عشر سنوات مرت منذ صنع الشعب المصري ملحمة صمود بطولية في وجه الانقلاب العسكرى، حين واجه المعتصمون في ميداني رابعة والنهضة، وميادين مصر كلها، رصاص الغدر بصدور عارية، بعدما أعلنوا بصوت مدوٍّ أن ما حدث في الثالث من يوليو 2013م هو انقلاب على الإرادة الشعبية وصناديق الاقتراع.
كانت "رابعة" فرقانًا جديدًا، فكشفت زيف من يدّعون الوطنية، وأزاحت ستار أطماعهم، حيث أرادوها صدمة ورعباً ونهاية حلم، لكن الله أرادها نورًا كاشفًا لا ينطفئ ووقودًا للهمم والمبادئ لا ينفد.
لقد أدرك الشعب حقيقة أن للحرية ثمنًا غاليًا يدفعه المخلصون من أبنائه، ويبذلون في سبيل الوصول إليه الغالي والنفيس، وأن هؤلاء الصامدين الذين قضوا نحبهم، أو أودعوا السجون، أو هُجّروا في بقاع الأرض، فعلوا ذلك بدوافع وطنية مخلصة من أجل الحرية والعدالة والكرامة.
وأن جماعة الإخوان المسلمين، وهي تستذكر تلك التضحيات الغالية، وتترحم على أرواح الشهداء، وتحيي صمود المعتقلين وأسرهم، وتشد على يد كل من أضيروا منذ الانقلاب وحتى اليوم، لتؤكد على الآتي:
- أن محاولات التزوير والتدليس في وقائع مذبحة رابعة، وما تلاها أو سبقها من مذابح، بالإعلام المأجور والمسلسلات الكاذبة، لن تغير من حقيقة الرواية التاريخية الثابتة عن تلك المرحلة، والتي استقرت واقعيًا، ولم تعد محل تشكيك من قبل عموم الشعب المصري والمجتمع الدولي.
- أن كل الجرائم التي ارتكبتها السلطة الانقلابية ضد الشعب، في هذه العشرية لن تسقط بالتقادم، وأن استمرار الاستبداد والقمع لا يعني استقرار الدولة، لا سيما تفشي الفساد وانهيار الوضع الاقتصادي الذي لا تخطئه عين في مصر.
- أن إرادة الشعب المصري في الحرية والعيش الكريم واختيار من يمثله ويحكمه، ستكسر أكبر موجة عنف وقتل "نظامية" في تاريخ مصر الحديث، مهما طال الوقت.
- أن العدالة الانتقالية التي تنشدها مصر وتطالب بها الجماهير اليوم، لا يمكن أن تتجاوز هذا الحدث الأليم الذي أحدث شرخًا في المجتمع المصري وخلَّف العديد من المطالب بالقصاص العادل لضحايا وشهداء مصر.
كما تؤكد الجماعة، مجددًا، أنها -كإحدى قوى المجتمع الفاعلة- تمد يدها لجميع القوى الوطنية المخلصة، ولكل من أدرك الحقيقة بعد أن غابت عنه زمنًا؛ من أجل تجاوز هذه المرحلة العصيبة من تاريخ الوطن، والعمل لمستقبل مصر بيد كل أبنائها،  فمصر لن تسترد عافيتها ولن تتخلص من هذا الواقع الأليم إلا إذا توحد الجميع على اختلاف أطيافهم ووقفوا ضد الاستبداد والفساد: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [ آل عمران 103 ]
والله أكبر ولله الحمد
جماعة "الإخوان المسلمون"
الأحد 26 من المحرم 1445 هـ - الموافق 13 أغسطس 2023 م