استهلال:

لطالب العلم مكانة عظمى في الإسلام، فلقد أثنى الله عليه في القرآن فقال عز وجل: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (المجادلة :11)، وأثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "من خرج في سبيل العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع" (رواه الترمذي)، وقال صلى الله عليه وسلم: "وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع.." (رواه الترمذي)، وهم حماس وحمية، وطاقة وثروة وطنية، وهم صناع المستقبل، ولقد ثار جدل حول قضية هامة هي:

& - هل يتفرغ الطلاب للعلم ولا يشغلوا أنفسهم بالعمل السياسي؟

& - أم يمارسوا العمل السياسي مع العملية التعليمية ؟

هذا ما سوف نتناوله في هذه الخاطرة بإيجاز .

 

واجب الطلاب نحو وطنهم

 

يجب على الطالب حب وطنه ويسعى لنهضته وتقدمه، يضحى بكل عزيـز لديه مـــن أجـــله، يشارك مع الآخرين في عمل الخير، آخذًا بقول الله عز وجل: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُـونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ) (آل عمران: 104)، يقول لإخوانه الذين يعملون من أجل الوطــن ويمارسون العمل السياسي: نتعاون معًا فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه؛ وذلك في إطار مجموعة من الثوابت التي تحقق للوطن الخير، ولا يوجد أي ضير أو حرج شرعي من الإختلاف في الأساليب والإجراءات.


 

هل من حق الطلاب ممارسة العمل السياسي؟

 

 ممارسة العمل السياسي من حقوق الطلاب في كافة الأيدولوجيات : الرأسمالية والاشتراكية والعلمانية والليبرالية وكذلك في الإسلام، فلا يجوز الفصل بين ممارسة العملية والعمل السياسي لأن كلاهما من أجل الوطن، كما لايجوز الفصل بين الدين والسياسة والاقتصاد والحكم.

 

وكان معظم مشاهير المشتغلين في السياسة طلاب علم وزاوجوا بين طلب العلم وبين العمل السياسي، لقد اشتغل مصطفى كامل ومحمد فريد وسعد زغلول ومصطفى النحاس وحسن البنا و الشعراوي والغزالي ....وغيرهم بالسياسة أثناء وجودهم بالجامعات، فمن مقاصد الجامعة تخريج طالب ذو ثقافة شاملة لكل نواحي الحياة، ولا يجوز عزله عن المشاركة في الاهتمام بوطنه.

 

 


ويجب على طالب العلم أن يوازن بين تحصيل العلم من جهة وبين همومه من أجل وطنه والسعي لنهضته وتقدمه بالأساليب المشروعة وفقًا لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية من جهة أخرى، فالاعتدال في كل شيء من الموجبات الدينية، ولا يجوز على الإطلاق سلب حق الطالب في المشاركة في العمل السياسي المنضبط بالقاعدة الشرعية: "لا ضرر ولا ضرار".

 

وفي هذا المقام يجب على ولى الأمر أن يحافظ على حق الطالب في إبداء رأيه ما دام يلتزم بالسلمية وبالمحافظة على الدين والنفس والعقل والعرض والمال  وهذه هي مقاصد الشريعة الإسلامية، ولا يجوز لولى الأمر التصدي للطلاب الذين يخالفونه في الرأي بالعنف الذي نهى الإسلام عنه لأن هذا يتعارض مع حقوق الإنسان في كل الأديان والأيديولوجيات والثقافات.

 

مسئولية ولى الأمر تجاه الطلاب الذين يمارسون العمل السياسي

إن مسئولية ولي الأمر الحوار مع الطلاب الذين  العمل السياسي و يخالفونه في الرأي أن يتعامل معهم بالحسنى واللين والرحمة وبالحجة والفكر، لأنهم يحبون وطنهم كما أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وليسوا من المفسدين في الأرض، بل من المصلحين، وهم أولى بالتعامل معهم بالحسنى وبالكلمة الطيبة الحسنة، فالعنف والقهر لا يولد إلا عنفا، ولهم حق مشروع في هذا الوطن مثل بقية الطوائف ولا يجوز حرمان أحد .

 

ويجب في كل الأحوال على الجميع (الطلاب وولى الأمر) أن يلتزموا بأمر الله عز وجل: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُـونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ) (آل عمران: 104)، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه" (رواه مسلم)، وبقول صلى الله عليه وسلم: "المسلم من سلم المسلمون من لســـانه ويده، والمؤمن مــن أمنه الناس علـى دمائهم وأموالهم" (رواه الترمذي).

 

وعندما يلتزم طلاب العلم بالضوابط الشرعية لتحصيل العلم وبممارسة العمل السياسي، وعندما يلتزم ولى الأمر بالضوابط الشرعية في التعامل مع طلاب العلم، تسير العملية التعليمية فيى الطريق المنشود ويسود الوطن الاستقرار والهدوء، وعندئذ تتحقق مقاصد الشريعة الإسلامية السمحاء وهي: "حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العرض وحفظ العقل وحفظ المال".

 

 فإلى تطبيق شرع الله يا من ترغبون في استقرار الوطن ونهضته

 

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل  وصلى الله علــى سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم