشريعي فيما يخص الجيش- فلا تعرض عليه ميزانية الجيش- لا القوانين المنظمة له- بمعنى أن المجلس العسكري يُشرِّع لنفسه ويراقب نفسه وهو ما يخالف آليات الديمقراطية، رغم أن كثيرًا من الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة- وبريطانيا تناقش ميزانيتها وقوانينها داخل المجالس النيابية- بل إن ميزانية الجيش الأمريكي على الإنترنت- أما أن يكون للمجلس العسكري السلطة المطلقة في رقابة نفسه والتشريع لنفسه- فإن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة.

 

2- التصريحات المتوالية لرجال المجلس العسكري:

 

فقد صدرت عدة تصريحات لرجال المجلس العسكري تؤكد الهواجس وتزيد من القلق حول تسليم السلطة،  منها:

تصريحات:- أننا شركاء في الثورة- ومن المعروف بداهةً أن الشريك له حق- يا ترى ما هي الحصة التي يريدها المجلس العسكري؟ وهل أصبحت مصر كعكة يتم تقسيمها- رئيس مدني لا دخل له بالشئون العسكرية، ورئيس عسكري يُشرِّع لنفسه ويراقب نفسه!!!

 

تصريحات أخرى للواء الملا :

أن مجلس الشعب لا يُعبِّر عن الشعب المصري وكأنه يتهم الانتخابات بالتزوير، وأن الشعب جاهل- وإذا كان مجلس الشعب القادم لا يُعبِّر عن الشعب، فبالتالي ليس من حقه اختيار الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، وبالتالي هناك جهة أخرى سوف تضع الدستور، وبذلك يخرج الإعلان الدستوري عن أهدافه ويضرب بالإرادة الشعبية عرض الحائط، بل ومارس المجلس العسكري هذه المحاولات عبر:

 

* المجلس الوطني ورئيسه عبد العزيز حجازي.

* المؤتمر القومي ورئيسه يحيى الجمل.

* وثيقة السلمي نائب رئيس الوزراء.

* المجلس الاستشاري عبر الوزير منصور حسن.

 

والبقية تأتي ربما مسارات جديدة هدفها تقويض مجلس الشعب القادم ربما لأن نتائج المرحلة الأولى والثانية لم تعجب البعض فيريد البعض فرض الوصاية على مجلس الشعب واستمرار الحالة التي كان عليها أن مجلس الشعب ديكور لا يراقب ولا يُشرِّع ولا يضع دستورًا، ويكون أقرب إلى منتدى ثقافي أو شركة متعددة الأغراض ولا يعي هؤلاء أن هذه المرحلة قد انتهت، وأن الشعب سوف يُدافع عن الشرعية وحقه الأصيل في اختيار الحكام ومراقبتهم عبر النواب المختارين.

 

ومما يزيد من الاحتقان أيضًا التصريحات عقب كل حادثة عنف بدءًا من ماسبيرو مرورًا بالبالون إلى محمد محمود إلى مجلس الوزراء ومجلس الشعب.. نلخص أن التصريحات تنفي نفيًا قطعيًّا أن الأمن قتل أو سحل، وكأنَّ طلقات الرصاص أمطرتها السماء.

 

* بل يتعدى القول أن كل الوثائق والصور والأفلام (الفيديو) ملفقة ولا يعي البعض أن كل شاب وفتاة الآن بين يديه آلة لتوثيق الوقائع اسمها (موبايل)، وأنها ثوانٍ معدودات ويتنشر الفيديو في أنحاء العالم كافةً.

 

* نلحظ أيضًا بعد كل مصيبة يروح ضحيتها عشرات الشباب أنه لا اعتذارَ عما حدث وكأن الأرواح لا تساوي شيئًا مع أن الله عز وجل يقول: (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) (المائدة: من الآية 32)، فهي بالقطع جريمة ضد الإنسانية.

 

* نلحظ أيضًا عقب كل حادثة أن هؤلاء المتظاهرين هم البلطجية لم أرَ بلطجيًّا مقتولاً- فهل الشيخ عماد عفت بلطجي؟ وهل د. علاء عبد الهادي بلطجي؟ وهل د. غادة بلطجية؟ وهل وهل...........؟

 

ثم إن مسئولية القبض على البلطجية مسئولية الأمن وهو يعرفهم جميعًا لماذا تتركونهم كما زعمتم يفعلون ما فعلوا في المتحف المصري والمجمع العلمي وغير ذلك؟.

 

ألم يكن هؤلاء البلطجية أدوات النظام السابق حتى في العمل السياسي بدءًا من منع الناخبين وإرهابهم إلى تزوير الانتخابات وضرب النشطاء السياسيين إلى غير ذلك.

 

الحل لوقف الاحتقان:

* استمرار انتخابات المرحلة الثالثة مع مسئولية المجلس العسكري والشرطة لتأمينها؛ تمهيدًا لانتقال سلمي للسلطة.

 

* إعلان موعد انتخابات رئيس الجمهورية أو عقب انتخابات مجلس الشعب يصبح رئيس مجلس الشعب رئيسًا مؤقتًا للجمهورية وفق دستور 71 ويُشرف على المرحلة الانتقالية، وهي وضع الدستور وانتخابات رئاسة الجمهورية.

 

نحن نريد أن يحافظ الجيش على هيبته ويعود مرةً أخرى إلى حماية حدود البلاد، ولا دخلَ له بالسياسة ولا بحماية الشرعية فحماية الشرعية مهمة شعب.

 

* أن يتم الإسراع في محاكمة المخلوع ورفاقه.

* الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين.

* إنهاء تحويل المدنيين إلى محاكمات عسكرية.

* رعاية أسر المصابين والشهداء.

 

أخــيرًا:

أن يحدث توافق شعبي وسياسي حول مطلب واحد هو تسليم السلطة للشعب عبر الانتخابات البرلمانية- وأن يمارس مجلس الشعب كل اختصاصاته ولا يسمح لأي مجلسٍ أو سلطة أو غيرها للقفز وتقويض سلطات المجلس.